الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تزداد الأوراق المالية في الأسواق المحلية والعالمية تعقيد وصعوبة على المستثمرين الغير متخصصين في مجال الاقتصاد والمال، وتتأثر بالكثير من عوامل الاقتصاد الكلي والجزئي والعوامل الجيوسياسية والبيئية واللوائح والأنظمة والتشريعات، حيث تستمر في الكثير من التذبذب والتحرك بلا هوادة، حيث قال جون تمبلتون في جملة شهيرة ” أخطر أربع كلمات في الاستثمار هي أن الأمر مختلف هذه المرة.”
بعض الأوراق المالية تظهر في ظاهرها السهولة وتخبئ الكثير من التعقيد على سبيل المثال: السندات، فهي مجرد أداه دين يُقرض المستثمر من خلالها الشركة المُصدرة للسند ويتم تسديد هذا الدين على شكل دفعات فائدة دورية للمُقرض وفي نهاية فترة القرض يسترد المستثمر رأس المال الخاص به، لكن الجانب المُعقد هو في تحليل هذا السند فهو يعتمد على الكثير من العوامل مثل تصنيف الشركة المُصدرة (Credit Rating) ونوعية الدفعات الدورية (Coupon Payment) وطريقة سداد الدفعة الأخيرة (Par Value) وقدرة المُصدر على تغطية الفوائد والقيمة الأسمية وأيضًا علاقة السندات المباشرة مع الفائدة والزمن وسيولتها الضعيفة يُضيف لها مزيدًا من التعقيد.
المثال الآخر هو السهم (Stock) وهي الأوراق المالية الأكثر شهرة من بين شقيقاتها وصانعة التذبذب الأولى في الأسواق وسيدة النظريات العلمية والتاريخ المالي. الأسهم هي ورقة مالية على إثرها يمتلك المستثمر جزء من الشركة على شكل سهم له عدة أشكال وحقوق تختلف من فئة الى اخرى. التعقيد في بناء محافظ الأسهم يبدأ من كيفية اختيار الأصول وتوزيعها على حسب خطورتها، ومدة الاستثمار- طويل أو قصير المدى، ونوعية الأصول المكونة لها – أصول ناضجة تعتمد على التوزيعات النقدية بشكل كبير أو أصول نمو تعتمد على الأرباح الرأسمالية، ووزن كل أصل بالنسبة الى المحفظة الإجمالية وتعديل هذه الأوزان على حسب تذبذب السوق والاستراتيجية وعوامل أخرى.
للالتفاف على هذا الرُكام من التعقيد يلجأ المستثمرون الى الدخول في صناديق الاستثمار المشترك ((Mutual Funds التي يُديرها مدراء للأصول محترفون، وهي تعمل على تكوين صندوق يعمل على شكل محفظة استثمارية ضخمة تتكون من أوراق مالية مختلفة على حسب نوع الصندوق (أسهم، سندات، صكوك…) وتباع على شكل وحدة (سهم) يمثل قيمة حصة الاشتراك في الصندوق وتتأثر الوحدة بمكونات الصندوق حيث ترتفع سعرها بالأداء المرتفع وتنخفض بنفس الطريقة. صناديق الاستثمار من هذا النوع تتداول وحداتها خارج البورصة (OTC) ولها رسوم إدارة واشتراك ورسوم حُسن أداء ورسوم في حال الرغبة في بيع الوحدة لبعض الصناديق. من أشهر مديري هذه الأنواع من الصناديق في العالم (Vanguard BlackRock, Fidelity,) ومحليًا تُدير البنوك والشركات المالية الكثير من هذه الصناديق.
في مطلع العام 1993م توهج نجم جديد في الأسواق المالية، الذي قال عنه المستثمر الشهير وارن بافيت ” معظم الناس أفضل حالاً معها “ وهي صناديق الاستثمار المتداولة (ETF) أو تسمى صناديق المؤشرات (Index Funds). وهي صناديق استثمارية تُدار من مدراء أصول، وعادة ما تعمل على تتبع مؤشرات أصول مختلفة، على سبيل المثال (صندوق استثماري متداول يتبع مؤشر تاسي السعودي، مؤشر داو جونز الأمريكي، السندات الأمريكية، الذهب …). أهم ما يميز هذه الصناديق هي أنها تتداول في البورصة ويُتعامل معها تمامًا كالتعامل مع الأسهم فيمكن شرائها وبيعها من السوق مباشرة في أوقات التداول وتُعتبر من أنواع الاستثمار المتحفظ (Passive Investment) والذي أثبت أنه له أداء رائع وقوي على المدى الطويل مقارنة مع صناديق الاستثمار المشترك التي تحاول أن تهزم المؤشر التي تتبعه والذي تُعتبر من أنواع الاستثمار الفعال (Active Investment). في الجدول أدناه ملخص يوضح أبرز الفروق بين الصناديق الاستثمارية المشتركة والمتداولة:
البند | الصناديق الاستثمارية المشتركة | الصناديق الاستثمارية المتداولة |
التداول | غير متداول في البورصة | متداول |
التكلفة | عالي | منخفض |
الحد الأدنى للاستثمار | يوجد | لا يوجد |
الأرباح الرأسمالية | تُوزع للمستثمرين | تُوزع أو يُعاد استثمارها |
تدعم الصناديق المتداولة نظرية كفاءة الأسواق (EMH) التي تنص على أن لا حاجة الى محاولة التغلب على مؤشر السوق لان الأسواق ذات كفاءة وتعكس جميع المعلومات الخاصة والعامة ولا يمكن تحقيق عائد غير اعتيادي وبالتالي لا حاجة الى الصناديق التي تعمل بالطريقة الفعالة (Active Investment) والتي تفرض رسوم إدارية عالية على تلك المحاولات الغير مجدية لهزيمة الأسواق، وبالتالي شراء مؤشر السوق كامل سيحقق عائد على المدى الطويل أعلى من الصناديق التي تحاول هزيمته وهذا ما تفعله الصناديق المتداولة.
تعتبر هذه الصناديق ذات تكلفة منخفضة وتداول سهل وكفاءة ضريبية في البلدان التي تفرض ضرائب وتُراكم الاستثمار من خلال إعادة استثمار توزيعات الشركات وذات تنوع هائل في أصولها – إلى درجة انشاء صندوق استثمار متداول يتداول في الصناديق المتداولة (ETF of ETF)، هذا التنوع الكبير يتيح الفرصة للمستثمرين للاختيار من ضمن الأصول التي تحقق توجهاتهم من خلال السوق مباشرة دون الحاجة الى طرف ثالث وسيط للتداول مثل (الصناديق المتداولة للعملات المشفرة المتوقع انطلاقها) والتي تُسهل على المستثمر الوصول الى تلك الأصول الجديدة من نوعها دون وسيط أو منصات مُتخصصة. من عيوبها الشائعة هو التكاليف المرتفعة لها مقارنة مع شراء الأصول مباشرة والتوزيعات المنخفضة مقارنة مع تملك أسهم التوزيعات مباشرة.
الصناديق المتداولة على الرغم أنها قد تكون مناسبة لمن هو بعيد عن متابعة الأسواق وتحركاتها العنيفة المتكررة وذات عوائد رائعة على المدى الطويل إلا أن هذا ” الخمول ” ليس معشوق أغلب مدراء المحافظ – صُناع الضجيج – في الأسواق والمدارس المالية التي لا تؤمن بكفاءتها.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال