الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في المقال السابق، تحدث بشكل مختصر عن كيفية بروز فكرة خدمة العملاء. السبب في إيراد المقال التاريخيّ، هو إلقاء الضوء و توضيح رسالة هامة تخص خدمة العملاء. هذه الرسالة تركز على أن فكرة خدمة العملاء لم تتولد من الحاجة القانونية، وإنما توصلت من الحاجة الاقتصادية والتي تهدف إلى الترويج للمنتج. و تطور تقديم الخدمة للعملاء تزامن بشكل كبير من الثورة الصناعية ومع الاختراعات التي توالت على البشرية خلال القرن العشرين والواحد والعشرين. والدليل الصارخ هو أن أهمية خدمة العملاء هي أهمية اقتصادية في المقام الأول، هو مؤسس شركة J.R.Watkins والتي تأسست منذ 150 عام تقريبا، والمستمرة في عملها إلى يومنا هذا.
ولعليّ في مقال اليوم سأتكلم بإيجاز حول أهمية القانون في مجال خدمة العملاء قبل الحديث عن الأهمية الاقتصادية في المقال القادم.
عند الحديث عن “قانون حماية المستهلك”، فمن الوهلة الأولى، يشعر القارئ أو السامع لهذا المصطلح ان هذا القانون وجد من أجل سلامة المستهلك منذ بداية عملية الشراء وحتى نهايتها. سواء كان الشراء لمنتجات عبر الإنترنت أو خارجه. لكنه في الواقع، صاحب المصلحة في وجود قانون حماية المستهلك ليس فقط المستهلك بشكل رئيسي. وإنما مقدم الخدمة ايضاً يعتبر من المستفيدين الرئيسيين في مثل هذا النظام، على الرغم من أنه قد يشعر احيانا انه طرف تم الحد من حريته في ممارسة نشاطه التجاري بالشكل الذي يريده مما يحمله تكاليف إضافية يرى انه هو في غنى عنها، ولكن في الواقع، وجود قانون يضمن تجربة مستفيد مرضية يعني رفع نسبة العملاء ورفع نسبة ولاء العميل لمزود الخدمة. من ضمن المصلحة المرجوة من حماية المستهلك ايضاً “جذب السياح”، فعندما تكون الدولة منفتحة على العالم، بكل تأكيد، أحد العناصر التي ترفع من عدد الزوار، حيث أن النظام يضمن رحلة مستفيد مرضية، مما يدفعه للعودة مرة أخرى للدولة احيانا، والترويج لها عالميا. من اصحاب المصلحة هو جذب الاستثمار وتحقيق الاستقرار والشعور بالأمان، خصوصا ان خدمة العملاء ليست محصورة على التجارة فقط، وإنما تشمل ايضاً القطاعات الحكومية وماتقدمه من خدمات.
وبالتالي، هذا النظام لابد أن يركز على مرحلتين يمر فيها المُنتج المقدم اياً كان نوعه. ربما المستهلك لا يشعر بوجود هاتان المرحلتان، ولكن في الواقع، تجربة العميل يرافقها مرحلتان وهي مرحلة ما قبل انطباق النظام على المستهلك ” أي قبل استخدام الخدمة أو اقتناء المنتج”، ومرحلة ما بعد انطباق القانون، وهي مرحلة اقتناء المنتج أو الحصول على الخدمة. يتعين على أي مُصنع لمنتج أن يأخذ في الاعتبار هذه معلومات المنتج، خاصة فيما يتعلق بكيفية استخدام المنتجات والتجارب السابقة فيما يتعلق بإساءة استخدامها في الماضي. هل هذه المعلومات متاحة، كافية، مضللة، غير كاملة، أو مبالغ فيها؟ هل تحتاج الشركة المصنعة إلى البحث في قواعد بياناتها للعثور على مثل هذه المعلومات الواردة من المستهلكين أو التحدث إلى التجار وتجار التجزئة حول المشكلات التي واجهها المستهلكون سابقًا أو كادوا يواجهونها؟ وهل يواجه المنافسون للمنتجات المماثلة نفس المشكلات أو مشكلات أخرى؟ إذا فاتت مقدم الخدمة معلومات ذات صلة، كانت تستطيع جمعها من المستهلكين، أو من أي مصدر آخر، فهذا يعني معدل ارتكابها للأخطاء مرتفع، مثل تغيير في التحذيرات والتعليمات التي يفترض أن يحتويها المنتج. و بالتالي، فقد تكون مسؤولة عن بيع منتج معيب وقد يعتبر سلوكها “إهمالاً”. لكن، في حال تمت الاستفادة من بعض هذه المعلومات، يكون لدى مقدم الخدمة فرصة توقع المشكلات المحتملة بشكل أفضل، ليتمكن من اتخاذ خطوات للتخفيف من المخاطر، وعدم الوقوع في أخطاء قد تعرض مقدم الخدمة للمساءلة، أو إساءة لسمعته.
أما مرحلة ما بعد انطباق القانون على المستهلك، تأتي مرحلة الاستعانة بخدمة عملاء فعالة، حيث أنها تعتبر مرحلة مهمة. يعتبر موظفو خدمة العملاء أعين وآذان مقدم الخدمة. حيث أنها هي المرحلة التي تستطيع المنظمة التنبؤ بمستقبل أعمالها من خلال الأسئلة والاستفسارات والمشاكل التي يواجهها سواء المستهلك أو العميل اياً كان مسماه. القانون واسع جدًا في هذا المجال، كما أن عواقب القيام بعمل سيء في تحديد وتحليل مخاطر ما بعد البيع تكون كبيرة جدًا. لذلك عند بناء القاعدة القانونية ذات العلاقة بحماية المستهلك، لابد من احتوائها على ثلاث أركان رئيسية: حقوق جوهرية، إمكانية التطبيق وتحقيقه للتنمية، والمساءلة.
بحيث، يحتوي النظام على حقوق المستهلك ومقدم الخدمة، وبناء القواعد بشكل قابل للتطبيق ويحقق أهداف تطوير الاقتصاد والتجارة، وتحقيق شعور الأمان للمستهلك عن طريق توفر مساءلة مفعلة.
مثلا، في معظم الولايات القضائية في الولايات المتحدة الأمريكية، لا يفي تصنيع وتصميم وبيع المنتجات الآمنة تمامًا ومتطابقة مع المعايير والاشتراطات بالواجبات القانونية للشركة المصنعة للمنتج. لذلك،وفقا للسوابق القضائية المتعلقة بهذا الموضوع، رأت المحاكم الأمريكية أنه على الشركات المصنعة واجب تحذير مستخدمي المنتج عندما يعلمون بوجود مخاطر في منتجهم بعد البيع، حتى لو لم يكن المنتج معيبًا عند بيعه. وذلك لحماية حقوقهم. ولكن، بالطبع هذه العبارة غير منقذة إذا ثبت أن العيب نتيجة التقصير، وهذا موضوع واسع وليس محل نقاش في تفاصيلة، ولكنه موضوع مهم عند سن نظام ذا علاقة بحماية المستهلك. أهمية هذا الموضوع يترافق مع مواضيع مختلفة يمكن يحتويها نظام حماية المستهلك.
في المملكة، لازال نظام حماية المستهلك لم يرى النور، ولكن بكل تأكيد في إصداره ونفاذه، سيكون له أثر كبير من النواحي الاقتصادية بالتحديد. ولكن، يجب ان يشمل النظام الإشكالات التي يواجهها المستهلك المتعامل مع مقدمي الخدمات، ففي حين غطى مشروع النظام العديد من المواضيع، الا انه لازال هناك موضوعات وحالات هامة لابد من معالجتها مثل موضوع تعويضات العميل أو المستهلك وآليات التعويض.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال