الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
على ضوء العولمة الاقتصادية، لا يقتصر دور العملة على بلد واحد. لا شك أن تدويل عملة دولة ما هو تجسيد مباشر لقوتها الاقتصادية وتأثيرها العالمي. في السنوات الأخيرة، لفت اليوان الصيني “الرنمينبي” الانتباه، خاصة في مجال التمويل التجاري الدولي، مما أثار اهتمام العالم.
أظهرت البيانات الأخيرة التي نشرتها جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك (نظام سويفت) أن حصة الرنمينبي في المدفوعات العالمية ارتفعت من 3.6% في أكتوبر عام 2023 إلى 4.6% في نوفمبر في العام ذاته، وهو رقم قياسي جديد للعملة الصينية. وتجاوز اليوان الصيني للمرة الأولى منذ يناير 2022 الين الياباني ليصبح العملة الرابعة الأكثر استخداما في المدفوعات الدولية.
في الوقت نفسه، تعتمد هذه النسبة فقط على إحصائيات من نظام سويفت، علما بأن هناك العديد من التسويات التجارية خارج هذا النظام. على سبيل المثال، في السنوات الأخيرة، كانت الصين تروج بقوة لنظام الدفع الصيني CIPS، لتوفير خدمات أكثر ملاءمة وسرعة لتسوية التجارة عبر الحدود. وبدأت المزيد من البنوك المحلية في البلدان الأخرى في إنشاء أعمال للرنمينبي والانضمام إلى نظام CIPS.
اليوان الصيني كأداة للدفع الدولي يجذب اهتماما متزايدا، حيث تستمر نسبة الدفع عبر الحدود باستخدام اليوان الصيني في الارتفاع، مما يعكس زيادة شعبية الرنمينبي في مجال التسوية والدفع عبر الحدود.
بالإضافة إلى وظيفة التسوية والدفع، يتعزز دور الرنمينبي في مجال التمويل والاستثمار. في سبتمبر من العام الماضي، بلغت نسبة الرنمينبي في تمويل التجارة العالمي 5.8%، متجاوزة اليورو ليصبح بذلك ثاني أكبر عملة تمويل تجاري في العالم. بالإضافة إلى ذلك، يوفر إصدار السندات الدولية المقومة باليوان خاصة “سندات الباندا” و”سندات المبلغ الخافت”، يوفر وسيلة للمؤسسات المالية العالمية لجمع الأموال باليوان. هذه التدابير لا تزيد من تداول الرنمينبي الدولي فقط، ولكنها تعزز أيضا جاذبيته في الأسواق المالية العالمية.
في الوقت نفسه، يستمر الرنمينبي في تعزيز مكانته كـ “أكبر عملة ضمن اتفاقيات تبادل العملات التي تم توقيعها” على مستوى العالم. في 20 نوفمبر 2023، وقع البنك المركزي الصيني والبنك المركزي السعودي “ساما” اتفاقية ثنائية لتبادل العملات لمدة ثلاث سنوات وبقيمة تصل إلى 50 مليار يوان صيني/26 مليار ريال سعودي، ويمكن تجديدها بموافقة الطرفين. وبعد أسبوع فقط، أعلن البنك المركزي الصيني تجديد اتفاقية مع مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي لمقايضة عملات البلدين بقيمة 35 مليار يوان صيني/ 18 مليار درهم لخمس سنوات. كما وقع الطرفان أيضا مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون الفني والتقني بينهما في مجال تطوير العملة الرقمية.
تشير هذه التغيرات التي شهدها ترتيب الرنمينبي إلى أن ما تتمتع به العملة الصينية من الإقبال والثقة في الأسواق المالية العالمية قد ارتفعت بشكل ملحوظ، وتعكس أيضًا تغييرات في هيكل الاقتصاد العالمي. في السنوات الأخيرة، ومع انخفاض الثقة في الدولار الأمريكي، بدأت الدول تعمل بجد على تقليل المخاطر المحتملة المترتبة عن الاعتماد المفرط على عملة واحدة. تلعب الدول الآسيوية وخاصة الصين دورا أكبر في الاقتصاد العالمي. وفي الوقت الحالي، أصبحت التجارة الخارجية للصين متنوعة بشكل متزايد، وتشهد الصين تطورا سريعا في التجارة مع الدول المشاركة في بناء “الحزام والطريق”. من خلال التعاون، مثل توقيع اتفاقيات تبادل العملات الثنائية، يمكن تسهيل التسوية والدفع عبر الحدود وتوفير تكاليف التحويل وتقليل المخاطر المحتملة المتعلقة بتقلبات أسعار الصرف.
في المستقبل، ستلتزم الصين بدفع عملية تدويل الرنمينبي بشكل ثابت ومستقر ومطرد، وتزود المستثمرين العالميين بقنوات عالية الجودة لمشاركة أرباح النمو الاقتصادي في الصين وفرص استثمار مستدامة ومستقرة وآمنة وطويلة الأمد، مما يدفع تطور العولمة الاقتصادية نحو اتجاه أكثر انفتاحا وشمولا وأفضلية عامة وتوازنا وفوزا مشتركا.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال