كيف يمكن أن يجعل التوأم الرقمي مدينة الرياض أكثر ذكاءً؟

يعتبر التوأم الرقمي من أهم التقنيات التي يمكن أن تساهم في تحويل مدينة الرياض إلى مدينة ذكية خصوصاً بعد فوزها باستضافة اكسبو 2030 و استضافة المملكة لكأس العالم عام 2034 كل هذه المنجزات التي هي مجرد بداية لما تحقق و سيتحقق إن شاء الله في المستقبل في ظل رؤية المملكة 2030 ومشاريعها المختلفة. 

يعرف التوأم الرقمي بأنه تقنية تسمح بإنشاء نسخة رقمية لأي كائن مادي سواء النظام في ذلك الكائن او البيانات أو العمليات التي يتم تنفيذها وحتى ودورة حياة ذلك الكائن بشكل عام. حيث يمكن إنشاء نسخة افتراضية لمدينة أو مبنى معين أو مصنع أو آلة وحتى الإنسان أيضا وذلك من خلال توظيف تقنيات حديثة مثل إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي والبيانات والحوسبة السحابية وغيرها من التقنيات الأخرى ، حيث يتم ربط النسخة الافتراضية بمصادر البيانات الحقيقة (الكائن الأصلي) والقيام بتحديثه بشكل مباشر بحكم إن تقنية التوأم الرقمي  تعمل بشكل رئيسي بالاعتماد على البيانات التي يتم الحصول عليها من الحساسات في النسخة الحقيقة حيث يمكن محاكاة ذلك بشكل فعلي وتقديم رؤى وتصورات عن الأداء والمشكلات والنتائج المتوقعة. حيث يتم في البداية بوضع حساسات مختلفة في ارض الواقع لقياس بيانات مختلفة ومن ثم يتم إرسال هذه البيانات بشكل لحظي ودون تأخير والتواصل هنا بين الكائن الأصلي ونسخته الرقمية مباشر وبشكل ثنائي.

بعدها يتم حفظ البيانات للقيام بعمليات معالجة لها ومن ثم القيام بتحليل هذه البيانات والحصول على أنماط ونماذج مفهومة يمكن بناء عليها الحصول على تصورات واتخاذ قرارات ومن ثم الخروج برؤية عن سبل التطوير والمشاكل وسير العمل وطريقة التعامل وادارة النسخة الاصلية.

من أهم ما يميز المدن الذكية قدرتها على معالجة التحديات التي تعاني منها المدن والمناطق الحضرية سواء كانت مشاكل اقتصادية أو بيئية أو اجتماعية، كما أنها تساهم في الرقم من جودة الحياة لقاطنيها. كما أن وجود تقنية مثل التوأم الرقمي ساهم في تطوير هذه الفكرة بعيداً. والتي توفر بيانات إلى النسخة الافتراضية محدثة بشكل مستمر من المصدر الاصلي مما يسمح للمستخدمين بتحليل البيانات ومراقبة الانظمة وتنفيذ عمليات محاكاة والسيناريوهات المختلفة كما لو كانت في النسخة الحقيقة. هذه البيانات يتم جمعها من بيئتها بواسطة الحساسات وطائرات الدرون وكاميرات المراقبة والسيارات والهواتف المحمولة كذلك من خلال المباني ومكونات البنية التحتية بالإضافة إلى السكان أنفسهم ولابد أن نشير إلى أن الامر ليس مقصوراً على تقنية واحدة، بل تتكامل مجموعة من التقنيات كإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية والبيانات الضخمة.

بشكل عام يمكن أن يحقق التوأم الرقمي لمدينة الرياض العديد من الفوائد أهمها:

1-تحسين اتخاذ القرار: حيث يوفر لمخططي المدنية إدارة ومتابعة العمليات بشكل فعلي و اتخاذ قرار حيال ذلك ويتحقق ذلك من خلال محاكاة النموذج الأصلي وتحليل البيانات وتوفير تنبؤات مستقبلية.

لنفترض أن لدينا كوبري أو جسر تم بناؤه منذ فترة طويلة، يمكن هنا انشاء نسخة رقمية من النموذج من خلال تزويده بتقنيات مثل الحساسات والتي ترسل بيانات بشكل مباشر نحو النسخة الرقمية ومن خلال المحاكاة يكن معرفة وضع الجسر هل هو قابل للانهيار هل يحتاج صيانة مثل عن الأحمال الثقيلة مثل لو تجاوزته عدد من الشاحنات كم الوزن الأقصى بعد كل هذه السنوات من الاستخدام؟ هل يجب إعادة بنائه من جديد؟ هل وهل حالات وتساؤلات مختلفة يمكن ان نطرحها وتعرف مدى إمكانية حدوثها والنتائج المتوقعة وبعدها يمكن القرارات بناء على ذلك.

2-التنبيه عن عمليات الصيانة بشكل مسبق حيث يمكن مراقبة المباني والطرقات والطبية التحتية وشبكات الطاقة والاتصالات في المدينة ومن خلال تحليل بيانات الحساسات يمكن التنبؤ باحتمالية حدوث أعطال مستقبلية بحيث يمكن للجهات المشرفة اتخاذ قرارات مستبقة كذلك يمكن تحسين ادارة العمليات والمواد وإطالة عمر المنتجات والأصول والمكونات المختلفة

3-تحسين تخطيط وتطوير المدينة: حيث يمكن المساعدة في انشاء المدن من الصفر أو تطوير مدن قائمة، حيث يمكن إنشاء مدن مستدامة قائمة على المواطن نفسه وهذا من أهم سمات المدن الذكية كذلك تساهم في تطوير البنية التحتية في المدن وجعلها أكثر مرونة في التعامل مع المستجدات مثل الكوارث الطبيعية وحالات الطوارئ بحيث يمكن الاستعداد لها

4- تعزيز النمو الاقتصادي وجذب المستثمرين وتعزيز الابتكار من خلال منصات يتم من خلال عرض وتنفيذ التقنيات الحديثة مثل الميتا فرس والذكاء الاصطناعي والمركبات ذاتية القيادة وحلول وتطبيقات الطاقة المتجددة وهذا يساهم في النمو والتنويع الاقتصادي معاً. 

5 – توفير الأمان داخل المدنية من خلال مراقبة كل ما يدور داخل المدينة والإبلاغ عن حالات السرقة والجرائم كذلك يمكن إدارة الحشود والحركة المرورية وتنقل السكان منها. فمثلا في موسم الرياض يمكن وضع سيناريوهات لأعداد كبيرة تتجه نحو مقر المهرجان في وقت واحد، كيف سيكون الوضع؟ ماذا لو حصل حريق لا سمح الله؟ ماذا لو حصلت اختناقات مرورية؟ متى نحتاج لإيقاف الدخول للمهرجان؟ هل نحتاج لتوجيه الحركة المرورية على طريق الدمام مثلا لمسار آخر؟