اقتصاد الجليد والثلج: ماذا نعرف من شعبية “مدينة الجليد” هاربين؟

هذا الشتاء، شهدت صناعة السياحة في هاربين حاضرة مقاطعة هيلونغجيانغ شمال شرقي الصين نموا هائلا، حيث انطلقت سياحة الجليد والثلج نحو ذروة جديدة، مما جعل هاربين تصبح المدينة الأولى التي حظيت بشعبية كبيرة عبر شبكة الإنترنت في عام 2024. خلال عطلة رأس السنة الجديدة التي استمرت ثلاثة أيام فقط، استقبلت المدينة أكثر من 3 ملايين سائح، وحققت إيرادات سياحية تقارب 6 مليارات يوان. وبذلك وصل كل من حجم استقبال الزوار وإجمالي الإيرادات السياحية إلى ذروة تاريخية. فكيف تستقطب هذه المدينة الجليدية التي تبلغ درجة حرارتها أكثر من 20 درجة تحت الصفر، السياح من كافة أنحاء الصين وخاصة جنوبي البلاد؟ لماذا أصبحت مدينة هاربين ذات شعبية كبيرة هذا العام؟

لم تكن شعبية السياحة في هاربين مجرد صدفة، بل في الواقع، قد قامت الحكومة المحلية بالفعل باستعدادات كاملة لتنشيط سياحة الجليد والثلج، حيث استثمرت 3.5 مليار يوان لبناء مناظر جليدية رائعة لهذه المدنية في غضون 30 يوما فقط. ولا تتجنب السلطات المحلية اكتشاف المشكلات في مختلف المراحل، وتعديلها في الوقت المناسب. لذا، أصبحت الموارد السياحية عالية الجودة وتجربة الخدمة الممتازة هي المفتاح لجذب السياح في هاربين هذه المرة.

أولا، تعمل القطاعات الثقافية والسياحية وعدد من الشركات على جعل السائحين سعداء ومرتاحين من خلال الضمانات الدقيقة والخدمات المراعية. على سبيل المثال، مع الأخذ في الاعتبار اختلاف درجات الحرارة بين الشمال والجنوب، أضاف المطار المحلي غرف تغيير الملابس في منطقة استلام الأمتعة؛ كما تمت تغطية الدرجات الحجرية الزلقة في الشارع المركزي بالسجاد، مع قيام محطات المترو بتوزيع تذاكر نقل مجانية للمناطق السياحية. كما تمت إضافة “محطات الراحة الدافئة” في الميادين، حيث يمكن للزوار الاستراحة لفترة قصيرة، وشحن هواتفهم مجانا، والاستمتاع بشاي الزنجبيل بالماء الساخن مجانا. وليس هذا فقط، حيث قام فنانو النحت على الجليد بنحت ألعاب للأطفال أمامهم. في الوقت نفسه، أصبح المواطنون المتسمون بالكرم والفكاهة والصدق وحسن الضيافة في هاربين جزءا مهما من سبب استمرار شعبية السياحة في هذه المدينة. هم بادروا بتوفير رحلات مجانية للزوار، والاهتمام بصحتهم والاطمئنان عنهم طوال الطريق. فوصف مستخدمو الإنترنت هاربين بأنها “تبرز كل الأشياء الجيدة في المنزل”، ومثل هذه التعليقات ليست فقط إشادة بخدمات السياحة في هاربين، ولكنها أيضا اعتراف بهذه المدينة ذات التراث الثقافي العميق.

ثانيا، قامت المتنزهات والمطاعم والأحياء ذات المناظر الخلابة بعمل مشاهد لعب غنية وفريدة من نوعها، مما يعزز تجربة الترفيه، بينما اتخذت استجابة سريعة لتعليقات شبكة الانترنت من خلال إضافة محتوى جديد. “البطاريق المتغيبة” التي تحمل الحقائب المدرسية في الحديقة، و”القمر الاصطناعي” الذي ترفعه طائرات بدون طيار، و”فرس مجنح” يركب على الجليد.. هذه المشاهد الغنية تجعل الناس يتساءلون “كم هناك من المفاجآت التي لا أعرفها؟” بالإضافة إلى عالم هاربين للجليد والثلج، تم ترقية جميع المواقع السياحية مثل معرض” صن آيلاند” الدولي لفن النحت على الثلج وجناح المناطق القطبية وكرنفال الجليد والثلج على نهر سونغهوا، بهدف تعزيز تجربة الزوار وزيادة مشاركتهم.

ثالثا، إن الثقافة الشمالية الشرقية الصينية تجعل نفسها معروفة بقوة “خارج الدائرة الثابتة”، حيث أدى “الاندماج الثقافي” إلى تدفق الزوار. حاليا، أصبحت السياحة الغامرة اتجاها جديدا في الاستهلاك، ومقارنة بالمناظر الطبيعية الجميلة، فإن البيئة الثقافية لمنطقة ما أكثر جاذبية. عند زيارة مدينة هاربين، يمكن للزوار أن يتمتعوا بتجربة عميقة لحياة ثقافة شمال شرقي الصين، بجانب استكشاف بيئة الثلج والجليد. سواء كان ذلك في تذوق الأطعمة الشهية ذات الطابع الشمالي الشرقي أو الاستمتاع بالأجواء الروسية، وحتى الاستماع إلى الموسيقى السمفونية والرقص الجماعي الكبير، وصولا إلى تجربة الاستحمام الفريدة، ليس فقط الجنوبيين، بل الكثير من الناس في جميع أنحاء البلاد لم يختبرها بشكل كامل.

إن التفاعل واسع النطاق بين الحكومة والشركات والمواطنين في هاربين سمح للمدينة بأكملها بالعمل بكفاءة كبيرة، مما خلق جوا وصورة حضرية جديدة. في سبتمبر 2023، أشار الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال جولة تفقدية في هيلونغجيانغ إلى أنه يجب اتخاذ تطوير اقتصاد الجليد والثلج نقطة نمو جديدة، ودفع تنمية سلاسل الصناعة الكاملة التي تجمع بين رياضة الجليد والثلج وثقافة الجليد والثلج ومعدات الجليد والثلج وسياحة الجليد والثلج. في عام 2025، ستستضيف هاربين دورة الألعاب الآسيوية الشتوية التاسعة، ولا شك أن هذا الحدث المهم سيوفر فرصا تنموية مهمة لرياضات الجليد والثلج في مقاطعة هيلونغجيانغ. ومن المتوقع أن في المستقبل سيؤدي التطوير المتكامل على نمط “الرياضة + السياحة” إلى نقطة نمو جديدة لاقتصاد الجليد والثلج المحلي بما يثبت أن “الجليد والثلج أصول لها ثمن كبير “.