الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
السياحة هي النشاط الذي يقوم به السائح من خلال الانتقال من مقر إقامته المعتاد إلى موقع يزيد عن مسافة الثمانين كيلوا لفترة لا تتجاوز السنة، لأهداف متعددة سواء سياحة أو ترفيهية أو علاجية أو دينية أو لاكتشاف المعالم والآثار والثقافات الجديدة أو للتعليم والتعلم أو للأعمال التجارية أو لمتنزهات البرية والصحراوية أو للمؤتمرات التخصصية أو رياضية… إلخ.
والتنمية السياحية من الأنشطة ذات المردود الواسع على مجالات عدة، فهي رافد اقتصادي يسهم في الناتج المحلي، وتجاري كإحدى أدوات النمو التي تتيح فرص عمل أفضل، وتزيد من مقدار الدخل، وزيادة الفرص الاقتصادية المتاحة، وثقافي بنشر الثقافات المحلى دوليا، وسلاح فعال لكبح جماح البطالة من خلال توليد وظائف متنوعة مباشرة وغير مباشرة، وهي من مجالات الدخل التي تمكن أصحاب المنشآت الصغيرة والمنتهي في الصغر للمشاركة في المجال السياحي أسوة بالكيانات المتوسطة والكبيرة جدا، وهي أحد مستهدفات الرؤية الوطنية السعودية المباركة، بحيث تستهدف تحقيق تنمية سياحية عالمية قيمة وذات منافع اجتماعية وثقافية واقتصادية، ولوجود مقومات سياحية كثيرة ومتنوعة عالية القيمة بمختلف مناطق المملكة فإن هذا المستهدف ولد ناجح، فالإحصائيات تؤكد ذلك حيث حصلت السعودية على المركز الثاني عالميا في نسبة نمو عدد السياح الوافدين للربع الأولى من العام المنصرم (2023)، وبنسبة نمو (64٪) مقارنة بنفس الفترة من عام (2019)، وبعدد 7.8 ملايين سائح.
فمقومات التنمية السياحية المتوافرة وبشكل كبير ورائع وجذاب ومتنوع يتناسب مع تنوع السياح ومقاصدهم تكاد لا تتوافر مجتمعة في مكان آخر، ففي الجانب الديني بالإضافة للحرمين الشريفين بمكة والمدينة المشاعر المقدسة عرفات ومني ومزدلفة، المساجد الأثرية والتاريخية والتي خصص لها برنامج مميز “مشروع محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية” والذي بدأ من (2018) يستهدف المحافظة على الهوية العمرانية لتلك التحف المعمارية باستهداف (130) مسجدا، والمواقع التي مر بها سيد الخلق محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والسلام مهاجرا كان أو غازيا وهي تشمل المنطقة بين مكة والمدينة، ومن المدينة شمالا إلى خيبر وتبوك، والجبال التي لها أثرا نبويا كريما ومنها جبل النور، وثور، وحراء وغيرها، وطريق الأنبياء الذي ثبت مرور به سبعين نبيا من سيدنا إبراهيم عليه السلام إلى سيدنا محمد صل الله عليه وسلم، والمواقع الأثرية فهي كثيرة منها مدينة الحجر، والأخدود، وتيماء، وسوق عكاظ، وجده التاريخية وغيرها كثير جدا موغلة بالقدم كإرث إنساني، ومنازل شعراء المعلقات والمواقع المخلدة في معلقاتهم.
والجانب الترفيه وإن كان غالبيتها حديثة أو حدثت إلا أنها رافد مهم لتوفير تنمية سياحية عالمية وفي القريب ستكون جاهزة ومن أهمها نيوم ومدنها الحالمة، القدية كمركز عالمي ترفيه ورياضي وثقافي، ومشروع بوابة الدرعية أكبر مشروعا تراثيا ثقافيا بالعالم، مشروع البحر الأحمر وجزره (90) الخلابة، ومشروع أمالا كسياحة فاخرة، مشروع السودة السياحي، وأدوار السينما المنتشرة في كثير من المدن السعودية، التسوق وانتشار المولاة الكبيرة ودورها في زيادة الحركة السياحية إن محليا أو إقليميا وافنيوز الخبر سيكون تحفة تسويقية ترفيهية مختلفة، والحركة الفنية المسرحية والسينمائية التي في تنام والمتوقع أن تكون واجهة سياحية ترفيه مهمة.
ومن أهم أسباب النمو للتنمية السياحية الفعاليات والمؤتمرات بأنواعها المختلفة، وأشهرها وأكثرها جذبا لسياحة موسم الرياض والفعاليات المتنوعة والمتزايدة من عام لآخر، ومن النتائج الباهرة استقبال بالنسخة الحالية 12 مليون زائر في 60 يوما، وموسم شتاء طنطورة بمحافظة العلا والذي مع المواقع الأثرية وباقي الفعاليات قد كان له دور بارز في الجذب العالمي والإقليمي للسياحة المحلية، وتتوج الفعاليات بالحدث الأضخم أكسبوا 2030 والمستهدف له 40 مليون زائر، ومن المجالات التي زادة في إحصائيات الجذب المجال الرياضي بصفة عامة وكرة القدم بصفة خاصة فقد أثمر وبشكل فاق المتوقع، فأصبح القصد للمباريات المهمة مقصدا سياحيا محليا وإقليميا ودوليا، وكذلك الفرملة وان، وسباق دكار، والفعاليات العالمية من أهمها كأس أمم آسيا والألمبيات الآسيوية الشتوية وتتوج بكأس العالم 2034.
ومن أنواع السياحة الناشئة وهي السياحة البيئة من خلال المحميات الملكية الثمانية والتي ستشكل حوالي (30٪) من مساحة المملكة وهي مستهدف لشريحة من السياح يعشقون هذا النوع من السياحة، ومنتجع استشفائي بالعيون الحارة في منطقة جازان، والعين الحارة بمحافظة الليث، وجبل القارة بمحافظة الأحساء، وعدد من الكهوف بعد تهيئتها، وعاشقي السياحة الصحراوية فتوجد مواقع جميلة وعلى رأسها الربع الخالي والذي يرتادونه كثر من عاش هذا أنوع من السياحة وهي في تزايد، وستكون بعد تنفيذ مشاريع جلب المياه والتهيئة مركزا سياحيا جاذبا بامتياز.
ومن المقومات التي لمسها بتقدير رفيع السياح المناخ الأمني المميز في كل مكان وكل الأوقات، حتى أن السائح الذي يتجول بعد منتصف الليل يشعر كالذي يسير في وقت الظهيرة تماما لا خوف ولا قلق، كذلك الارتياح لتقبل المواطن للسائح وثقافته وسلوكه إن لم يكن فيه مخالفة للنظام بصدر رحب مما أوجد الألفة والقبول المتبادل، ومن المقومات تزايد التشريعات المقننة لكل ما يرتبط بالسياحة والسياح، والتطور الرقمي الذي سهل كل متطلبات السائح أسوة بالمواطن والمقيم، وتوافر بنية إدارية في تنامي مواكبة للبنية التنموية التي تسهل كل أنواع الإقامات والتنقل وباقي سلوكيات السياح، وهناك خطة لربط كثير من مناطق المملكة بشبكة قطارات سريعة كإضافة للموجودة عالية الجودة.
ومع كل هذه الإنجازات الباهرة والتي رفعت سقف الاستهداف في 2030 من 100 مليون سائح إلى 150 مليونا، إلا أن التحديات كبيرة وتحتاج المزيد والمزيد، فمثلا أكسبو 2030 يستهدف 40 مليون زائر أي 100 ألف في يوم، وهذا مع زوار عاصمتنا الحبيبة الآخرين لأهداف مختلفة لا شك أنه تحد كبير سواء لأماكن الإقامة أو التنقل أو المستهدفات الأخرى، لا سيما ستكون في ذلك الوقت بعون الله استكمل إنجاز كل المشاريع العملاقة بالرياض.
ومن الأمنيات ذات المردود السياحي والاقتصادي الذي نتمنى أن يرى النور في القريب هو إنشاء طريق لقطار سياحي يحاكي مسار الهجر النبوية الشريفة، بحيث يبدأ من قرب جبل ثور إلى الحرم النبوي الشريف مرور بكل المواقع التي مر بها نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم وأن تنشأ محطات توقف على طول الطريق، متوقع إن يحظى بقبول كبير من قبل زوار الحرمين، ويكون له مردود اقتصادي كبير.
وفي الختام إن هذه الممكنات والانجازات الكبيرة لم تتحقق لو لم يوجد بنية تحتية إدارية وتنموية جيدة، وتكامل إداري وتنموي بين كل القطاعات ذات العلاقة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال