الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
اصبح من الصعب عمليا اليوم على منفذ الاتصال المؤسسي في أي منشأة تقديم المحتوى النظري للنشر في أي وسيلة اتصال او اعلام دون ان يكون مدعوما بفعل يرتكز عليه، فعل قامت به المنشأة لا يدخل فقط في صميم اعمالها، بل يجب ان يتجاوز ذلك الى أفعال أخرى تقنع الجمهور المستهدف بان هذه المنشأة تحسب حسابه ؟ كيف يا ترى يمكنها ان تحسب حسابه ؟.
يعتمد ذلك على موقع المتلقي، فالعميل يهمه ما فعلت لتحسين تجربته، بالجودة، والسعر، والخدمة، والصدق معه، والمستثمر اصبح لديه قواعد محددة تنتشر مع العولمة يوما بعد يوم للحكم على جدوى استثماره في هذه الشركة او تلك، والموظف هو اول من يكذبك او يصدقك تبعا لمعرفته بالحقيقة من الداخل.
الاتصال اليوم اصبح مجموعة او منظومة من الدلالات والممارسات التي تعبر عن المنشأة، مجموعة الأفعال التي تجعل مهمة منفذ هذا الاتصال هي التعبير عن ما حدث من افعال تمثل القيم التي تبنى عليها المنشأة، القيم التي تحافظ على ولاء العميل، وعلى العلاقة بالمستثمر ليحافظ او يزيد استثماره ، وعلى الموظف ليبقى متقدا بالحماس الكافي للإنتاج، والذهنية الصافية للإبداع والابتكار اللذان اصبحا ساحة المنافسة الأهم في نظر العملاء والمستثمرين.
ينتقل الاتصال المؤسسي من القول الى الفعل لأنه لم يعد كافيا إيجاد محتوى مصاغ بطريقة حسنة او مكتوب باستخدام تكتيكات الالتفاف على المعاني بكلمات فضفاضة او رنانة لان المتلقين الثلاثة الأساسيين : العملاء والمستثمرين والموظفين اصبحوا قادرين على التفريق بين من يقول للاستهلاك الإعلامي ومن يفعل ليرسخ قدمه في السوق التي يعمل بها، ثم في سوق القيم التي باتت تؤثر على احكام الفئات الثلاث على المنشأة.
يؤكد هذه الفكرة الانتقال المفاهيمي والعملي لقطاع الاتصال، فبعد ان كان محصورا في مسمى العلاقات العامة الذي أفل، اتسعت الدائرة وخرجت من عباءة العلاقات الإعلامية، والمراسم، الى آفاق المسؤولية الاجتماعية، وعلاقات المستثمرين، وهذه الأخيرة باتت محكومة بتطبيق المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، وهكذا تتسع الدائرة، وتتسع معها مهمة الاتصال من مجرد صياغة بيانات تجميلية تمثل هنا القول، الى دور الوسيط الذي ينقل الإنجاز الحقيقي، وهو هنا الفعل، ليس هذا فحسب، بل ان مهمته أصبحت العمل مع الإدارات المعنية بهذه “الأفعال” للوصول الى الأهداف المرسومة ان وجدت، وبالطبع ان وجدت هذه الإدارات.
في صباح كل يوم تصدر ملايين الشركات حول العالم بيانات صحافية بعضها اصبح منمطا بشكل ما وادى الى فقدان اهتمام المتلقي المستهدف، لانهم ببساطة يقولون مالا يفعلون، بينما في الجانب الآخر هناك مئات الشركات التي لا تقول كثيرا، لكنها تفعل، ويتحدث الجميع عن افعالها، يعشقها العملاء، ويتزوجها الموظفون، ويستمر المستثمرون المحليون والأجانب في مغازلتها.
لم يعد في الإمكان اختيار المكانة الإعلامية والاتصالية تبعا لموهبة وجهد فريق الاتصال، اصبح ذلك اصعب قليلا، لكنه ليس مستحيلا على من يعرف من اين يؤكل اهتمام العميل والموظف والمستثمر.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال