الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الجمعيات الأهلية تلعب دورًا حيويًا في تنمية المجتمعات وتحسين جودة حياة الناس، فهي كيانات غير ربحية تهدف إلى المساهمة في تطوير المجتمع المحلي وتقديم الخدمات والدعم للأفراد، وعادة تتأسس هذه الجمعيات بواسطة مجموعة من الأفراد الذين يشتركون في رؤية وغايات مشتركة، سواء كانت ذات طابع خيري، اجتماعي، ثقافي، تعليمي أو بيئي، ولكن هل سيؤمِّن الحراك الرائع الحاصل في هذا المجال استدامة هذه الجمعيات مستقبلا؟
لا شك في أن هذه الجمعيات الأهلية تساهم في تعزيز التنمية والمشاركة المجتمعية، والعمل على تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، خاصة إذا ما كانت تقوم بتنفيذ برامج تعليمية وتدريبية تهدف إلى تطوير المهارات والقدرات للأفراد، مما يؤدي إلى زيادة فرص العمل وتحسين مستوى معيشتهم، مما يساهم في تعزيز الرفاهية العامة، هذا بجانب تعزيز الوعي بالقضايا الاجتماعية، وتحقيق التوازن الاجتماعي في مجالات متنوعة.
لكن النيات الطيبة في تأسيس هذه الجمعيات والجهود التي غالبا ما تكون فردية لا تكفي لحمايتها من تحديات يمكن أن تؤدي إلى تراجعها وتدهورها، بل وفي بعض الأحيان قد تؤدي إلى إلغائها تمامًا!
من أهم التحديات هو شح التمويل لتغطية نفقاتها وأنشطتها، خاصة إذا ما كانت تعاني من قيادات غير فعالة أو ضعيفة ليس لديها الرؤية واتخاذ القرارات الاستراتيجية وتنفيذها بفاعلية، مما ينعكس سلبًا على أداء الجمعية، وتباعا ويؤدي إلى انخفاض الدعم والمشاركة من قبل الأعضاء والمتطوعين.
أيضا، هناك جمعيات تتأسس ولكن لا يكون لديها القدرة على التكيف نتيجة العقلية التقليدية التي تديرها، فترفض الاستجابة لمطلب التكيف للتغيير في البيئة المحيطة بها، مثل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والقانونية، وإذا كانت مثل هذه الجمعيات غير قادرة على التكيف مع التغيرات وتطوير استراتيجيات جديدة للتعامل معها، فقد تجد نفسها في وضع صعب نحو التراجع.
من المهم مراقبة أداء هذه الجمعيات ومساعدتها للتكيف والتطور نحو الاستدامة وتوسيع نطاق أنشطتها، وهذ يستدعي تطوير مهارات ومعرفة قيادات والأعضاء التنفيذيين في هذه الجمعيات من خلال ورش العمل والدورات التدريبية والمشاركة في المؤتمرات والندوات ذات الصلة بتخصصات الجمعيات.
لذلك، دعم هذه الجمعيات ومساعدتها لبناء شبكات تعاونية مع جمعيات ومؤسسات أخرى ذات صلة في تخصصاتها لاسيما في القطاع الخاص والمنظومة التعليمية (المعاهد والجامعات) مسألة مهمة لتعزيز التعاون وتحقيق الأهداف المشتركة نحو المجتمع، وهنا تكمن فرصة رائعة للقطاع الخاص لعرض مسؤوليتها الاجتماعية من خلال مساهماتها المالية والفنية، التي ربما حان الوقت لإلزامها بها.
قلة الاهتمام والمشاركة، نقص التمويل، نقص القيادة الفعالة، عدم وضوح الرؤية والأهداف، عدم التكيف من التغيرات المحيطة، ونقص إيمان المجتمع بها، كلها عوامل تساهم في تسريع فشل الجمعيات الأهلية واستمراريتها، ولكن يمكن لها تحقيق النجاح والتطور والاستدامة.
من جانب، تحتاج هذه الجمعيات من اتباع بعض السلوكيات الهامة، مثل التعاون، المسؤولية والانضباط في دعم المجتمع، الشفافية والمصداقية في الأداء، التطوير المستمر، والقيادة القوية، ومن الجانب الآخر، هي بحاجة لمراقبة قريبة من قبل الجهات ذات العلاقة في القطاع العام، ومساعدة وإسناد من القطاع الخاص، بغية المحافظة عليها لما لها من دور ليس في خدمة الداخل فقط، ولكن في المساهمة الفاعلة من خلال المشاركة التي تليق باسم المملكة العربية السعودية في المحافل الدولية لعكس الصورة الواضحة والعريضة لما يحصل من تطور اجتماعي مبهر في الوطن.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال