الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في المقالات الثلاث السابقة، تحدثت عن لمحة تاريخية لظهور فكرة خدمة العملاء والتي كان لها دور كبير في استمرار شركات لمئات السنوات بسبب تقديم منتج بجودة عالية وخدمة عميل متميزة. وفي المقال الذي يليه تكلمت عن جودة القوانين ذات العلاقة بحماية المستهلك. وفي المقال الثالث، تحدثت عن خطورة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في تقديم خدمة ممتاز للعملاء، وبقياس أثر خدمة العميل، حيث ان خدمة العميل يجب أن يتم التعامل معها بشكل إنساني أكثر، وذلك من اجل البعد عن التحيزات التي قد تنتج عن الخوارزميات المدخلة في تقنيات الذكاء الاصطناعي.
اليوم المملكة تعمل على قدم وساق لتنويع مصادر الاقتصاد، وتحقيق الاستدامة الاقتصادية. لذلك نجد ان الرؤية لم تركز على جانب واحد، وإنما أعطت التركيز مجالات اقتصادية متنوعة مثل الصناعة والتجارة والاستثمار الأجنبي والسياحة والرياضة.. الخ. جميع هذه المجالات تستهدف خدمة مستهلكين بمختلف أنواعهم وفقا لنوعية المنتج الذي تقدمه، كما ان المستهلكين يتنوعون ما بين المستهلك العادي إلى المستهلك الذي يبحث عن تجربة فريدة من نوعها. في يومنا هذا، نجد أن بعض الخدمات الربحية بالذات أقل مستوى عند مقارنتها بالخدمات المقدمة في دول أخرى مثل أمريكا و بريطانيا و ألمانيا.
درست جامعة ميشيغان بيانات متراكمة من عدة سنوات تم أخذها من مؤشر رضا العملاء الأمريكيين ومدى تأثيرها على الاقتصاد. نتيجة أبحاثهم تؤكد ة أن رضا العملاء متوسطي الدخل وإنفاق الأسر على المنتجات الاستهلاكية والترفيهية، على المستوى الكلي، هي أساس صناعة السوق الحر البعيد عن مفهوم الاستغلال والاحتكار والذي يدعم المنتج ذات الجودة المرتفعة والسعر المنافس. بمعنى آخر، إن جزء كبير من تشغيل العمالة، ومستوى الأسعار، والأرباح، وأسعار الفائدة، وحجم الإنتاج، والنمو الاقتصادي ذاته ــ يدور حول مستوى الاستهلاك.
خلصت الدراسة إلى أنه إذا خفض العملاء إنفاقهم، فإن الاقتصاد ينتقل إلى الركود. وإذا إزداد الاستهلاك، ولو بنسبة ضئيلة جداً، فإن التأثيرات الإيجابية على النمو الاقتصادي تكون كبيرة؛ كما أن العملاء يعتمدون على مبدأ مكافأة الشركات التي ترضيهم و معاقبة الشركات التي لا تهتم لإرضائهم. وهذا يجعل العمل يبحث عن مصدر آخر يقدم المنتج ذاته او مشابه له داخل الدولة أو خارجها. و
كما أن هناك دراسة أجراها فان بوفن أستاذ علم الاجتماع والسلوك في جامعة كولورادو وجيلوفيتش أستاذ في علم الاجتماع والسلوك في جامعة كورنيل الامريكية، أن الإنسان في حالة الاستقرار الامني والاقتصادي، فهو لا يبحث فقط عن امتلاك الشي خصوصا المنتجات الاساسية، وانما يبحث عن نوعية المنتج، فما بالك، بالمنتجات الاستهلاكية الثانوية مثل الترفيه والكماليات المختلفة. النتائج المترتبة على هذه الدراسة أنه العملاء، يجب يسخرون إنفاقهم على المشتريات التجريبية حيثما أمكن ذلك، كما يجب أن موردين المنتجات، بحاجة ماسة إلى الاعتماد على بيع الخبرات وليس المنتجات. كما أن الدراسة خلصت ان هناك وعي بالحاجة إلى تزويد العملاء ليس فقط بمنتج أو خدمة، ولكن أيضًا بتجربة عميل كاملة تتكون من إجمالي جميع المزايا الوظيفية والعاطفية التي يتم توصيلها إلى العميل من خلال المنتج أو الخدمة بالإضافة إلى كل ما يتعلق بالمنتج أو الخدمة. البيئة المادية، الموظفون الذين يخدمون العملاء وما إلى ذلك. إذا حكم العملاء على مورديها بناءً على خبرتهم الإجمالية في تقديم الخدمة، فيجب على الموردين أن يفكروا بعناية في جميع الإشارات التي تؤثر على الخبرة الإجمالية التي يدركها العميل. إن تنسيق هذه الإشارات في رسالة مخططة ومتسقة يمكن أن يكون له تأثير قوي على الطريقة التي يشعر بها العملاء على المستوى الإدراك اللاواعي. مثلا، بدأت الشركات في بذل جهود كبيرة في محاولة للتأثير على عملائها كما قامت شركة كاديلاك بتطوير رائحة خاصة يتم إضافتها إلى مقاعد سياراتها الجديدة لجذب العملاء من خلال حاسة الشم.
بالطبع عند مراعاة الشركات والمؤسسات التي تقدم خدمة يقصد من خلالها تحقيق الربح، فهذا يعني أموال تدور في اقتصاد الدولة وتؤثر على الناتج المحلي. في حين أن الناتج المحلي الإجمالي هو مقياس لكمية النشاط الاقتصادي، فإن رضا العملاء هو مقياس لجودته. إذا كان صحيحًا أن الناس يسعون إلى تكرار التجارب المريحة و الممتعة ذات الجودة العالية و يتجنبون تلك التجارب ذات الجودة المنخفضة، فإننا نتوقع رؤية علاقة بين هذين المؤشرين، مؤشر النشاط الاقتصادي و مؤشر جودة النشاط الاقتصادي.
حدد المحللون في جامعة ميشيغان وجود علاقة مهمة بين تغييرات مؤشر خدمة العملاء الأمريكي ACSI والتغيرات اللاحقة في الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة، وهذا المؤشر هو الذي يوضح العلاقة التي يعمل من خلالها الإنفاق الاستهلاكي. في حين أنه من الواضح أن مستوى الإنفاق الاستهلاكي يعتمد على مقدار الأموال التي يتعين على الناس إنفاقها، فإنه يتأثر أيضًا برغبتهم في إنفاقها. في حين أن بعض الإنفاق يرجع إلى الإنفاق على المنتجات الأساسية (مثل الغذاء والمأوى الضروريين للبقاء على قيد الحياة)، فإن معظم الإنفاق مدفوع بالقدر المتوقع من الرضا الذي سينتجه الإنفاق.
وبالتالي، عندما نتحدث عن تجربة العميل في المملكة، نجد أن بعض الشركات والمؤسسات التي تقدم منتجات تهدف من ورائها الربح تعاني إلى حد ما من عدم وجود ثقافة تقديم خدمة عميل رفيعة المستوى. ونتيجة لغياب ثقافة خدمة العملاء، فهذا يعني انه انه لابد من خلق هذه الثقافة. ومن أهم العوامل التي تكون هذه الثقافة هو سن القوانين والأنظمة والسياسات ذات العلاقة. خصوصا ان المملكة مقبلة على أحداث عالمية ضخمة، وهذه فرصة ذهبية لإظهار المملكة بأفضل حلة من خلال أمور كثيرة، ومن أهمها تحسين جودة خدمة العملاء، لان الهدف من استقبال الزوار ليس استقبالهم لمرة واحدة، وانما من اجل جعل المملكة ارضاً يهدف الجميع لزيارتها والاستثمار بها.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال