الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تمكين المرأة السعودية في سوق العمل منذ إطلاق رؤية السعودية 2030 ظاهر وواضح للجميع، ويؤكد ذلك التمكين بيانات السوق الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء. فما هي أسباب ذلك التمكين، ونتائجه على سوق العمل.
مع بداية الرؤية كان معدل البطالة بين السعوديات 33.7٪، مع العلم أن تلك النسبة لا تمثل جميع العاطلات، لأن هناك نسبة لا يستهان بها من العاطلات لا يظهرن ضمن الاحصاءات لسبب أو لأخر. في حين أن معدل البطالة بين السعوديين لنفس الفترة بلغ 5.4٪ فقط. وظل معدل البطالة بين السعوديات يتراجع حتى وصل لأدنى نسبة في الربع الرابع 2022 بواقع 15.4٪ وسجلت في الربع الثالث للعام الماضي معدلا قريبا من هذه النسبة. في حين أن معدل بطالة السعوديين تذبذبت صعودا ونزولا، لكنها لم تتجاوز 7.6٪ كحد أعلى. وهذا يعني أن توظيف السعوديين يفوق توظيف السعوديات على الرغم من تقارب نسبتهم في تعداد السكان، وخريجي الجامعات. ما يعني أن السعوديات لم يكن ينافسن السعوديين على فرص العمل المتاحة بل يحللن في الغالب محل غير السعوديين في سوق العمل.
أما السبب المباشر في رفع معدل توظيف السعوديات، وتمكينهن فيعود لإرادة القيادة الحكيمة بفتح جميع المجالات الوظيفية المناسبة للمرأة في كافة قطاعات الاقتصاد، والتي كان معظمها حكرا على الرجال. فبعد أن كانت مجالات توظيف المرأة محصورة في قطاعات محددة كالتعليم، ووظائف معينة، اتسعت لتشمل كل المجالات تقريبا ومعظم الوظائف. لذلك من الطبيعي أن يرتفع معدل توظيف المرأة، خصوصا مع اقتناص المرأة السعودية لهذه الفرصة لإثبات جدارتها، وقد نجحت. وبهذا التمكين رفعت المرأة السعودية حدة المنافسة على الفرص الوظيفية المتاحة، كونها تمتلك كل المقومات المعرفية والمهارية والخبرات اللازمة لشغل أي وظيفة مناسبة لها. وقد يكون هذا الأمر أحد أسباب عدم رضى البعض من هذا التمكين الذي يرون فيه حرمانا لهم من تلك الفرص. وقد يكون لهذا الرأي وجاهة في بعض الحالات التي يتم فيها توظيف المرأة في منصب معين لمجرد أنها مرأة. لكن تلك الحالات إن حدثت ليست القاعدة، ولا تمثل الواقع، بل الواقع أن المرأة لا تحصل على منصب إلا إذا استحقته بجدارة، وربما تحرم المرأة من منصب مستحق لكونها امرأة.
سبب آخر جعل توظيف المرأة أسرع وأسهل من توظيف الرجل، ذلك يعود لطبيعة المرأة التي تقبل بوظائف وأجور لا يقبل بها الرجل.
ونتائج ذلك التمكين الإيجابية وحتى السلبية على المجتمع والاقتصاد وسوق العمل تحديدا تستحق دراسات متخصصة، لبحث وتتبع كافة تفاصيلها، لكن هنا سأذكر ملامح عامة لبعض النتائج الإيجابية لتمكين المرأة السعودية.
ولعل الأثر المباشر والواضح هو خفض بطالة السعوديين بخفض بطالة المرأة. وقد سجلت البطالة بين السعوديين مع بداية الرؤية 11.6٪، وباستبعاد أثر كورونا، تراجع معدل البطالة بين السعوديين ليصل لأدنى معدل له في الربع الرابع لعام 2022 بواقع 8٪، والنشرة الأخيرة لسوق العمل للربع الثالث 2023 بلغ المعدل 8.3٪.
الأثر الأخر والمباشر هو رفع دخل الأسرة السعودية، وهذا بلا شك أدى وسيؤدي إلى تحسين المستوى المعيشي للأسرة بدرجة ملحوظة. وارتفاع معدل استهلاك الأسرة واضح، ومن المتوقع والمأمول أن يتحسن الادخار والاستثمار تبعا لذلك.
ومن الآثار المباشرة والمهمة أيضا، سعودة (توطين) كثير من الوظائف التي كان يشغلها غير السعوديين، وهو ما يخدم الاقتصاد السعودي من عدة جوانب من أهمها أن أصبحت المرأة حرة في مكان مشاركتها في تنمية المجتمع ونمو الاقتصاد، سواء في المنزل أو في أي مكان أخر. خصوصا أن عددا كبيرا من السعوديات العاطلات لم يكن يشاركن في النشاط الاقتصادي من المنزل بالدرجة الكافية لعدم وجود عمل حقيقي كما كان في السابق كالزراعة.
ودخول السعوديات عزز بشكل جوهري وضروري تطبيق السعودة بجدية وقوة أكبر من ذي قبل للأسباب السابقة، ولأن الشباب السعودي لم يكن قادرا من حيث العدد على شغل الوظائف المراد توطينها. لذلك كان لدخول الفتيات السعوديات لسوق العمل دور أساسي في تطبيق السعودة بكفاءة أكبر من ذي قبل.
ومن الآثار الإيجابية الاحتفاظ بعوائد الاقتصاد السعودي داخله وعدم تحويلها للخارج، وخفض الضغط عن البنى التحتية والخدمات العامة. والأهم خفض استقدام العمالة للوظائف التي يمكن أن يشغلها السعوديون.
وكان لتمكين المرأة أثر إيجابي ومباشر على مكان العمل، حيث أدى دخول المرأة لأماكن العمل إلى تحسين بيئة تلك الأماكن، وقد أشار لذلك الدكتور إحسان ابو حليقة في تغريدة له على منصة X مع صورة معبرة لذلك التغيير.
ومن آثار عمل المرأة السعودية توسع نشاطات اقتصادية كانت محدودة وربما غير موجودة في بعض الأماكن، كدور الحضانة، والمطاعم، والمغاسل، والنقل وغيرها. وقد ساهم ذلك التوسع في نمو النشاط الاقتصادي وخلق عدد كبير من الوظائف للسعوديين والسعوديات كما أدى لنمو الناتج القومي.
مع ذلك تواجه المرأة في سوق العمل صعوبات كبيرة، خصوصا العاملات في القطاع الخاص. وهذا الموضوع يستحق مقالا منفصلا.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال