الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تتجه أنظار العالم نحو مدينة الرياض بعد فوزها بتنظيم معرض اكسبو الدولي 2030 وفي تلك الأثناء تتجه الرياض إلى تحولات حضارية واقتصادية كبيرة نتج عنها تدخلات عديدة لتحسين البنية التحتية الأساسية للمدينة ومشاريع تنموية ضخمة تهدف من خلالها الجهات ذات العلاقة في مدينة الرياض لمواكبة النمو الحضري والمجتمعي والتقدم الهائل الذي تشهده المدينة على كافة الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.
ومن هذه المشاريع التنموية الضخمة التي تشهدها الرياض هو مشروع الملك عبد العزيز للنقل العام بمدينة الرياض بشقيه (قطار الرياض، وحافلات الرياض) الذي تسعى من خلاله مدينة الرياض لنقلة نوعية حضارية لم تشهدها المدينة من قبل. وبوادر هذا المشروع قد ظهرت لنا مع بدء تشغيل (حافلات الرياض) بعد أن تقرر إطلاق المرحلة الأولى للركاب في مارس من هذا العام، ثم تتابعت بعد ذلك مراحل الإطلاق الأخرى -ولا زلنا بصدد اكتمال بقية مراحل المشروع- وفي الوقت نفسه أطلقت الهيئة الملكية لتطوير مدينة الرياض برنامجًا تعريفيًا بالحافلات وخدماتها وأسعار رحلاتها وأوقات عملها، ليتسنى للركاب المستخدمين معرفة كل ذلك.
وعلى ذلك فإن استخدام الحافلات يعوّل عليه في الحد من استخدام السيارات الخاصة والتقليل من الازدحام المروري الذي تشهده مدينة الرياض، ويساعد في تسهيل حركة النقل الآمنة داخل المدينة، ويساعد كذلك على تخفيض نسبة انبعاثات الكربون الصادر من عوادم المركبات، ويحسن من المشهد الحضري للمدينة، ويدعم برنامج جودة الحياة، ويسهم بشكل مباشر في تحقيق استراتيجية مدينة الرياض 2030.
ولكن في مدينة الرياض عُرف عن التنقل بالسيارة الخاصة أنه أكثر رواجًا وأسهل مرونة وأضمن للخصوصية إذا ما قارناه بوسائل النقل العام، فبذلك لن نرى تحولًا كبيرًا من مستخدمي السيارات إلى استخدام النقل العام بمجرد توفر هذه الخدمة، لا سيّما إذا كانوا حديثي عهد بها، وبهذا فنحن الآن نخوض مرحلة تحدٍ كبير وصراع مرير لتعزيز ثقافة استخدام النقل العام والإيمان به كوسيلة نقل أساسية داخل المدينة، تعتبر أكثر أمنًا، وأجمل مشهدًا حضريًا، وكما لا يمكن إنكار أنه أقل بكثير من ناحية التكلفة الاقتصادية مقارنة بالسيارة الخاصة، آخذين بعين الاعتبار مع هذا كله أنه الصديق الأمثل لبيئة صحية مناسبة.
فأصبح لزامًا علينا تثقيف السكان باستخدام وسائل النقل العامة والمستدامة في المدينة، ويمكننا تعزيز هذه الثقافة عن طريق زيادة الوعي بفوائد استخدام وسائل النقل العامة وتوفير مزيد من الخيارات المريحة والموثوقة للمسافرين، ولا ريب أن الحافلات هي وسيلة نقل رائعة في الحضر، إذ يمكنها نقل العديد من الأشخاص في نفس الوقت وتوفير رحلات منتظمة ومريحة داخل المدينة.
ويمكننا تشجيع أصحاب السيارات الخاصة على استخدام وسائل النقل الحضري من خلال توفير مرافق ومواقف مجانية وآمنة للسيارات في محطات النقل العام، فالتثقيف حول فوائد وسائل النقل الحضري وتوفير المعلومات حول الخطوط والمواعيد وتكلفة الركوب يمكن أن يشجع الناس على استخدامها بشكل أكبر، كما يمكننا تعزيز الوعي بوسائل النقل الحضري أيضًا من خلال حملات توعية، وإعلانات دورية، وتوفير معلومات سهلة الوصول للجميع، لاكتمال الخدمات المساندة لوسائل النقل العام.
ويعد إظهار هذه التفاعلات أمرًا مهمًا في جذب وتحفيز الشركات والأفراد لتطوير السياسات المجتمعية ومواكبة التقدم والنمو الحضاري. فإذا حل هذا التجديد في المجتمعات والمؤسسات فإنه يعد مجلبة للاستثمارات العالمية والتحول العام إلى زيادة رؤوس الأموال المنتجة والزيادة في إنتاجية القطاعات الصناعية، ويقوم هذا على التزام المنظمات والجهات التي تمتلك صنع القرار بالمبادرات والبرامج والأنشطة التثقيفية التي تمثل ركيزة أساسية ذات أسلوب قيادي وإداري ينتج عنه فهم وإدراك تلك التغيرات المجتمعية الملموسة.
فهذا الزائر الجديد الذي يجوب شوارعنا لابد لنا من بذل الجهود التكاملية بين الجهات في القطاعين العام والخاص في سبيل نجاحه، وتهيئة الظروف الملائمة له والتحفيز والحث على استخدامه والمحافظة عليه وفق الضوابط التي وضعت له، فما هو إلا باكورة من بواكير هذا التنمية التي تشهدها بلادنا، ومؤشرًا من مؤشرات الرقي والحضارة التي توائم أهداف التنمية المستدامة ورؤية المملكة 2030.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال