التعدين في السعودية: قصة واعدة

أعلنت شركة التعدين العربية السعودية (معادن) مؤخراً عن اكتشاف محتمل لإمكانات كبيرة من موارد الذهب تمتد على طول 100 كيلومتر من منجم منصورة ومسرة للذهب الحالي.

ويعد هذا أول اكتشاف ضمن برنامج الاستكشاف المكثف في معادن والذي أطلق في عام 2022م ويهدف إلى بناء خط إنتاج معادن. وهذا ليس وليد الصدفة حيث ارتفع عدد رخص الكشف والتعدين خلال الثلاث أعوام الماضية بأكثر من 200% مقارنة بما تم خلال السنوات السبع الماضية.

من المعروف أن منطقة الدرع العربي تعتبر مصدراً رئيسيا للمعادن الثمينة والأساسية بمساحة تبلغ 700 ألف كم مربع أو ما يعادل مساحة دولة كازخستان. لكن التنقيب واستخراج الذهب هو جزء واحد فقط من المنظومة التعدينية بالمملكة حيث تقدر قيمة المعادن غير المستغلة 1.3 تريليون دولار وهو رقم يعادل الناتج المحلي الإجمالي السنوي لبعض الدول مثل استراليا وإسبانيا.

ويعد قطاع التعدين الركيزة الثالثة في الاقتصاد الوطني بعد النفط والبتروكيماويات حيث كشفت وزارة الصناعة والثروة المعدنية عن رؤية ثلاثية المحاور أولها استقرار سلاسل التوريد والتصنيع وثانيها البيئة الاستثمارية المحفزة وثالثها هو التنمية المستدامة مع التركيز على المعادن الخضراء.

المعادن الخضراء
هي مجموعة معادن تستخدم في انتاج الطاقة النظيفة وتساعد في الوصول إلى الحياد الكربوني الصفري، وتشمل هذه المجموعة معدن النحاس والنيكل والزنك والكوبالت والليثيوم والجرافيت وغيرها.

ولعلنا نتساءل عن الكميات المطلوبة من المعادن السابقة للوصول إلى الحياد الصفري؟
*خمسون منجما لليثيوم وتتصدر بوليفيا الدول المالكة لمخزون عالي من الليثيوم
*60 منجما للنيكل وتتصدر دولة اندونيسيا القائمة
*17 منجما للكوبالت وتتصدر القائمة دولة الكونغو في وسط افريقيا
ولعلنا نتساءل أيضا لماذا منطقتنا؟ ما هي الميزة التنافسية التي تمتلكها المنطقة لتجعلها لاعباً مؤثراً؟
أولاً- المقصود بالمنطقة هي دول الشرق الأوسط وقارة أفريقيا بأكملها والهند وأسيا الوسطى
ثانياً- بين دول تلك المنطقة تحالف وتبادل تجاري كبير وخطوط شحن بري وبحري ضخمة
ثالثا- تضم المنطقة 41% من دول العالم (بواقع 79 دولة) و46% من تعداد العالم السكاني و11% من الاقتصاد العالمي
ولماذا المملكة؟
*المملكة هي اقتصاد رائد في مجموعة العشرين ولا يزال ينمو
*تحتل المركز الأول في النمو السكاني بين دول المجموعة خلال الخمس سنوات القادمة
*الاقتصاد السعودي هو الأعلى نموا بواقع 8.7% لعام 2022
*موقع استراتيجي تنافسي بين ثلاث قارات يسهل الوصول إليها خلال ساعات قليلة
*يوجد بها 14 مطاراً دولياً و13% من التجارة العالمية تمر خلال البحر الأحمر

ويعتمد قطاع التعدين بالمملكة على أربع ميزات تنافسية رئيسية
أولاً-وجود الثروة المعدنية حيث تتجاوز قيمة المعادن غير المستغلة التريليون دولار
ثانياُ- الطلب المحلي المتزايد يتمثل في أمثر من تريليون دولار للمشروعات الانشائية الضخمة
ثالثاً- الخدمات المتطورة في البنى التحتية ووجود مدن تعدينية مخصصة مثل رأس الخير ووعد الشمال وتوفر الطاقة والمياه بأسعار تنافسية
رابعاً- قوة المملكة الاستثمارية متمثلة في استثمارات الصندوق السيادي في قطاعات الطاقة والتعدين والتقنية والبيانات

يجدر الذكر بأن التطور في قطاع التعدين يعتمد اليوم بشكل متزايد على التقنية والبيانات الضخمة وتجميعها وترصيصها حيث يستخدم الذكاء الاصطناعي في الكشف عن المخزون المعدني في باطن الأرض وفي مواقع مختلفة دون الحاجة لعمليات الحفر والتنقيب التجريبي، وتساعد تقنية الذكاء الاصطناعي على تحليل أحجام ضخمة من البيانات الجيولوجية وصور الأقمار الصناعية بالإضافة إلى المعلومات التاريخية المسجلة لمعرفة واستنباط مخزون المعادن في باطن الأرض.
وتعتبر قفزة السعودية في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي جزءا أساسيا من رؤية 2030 حيث سيتعين على معظم القطاعات التكيف من أجل تحقيق أقصى قدر من الفوائد التي يجلبها هذا التحول ومن ضمنها الفائدة المرجوة في قطاع التعدين.
بالنسبة للاستثمار والإنفاق على عملية الاستكشاف فتعتبر كندا الأولى عالميا تليها استراليا ثم الولايات المتحدة ثم تشيلي والمكسيك. ومن تحديات قطاع التعدين بالمنطقة نجد قلة الشركات الوطنية التي تقود عملية الاستكشاف – ولا يتطلب هذا أن تكون الشركات ضخمة بل المجال مفتوح أمام الشركات المتوسطة والصغيرة كما هو معمول به في الدول الخمس الأولى.
وفي هذا الإطار تستضيف المملكة خلال أيام مؤتمر التعدين الدولي في نسخته الثالثة بمدينة الرياض لاستعراض ابرز تطورات وتحديات القطاع وإيجاد الحلول وتبادل الفرص الاستثمارية وجذب الاستثمارات الدولية لتطوير سلاسل القيمة المعدنية في المنطقة. ومن المتوقع أن يستضيف المؤتمر أكثر من 145 دولة مشاركة و250 متحدث و70 مذكرة تفاهم وأكثر من 13 ألف زائر بزيادة ثلاثة أضعاف عن النسخة الأولى في 2021.