الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تصدر قبل عدة أيام خبر (طرد) سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة أوبن إيه آي Open AI الأخبار في كل نواحي العالم خصوصا تلك التي تهتم بالتقنية والذكاء الاصطناعي، ولم تمض عدة أيام حتى عاد سام ألتمان إلى منصبه معززا مكرما. كثرت التكهنات حول أسباب استغناء الشركة عن خدمات سام التمان، ورغم عودته إلى منصبه ما زال الجدل قائما حول الأسباب الحقيقية التي دفع مجلس الإدارة المخلوع إلى اتخاذ قرار الإطاحة به.
وحسب تقارير إخبارية، فإن وكالة “رويترز” قبل 4 أيام من الإطاحة بسام ألتمان، كشفت نقلا عن شخصين مطلعين على الأمر، أن عددا من الباحثين والموظفين أرسلوا رسالة إلى مجلس الإدارة تحذرهم من اكتشاف قوي للذكاء الاصطناعي قالوا إنه “قد يهدد البشرية”.
قد يعزى السبب إلى أسلوبه في التواصل مع مجلس الإدارة، بناءً على ما أعلنته الإدارة على الأقل؛ فوفقاً لما ورد في البيان الصادر عن شركة أوبن إيه آي، أنه “في أعقاب عملية مراجعة تداولية أجراها مجلس الإدارة، خلصت إلى أن ألتمان لم يكن صريحاً دائماً في اتصالاته مع مجلس الإدارة، ما عاق قدرته على ممارسة مسؤولياته. ولم يعد مجلس الإدارة يثق في قدرته على مواصلة قيادة أوبن إيه آي”.
أو قد يعزى إلى خلافات حول استراتيجية الشركة ورؤيتها؛ فوفقاً لوكالة بلومبيرغ للأخبار، فإن العديد من الخلافات قد نشبت ما بين ألتمان وأعضاء مجلس الإدارة، وخصوصاً مع المؤسس المشارك وكبير العلماء في الشركة، إيليا سوتسكيفر. من هذه الخلافات ما يمسّ باستراتيجيات الشركة ورؤيتها، وخصوصاً ما يتعلق بمدى سرعة تطوير منتجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، وكيفية تسويقها، والخطوات اللازمة لضمان سلامتها وتقليل أضرارها المحتملة على الجمهور.
ومنها ما يتعلق بطموحات ألتمان الخاصة بريادة الأعمال؛ إذ كان ألتمان يتطلع إلى جمع عشرات مليارات الدولارات من صناديق الثروة السيادية في الشرق الأوسط، بهدف تأسيس شركة ناشئة متخصصة في إنتاج شرائح الذكاء الاصطناعي، وذلك من أجل التنافس مع المعالجات التي تصنعها شركة نفيديا (NVidia). وقد أثارت جهود ألتمان في جمع الأموال غضب سوتسكيفر وحلفائه في مجلس الإدارة، الذين راودتهم بعض المخاوف المتعلقة بأن الشركات الجديدة قد لا تشترك مع نموذج الإدارة نفسه المُتبع في أوبن إيه آي.
وعن عودته يقول خبير أمن المعلومات، رولاند أبي نجم، في مقابلة مع شبكة «CNN الاقتصادية»، أن ما حدث أظهر دور مايكروسوفت المحوري في عودة سام ألتمان، من خلال الضغط على كبار المستثمرين في أوبن إيه آي لتغيير مجلس الإدارة.
قال أبي نجم «نستخدم الآن الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل شات جي بي تي، وبارد، لكن كل الشركات أصبحت تتنافس على نوع أخطر وهو الذكاء الاصطناعي العام».
وأوضح أبي نجم، أن ما يفرق بين النوعين هو أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يخلق محتوى جديداً سواء نص أو صوت أو صورة من محتوى موجود بالفعل، في حين يعتمد الذكاء الاصطناعي العام على تفكيك شفرة التفكير البشري عن طريق تحليل البيانات، ومن ثَمَّ خلق شيء غير موجود مثل المشاعر.
22 نوفمبر 2023 سي ان ان الاقتصادية
ما استرعى انتباهي مقال في هارفارد بزنس ريفيو بقلم سهى ديوب بعنوان: هل وقع سام ألتمان ضحية متلازمة المؤسس؟
وبحثت عن متلازمة المؤسس ووجدت أن هذه المتلازمة نمط سلوكي يصاب به في الغالب مؤسسي الشركات. وللتوضيح أكثر كتب الأخ طلال الجديبي عن تلك المتلازمة في جريدة الاقتصادية بتاريخ 25 يوليو 2013، ومما تطرق اليه في مقاله أن: (متلازمة المؤسس أو ما يسمى Founder’s Syndrome، هي ليست مرضا عضويا، إنما حالة إدارية سلبية تؤثر في سير عمل المنظمة وتهدد مستقبلها. تنشأ هذه المتلازمة لدى المؤسسين -أو غير المؤسسين -الذين يقومون بدور جوهري ومسيطر في تأسيس وإدارة المنظمة. تظهر المشكلة حينما يتطلب النمو (أو التوسع) التغيير في مستوى سيطرة المؤسس وطريقة تعاطيه مع القرارات داخل المنظمة. على سبيل المثال، يبدأ المؤسس من الصفر في بناء منشأته، وبعد نجاحها تصل إلى مرحلة تتطلب إدخال شركاء جدد يعززون مواردها وقوتها، وعلى الرغم من أن المؤسس هو من يبحث عن هؤلاء الشركاء ويحضرهم بنفسه، إلا أنه يقاوم وجودهم وتدخلهم في مصير الشركة. من الصور الأخرى ما يحدث في مجالس الإدارة التي يحرص فيها العضو المؤثر والمسيطر على وجود أعضاء صوريين (أصدقاؤه على الأغلب) يتوقع منهم أن يتعاملوا معه بطريقة: ”بكل تأكيد، نعم نتفق معك”! فهم لا يستطيعون معارضته كثيراً ولا يرون مصلحة في ذلك بسبب طبيعة العلاقة بينهم وبين هذا العضو المؤثر، الذي -في نظرهم -يعي جيداً ما يقوم به.)
هذه المتلازمة موجودة في قطاعات كثيرة وليس لها علاقة بالمؤسسين بل أن بعضهم بمجرد توليه منصبا ما وحصوله على صلاحيات مطلقة يصاب بهذه المتلازمة.
ومما ذكر الأستاذ الجديبي في مقاله: (وجود أعضاء صوريين (أصدقاؤه على الأغلب)، أو ربما من ذوي القربى وهو ما يعرف بالمحسوبيات nepotism وللحفاظ على مراكزهم يتفقون معه قلبا وقالبا في قرارته حتى لو كانت لديهم وجهات نظر تختلف تماما مع توجهاته وقراراته. هذه هي الديكتاتورية المقنعة في الإدارة التي ربما تؤدي إلى نتائج كارثية على المؤسسة.
أعود إلى هارفارد بزنس ريفيو وسؤال وضعته الكاتبة سهى ديوب:
(لماذا يُطرد الرؤساء التنفيذيون؟
وجدت دراسة منشورة في مجلة الإدارة الاستراتيجية (Strategic Management Journal) عام 2020، أن قرار إقالة الرئيس التنفيذي لا يؤثر في هذا الشخص فحسب؛ بل يؤثر في معظم الرؤساء التنفيذيين في الشركات المنافسة، إذ يشعر هؤلاء بالقلق وانعدام الأمن الوظيفي، ما يؤثر سلباً في عملية صنع القرار الاستراتيجي، ويتراجعون عن المخاطرة، ويسمحون لفرص النمو بالضياع. أيّ يمكن القول إن إقالة الرئيس التنفيذي لها آثار مضاعفة في جميع أنحاء هذه الصناعة. ومع ذلك، ليس من الضروري أن يكون المؤسسون دائماً رؤساء تنفيذيين عظماء؛ بل ثمة العديد من الأسباب التي قد تدفع مجلس الإدارة إلى إقالة الرئيس التنفيذي؛ مثل:
-مشكلات الأداء أو الأخطاء الاستراتيجية.
-النتائج المالية الضعيفة، أو انخفاض قيمة الأسهم.
-أسلوب القيادة غير السوي والصراعات الشخصية مع مجلس الإدارة أو أصحاب المساهمات.
-الانتهاكات الأخلاقية، أو الخلافات القانونية، أو الافتقار إلى الشفافية ما قد يؤدي إلى انخفاض الثقة في الرئيس التنفيذي.
-الفشل في التكيف مع ديناميكيات السوق، أو الاستجابة غير الكافية للتغيرات السريعة في عالم الأعمال.)
لكن عاد سام ألتمان بعد أقل من أسبوع، ومثلما كثرت التكهنات عن أسباب(طرده) أو الاستغناء عنه زادت التخمينات عن أسباب عودته. تبقى الأسباب في كلتا الحالتين مجهولة يعلم بعضها سام ويخفى عليه البعض.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال