الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ارتبط التعليم بالتطور الزراعي والصناعي والتجاري، أي ارتبط بالتنمية والتقدم الاقتصادي، وتنوع التعليم بتنوع وسائل الإنتاج وظروفه، فالارتباط وثيق بين التعليم والاقتصاد أو التنمية الاقتصادية.
وظهرت الأبحاث والدراسات الاقتصادية والتربوية والتعليمية التي بينت أن العائد المالي للتعليم يقدر بثلاثة أمثال العائد من الاستثمارات المالية في المجالات الأخرى، ثم ظهرت نظريات أخرى تهتم بقطاع التعليم وتجعل من الإنسان قيمة رأس مال عالية وعاملاً أساسياً مؤثراً في التنمية.
فالتنمية أساساً هي عملية تغيير في الاتجاه إلى جانب أنها تحريك للمعطيات الطبيعية وتحويلها إلى مادة اقتصادية عن طريق العلم وتطبيقاته التكنولوجية، فهي تعمل من خلال الإنسان وغايتها الإنسان نفسه.
والتعليم يسهم في بناء المجتمع وتقدمه في اتجاهين أساسيين هما الاتجاه الاقتصادي والاتجاه الاجتماعي، حيث يعمل التعليم على ترقية المستويات الاجتماعية لإحداث التحول الاجتماعي اللازم للتحولات الاقتصادية الحاصلة لغرض تحقيق عملية تطور للنظام الاجتماعي ككل من خلال تكامل البعدين الأساسيين الإنساني والمهني.
وتؤكد التنمية بمفهومها الحديث على تنمية الإنسان من حيث مهاراته وكفاياته وقيمه واتجاهاته نحو الحياة والمجتمع ونحو العمل، وتنمية المجتمع وتوفير الحقوق الإنسانية الأصيلة لجميع المواطنين، وتمكينهم من النهوض بواجباتهم وتحقيق وفرة الإنتاج وعدالة التوزيع، وما تتطلبه من تطور في المجتمع وإعداد الأفراد للمساهمة فيه والتكيف مع مطالبه.
والتعليم استثماراً اقتصادياً واجتماعياً طويل الأجل، فمقياس التنمية هو نسبة التعليم ونوعيته ومستواه، وهذا يتضمن تنمية الموارد البشرية، أي زيادة المعارف والمهارات والقدرات لدى جميع أفراد المجتمع واستثمارها بصورة فعالة في تطوير النظام الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، وتتم هذه التنمية بطرق متعددة منها التعليم الرسمي بمراحله المختلفة وأنواعه المتعددة، ومنها التدريب وكذلك التطوير الذاتي لتنمية المهارات والمواهب.
والتكامل بين التعليم والتنمية يتطلب التكامل بين أنواع التعليم، مما يستلزم التخطيط لتقديم حلول شاملة لأنواع التعليم ومشكلاته من بينها تحقيق التوازن بين مراحل التعليم المختلفة، وتحقيق التوازن بين فروع التعليم سواء النظري أو التطبيقي، وتحقيق التوازن بين الخدمات التعليمية في مختلف المناطق وللذكور والإناث.
ويعد العنصر البشري أهم العناصر الإنتاجية التي يمكن أن تسهم في تحقيق التنمية، لكن لن يؤدي هذا العنصر دوره دون تعليم يستهدف تراكم رأس المال البشري، وتشير نظريات النمو الاقتصادي إلى أن التقدم التقني يزيد من معدل النمو الاقتصادي طويل الأجل، ويزداد التقدم التقني سرعة عندما تكون قوة العمل أحسن تعليماً، فتراكم رأس المال البشري يساعد في التقدم التقني، ويعد مصدراً من مصادر النمو المستدام.
والاستثمار التعليمي لا يقتصر فقط على الفوائد الاستثمارية التي تعود على المجتمع، فالتعليم في حد ذاته يعتبر مصدراً للحصول على الوظائف والمهن وتوفير فرص الحياة والحصول على الأجور العالية وحماية الأفراد من البطالة وتحسين مستويات المعيشة للأفراد المتعلمين.
وأصبح التعليم والتدريب من أحد المتطلبات الأساسية للتنمية الاقتصادية، باعتبارهما إنتاجاً اجتماعياً يؤدي إلى الدور الحاسم في تحديد معالم التنمية، وهذا الإنتاج يقوم على المعرفة الحديثة والرغبة الذاتية والإثراء الوظيفي، ويرتبط بالبناء الاجتماعي الذي يشكله من ناحية أخرى.
وللتعليم دوراً مهماً في صنع الإنسان النافع المنتج والمواطن الصالح، فكلما زاد عدد المتعلمين ارتفع مستوى التفكير العلمي والمنطقي لدى أفراد المجتمع، مما يسهم في عملية التغيير الاجتماعي والاقتصادي التي تشكل الشرط الضروري للتحضر والتنمية في المجتمع.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال