الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
اطلعت على عدد من كراسات الشروط لمناقصات حكومية مختلفة مطروحة من عدد من الجهات الحكومية، وسألت بعض العاملين في قطاع الأعمال ممن أهلتهم شركاتهم للدخول في هذه المناقصات، وأود ان اشير الى ان الشروط الواردة في الكراسات على المتعاقد، وفق ما اطلعت عليه، موضوعه ومعتمدة من وزارة المالية في خطوطها العامة. ولا شك عندي ابدا ان الاشتراطات إنما وضعت بغرض حفظ مصالح الجهات ذات العلاقة بلا استثناء، واتت بغرض وبنية محاولة ضمان اعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، وبما يحقق كفاءة أنفاق دون اي اضرار بجودة المشروع وتحقيق الهدف منه. أيضا طرح مشاريع للقطاع الخاص هو شكل من أشكال النهضة به ومشاركته في التنمية والبناء، وهو ايضا اقرار ضمني بقدرة القطاع الخاص الفنية والمهنية والادارية ايضا.
لفت نظري في كراسات الشروط، ولم اجد له تفسير، هو التدخل في مواصفات موظفي المقاول والأيدي العاملة، فيشترط مسميات وظيفية محددة، ويشترط عدد سنين خبرة محددة ويشترط مؤهلات محددة ولم يتبقى في رأيي سوى تسمية الموظفين من الجهة الحكومية وفرضها على المقاول، طبعا انا اقول لم يتبقى سوى تسمية الموظفين من باب تفاجئي من تفصيل ما تعتقد الجهة الحكومية انه ضروري لجودة تنفيذ المشروع. وهذا في رأيي أمر ينبغي الالتفاته اليه، فالقطاع الخاص هو من ينبغي ان يحدد وفق تقديره الاكفأ للقيام بالعمل، حتى لا يحدث تحايل على القانون بمعنى يقدم المقاول اسماء وخبرات واذا رست عليه المناقصة احضر آخرين للتنفيذ، واعتقد ان هذا واقع وملموس.
حقيقة ارى ان اشتراط الجهة الحكومية لطبيعة الموظفين من حيث المؤهلات والخبرات هو تدخل غير محمود بتاتا، وانا افهم ان يوضع شرط عام ينص على ضرورة ان يكون المقاول ملتزم بقوانين وتشريعات وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بنسبة 100% (وهذا مهم)، ولكن لا افهم ان يتم فرض هيكل تنظيمي وظيفي تفصيلي يشمل عدد سنين خبره وشهادات محددة بالاسم بل وحتى مسمى الوظيفة على المقاول الذي يفترض ان يكون هو اقدر على وضعه وفق تقديره.
حريا بنا ان نشير الى ان وضع مؤهلات بعينها وخبرات محددة ليس معناه أن المشروع سيتم تنفيذه بدقة وعلى اعلى المعايير، فكم من مشروع طُرح كمناقصة وتم تنفيذه دون المأمول او تعثر المشروع. هنا استثني الأعمال الإنشائية والتي فعلا تتطلب مهندسين بخبرات تراكمية (قد) تكون محددة. اعتقد ان الافضل هو ترك المتقدمين على المناقصة للتنافس فيما بينهم ماليا وفنيا بما فيهم الفريق المناط به العمل.
سأعود لموضوع الخبرة، وسأضرب مثالا بشخصي، فأنا املك قرابة الـ 18 سنة من الخبرة العملية المهنية، ولكن اجزم ان هناك من هو اكفأ مني فنيا واداريا ومهنيا ممن لم تتجاوز سنين خبرته سنتين فقط (اجزم بذلك). والافتراض بأن عدد سنين خبرة معينة او مسمى وظيفي معين يضمن كفاءة عالية اعتقد غير صحيح اطلاقا.
امر اخر وهو متطلبات المشروع، اذا تحتوي بعض الكراسات على متطلبات متعددة تفوق (اصلا) المبلغ المرصود لميزانية المشروع فكم مشروع تم إلغاءه لأن العروض المالية المتقدمة تفوق (جميعها) الميزانية المرصودة، اذ ان بعض كراسات العروض يضع متطلباتها أشخاص قد لا يعرفون وضع السوق واسعاره وبالتالي يبالغون في الخدمات المرغوب تقديمها مثلا بما لا يتوازى مع الميزانية المرصودة.
من حق الجهات الحكومية وضع اشتراطات معينة لكوادرها، ولكن في رأيي ليس من حقها فرض اي شئ من هذا على المقاولين أو أي من جهات التعاقد من القطاع الخاص، فهذا شأنهم وحدهم وهم اقدر على تحديد من هو مؤهل للقيام بالعمل من عدمه. وفي النهاية تقوم الجهة الحكومية بواجبها في التأكد من سلامة التنفيذ، دون التدخل في شأن المقاول الداخلي بأي حال من الأحوال.
هناك امورا عديدة ينبغي النظر لها في كراسات المناقصات الحكومية، واعتقد ان التطور الكبير الذي عملت عليه وزارة المالية بحكم مسؤوليتها عن منصة اعتماد وايضا مسؤوليتها المالية بحكم متابعتها للانفاق المالي يشهد له الجميع، فمعالي الاخ محمد الجدعان محل اشادة دولية في تحقيق مستهدفات الرؤية ومحل اشادة ذوي التخصص وكافة جهات القطاع الخاص المتعاقدين مع الجهات الحكومية المختلفة. ولكن النظر في إعادة هيكلة اشتراطات الدخول في المناقصات في رأيي ينبغي ان يعطي بحبوحة عاليه للقطاع الخاص الذي أصبح اكثر نضجا في إدارة شأنه.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال