الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
نشرت صحيفة بلومبيرج مقالًا بعنوان:
“Saudi Arabia’s Tax Reforms Aim to Attract Foreign Investors”
يناقش المقال الخطوات التي اتخذتها المملكة لتطوير بيئة الاستثمار الأجنبي، وتعزيز البيئة القانونية المتصلة بمنازعات الضرائب الدولية، والنتائج الملموسة لتلك الخطوات والتي تهدف إلى تحويل المملكة لدولة رائدة اقتصاديًا، وجذب الاستثمارات الأجنبية. ومن ثمرات تلك الخطوات، ما أعلنت عنه المملكة في مؤتمر LEAP والذي عقد في الرياض في شهر فبراير من عام 2023، عن استثمارات تزيد عن 9 مليارات دولار في التقنيات المستقبلية والشركات الناشئة، وفي الربع الأول من عام 2023، ارتفعت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 10.2٪ على أساس سنوي، لتصل إلى 2.16 مليار دولار (8.1 مليار ريال)، وفقًا لما ذكرته وزارة الاقتصاد والتخطيط السعودية.
فيما يلي بعض النقاط الرئيسة التي ناقشها المقال:
النظام القضائي الضريبي
اتخذت المملكة العربية السعودية خطوات لتحسين البيئة القانونية المرتبطة بالضريبة من خلال تعزيز النظام القضائي الضريبي وإنشاء لجان ضريبية متخصصة ذات صلاحيات قضائية واسعة. ففي عام 2017، صدر المرسوم الملكي رقم م/113، الذي أنشأ نوعين من اللجان الضريبية – الابتدائية والاستئنافية. وتعتبر هذه اللجان بمثابة محاكم ضريبية وتعد قراراتها نهائية، كما لديها سلطة استدعاء الشهود، وطلب الأدلة والمستندات، وإصدار القرارات، وفرض العقوبات.
كما نشرت الأمانة العامة للجان الضريبية في تقريرها لعام 2021، والذي يشير إلى رفض اللجان الابتدائية 11% من قرارات هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، فيما نقضت اللجان الاستئنافية 36% من القرارات القضائية الصادرة عن اللجان الابتدائية. وتظهر هذه الأرقام أن اللجان الضريبية تلعب دورا هامًا في حماية حقوق دافعي الزكاة والضريبة، من التعسف المحتمل لجهة الإدارة.
بالإضافة إلى ذلك، حققت تلك اللجان الضريبية إنجازات نوعية، وذلك بالقيام بدور جوهري في تأسيس المبادئ القانونية والقضائية في المنازعات الزكوية والضريبية، حيث أكدت الدائرة الاستئنافية في العديد من قراراتها المنشورة بشأن منازعات ضريبة الدخل والزكاة المتعلقة بالربط الضريبي، أن قرار هيئة الزكاة لا يكون محصناً في حال عدم استيفاء قرار الهيئة للمتطلبات النظامية المنصوص عليها في الأنظمة واللوائح ذات الصلة. وهذه سابقة مهمة، حيث لم تكن قواعد عمل اللجان الضريبية تنص على ذلك صراحة، إلا أن هذا المبدأ يتسق مع قواعد عمل اللجان الضريبية الصادرة في شهر أكتوبر من عام 2023 والتي أكدت هذا المبدأ. كما أشار المقال إلى أنه على الرغم من أن نظام الضريبة السعودي لا ينص صراحة على مراعاة تخفيف العقوبات/الغرامات لوجود أسباب معقولة لعدم دفع الضريبة محل النزاع كما تنص عليه كثير من القواعد الضريبية الأجنبية (Penalty Relief for Reasonable Cause) ، إلا أن بعض القرارات الصادرة من الدائرة الاستئنافية لمنازعات ضريبة الدخل طبقت هذا المبدأ في فرض العقوبات على عدم دفع الضرائب المستحقة. ويوفر هذا النهج قدرًا من الحماية للمستثمر الأجنبي ويضفي ثقة في القضاء الضريبي.
لكن تبرز بعض التساؤلات الجوهرية المتعلقة بالنظام القضائي الضريبي الحالي (اللجان الضريبية)، ومدى مناسبة هذا النظام مع حجم الاستثمارات الأجنبية والمحلية في المملكة، وطبيعة النزاعات في مجال الضرائب الدولية بشكل خاص، والتحديات المرتبطة بعدم وجود محكمة عليا لتلك المنازعات، وأثر ذلك على تأسيس مبادئ قضائية مستقرة تساهم في القدرة على التنبؤ بالأحكام.
تطورات قواعد التسعير التحويلي
النقطة الأخرى التي ناقشها مقال صحيفة بلومبيرج هي ما أعلنت عنه هيئة الزكاة، من أنها تعتمد المبادئ التوجيهية للتسعير التحويلي لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD ، وهي مجموعة من المعايير الدولية لتحديد أسعار التحويل للسلع والخدمات بين الأطراف ذات الصلة، وكذلك الإعلان عن بدء سريان أحكام اتفاقيات التسعير المسبق «APA»، وهي اتفاقيات بين دافعي الضرائب والسلطات الضريبية والتي تحدد منهجية التسعير التحويلي التي سيتم تطبيقها على معاملات محددة قبل حدوث تلك المعاملات، وستعزز تلك القواعد الشفافية والعدالة، وتقليل المنازعات المرتبطة بالتسعير التحويلي.
ونظراً للتعقيد الذي تتسم به منازعات التسعير التحويلي، وحجم تلك المنازعات على النطاق الدولي وارتباطها بالشركات متعددة الجنسيات من جهة والسلطات الضريبية الأجنبية من جهة أخرى، فيثور التساؤل هنا عن الوسائل البديلة لتسوية تلك المنازعات (التحكيم، الوساطة، التفاوض، الصلح)، ومدى ملائمة الوسائل المتاحة حاليًا لطبيعة تلك المنازعات، والتي تبدو محدودة وفقًا للقواعد الضريبية السعودية مقارنة مع ممارسة تلك الوسائل البديلة في بعض الدول كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. فعلى سبيل المثال، انتهت 5% فقط من القضايا الضريبية إلى التسوية وذلك بخصوص القضايا التي تم قيدها أمام اللجان الضريبية بحسب تقرير أمانة اللجان الضريبية لعام 2021.
وعلى النقيض من الممارسة في المملكة، تولي الدول لمنازعات التسعير التحويلي اهتمامًا كبيرًا، ولا يتسع هذا المقال لتبيانها، إلا أنه من أمثلة ذلك اتفاقية التحكيم للاتحاد الأوروبي The EU Arbitration Convention والتي توفر إجراءً لحل النزاعات التي يحدث فيها الازدواج الضريبي بين الدول الأعضاء نتيجة للتعديلات المرتبطة بالتسعير التحويلي. وكنتيجة لذلك، قد يكون من الملائم توسيع خيارات حل المنازعات الضريبية في المملكة وخصوصًا فيما يتصل بمنازعات التسعير التحويلي، بما يتسق مع الانفتاح الاقتصادي للمملكة، والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة اقتصاديًا.
ولم يقتصر تطور المشهد الضريبي في المملكة على الجانب المحلي، بل ساهمت المملكة على سبيل المثال وكعضو في مجموعة G20 في مناقشة المشاريع الدولية والتطورات الحديثة المتعلقة بمشروع مكافحة تآكل الوعاء الضريبي وتحويل الأرباح BEPS، وغيرها من المساهمات الدولية في مجال الضرائب الدولية، ولا يزال هناك مساحة لمزيد من التطوير في هذا المجال.
وخَلُصَ المقال إلى أن المملكة اتخذت خطوات مهمة لتحسين بيئتها الضريبية، بما في ذلك تعزيز السلطة القضائية الضريبية، واعتماد المبادئ التوجيهية للتسعير التحويلي لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وإدخال اتفاقيات التسعير المسبق. وتمثل هذه الخطوات تطوراً إيجابياً للبيئة القانونية والاستثمارية. وعلى الرغم من أن التغيرات المتكررة والسريعة في القواعد الضريبية السعودية قد تؤثر على بيئة الأعمال والاستثمار، وفي التنبؤ بالمشهد الضريبي السعودي، إلا أنها مؤشر على القدرة على التكيف والاستجابة للمتغيرات الدولية والمحلية، وأن المملكة في طور التحسين المستمر في ضوء التحول الذي تشهده المملكة في ضوء رؤية المملكة 2030.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال