الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
جاء الاعلان الأخير عن زيادة كبيرة في احتياطيات الغاز والمكثفات في حقل الجافورة العملاق (أكبر حقل للغاز الصخري في العالم)، حيث قُدرت الإحتياطيات المؤكدة في حقل الجافورة بعد الزيادة بنحو 229 تريليون قدم مكعب من الغاز، و 75 مليار برميل من المكثفات.
الطلب المحلي على الغاز في السعودية يتزايد بشكل مضطرد، فالمملكة هي أكبر مستهلك للغاز في الشرق الأوسط، ويُستخدم الغاز لتوليد الكهرباء وصناعة البتروكيماويات، وقد لا يدخل إنتاج الغاز السعودي حالياً إلى سوق التصدير الإقليمي أو العالمي نظراً للطلب المحلي الكبير عليه ولكن قد يحمل المستقبل مفاجآت لعملاق قادم إلى أسواق الغاز العالمية التي تحتاج إلى تنظيم.
زيادة إنتاج الغاز في المملكة سيواكبها إضافة 4 آلاف كيلومتر من خطوط انابيب الغاز التي تستخدم في “نظام الغاز الرئيسي” لشبكة توزيع الغاز المحلية (MGS) في المملكة العربية السعودية، وهذا يعني امكانية توسع الشبكة اقليمياً إلى دول الجوار والتي تستورد الغاز.
توقيت الإعلان عن زيادة كبيرة لاحتياطيات الغاز والمكثفات في حقل الجافورة جاء في وقت تعج فيه أسواق الغاز العالمية بفوضى عارمة، ولكن ليس للإعلان علاقة بما تمر به أسواق الغاز العالمية حاليا من تدهور للأسعار وانخفاض مستويات الأسعار الى أكثر من النصف في خمسة أشهر وهبوطها إلى أقل مستويات في ثمانية أشهر، حيث انخفض سعر الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة إلى 1.6 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية (mmBtu)، وانخفض سعر الغاز الطبيعي المسال لمؤشر اليابان وكوريا إلى 8.1 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، كما انخفض سعر الغاز الطبيعي في أوروبا لمؤشر TTF الهولندي إلى 7.3 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
أيضا جاء الخبر متزامن مع تصريحات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية EIA بأنه بالرغم من أن الغاز الطبيعي هو أكبر مصدر للطاقة المستخدمة لتوليد الكهرباء في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يشكل %43 من توليد الكهرباء في عام 2023، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية تُخطط للإستغناء عن 5.2 جيجاوات (GW) من قدرة توليد الكهرباء في عام 2024، وهو انخفاض بنسبة %62 عن العام الماضي عندما تم إيقاف 13.5 جيجاوات، حيث يشكل الفحم والغاز الطبيعي معا %91 من حالات الاستغناء عن محطات توليد الكهرباء في الولايات المتحدة هذا العام.
من الواضح التخبط الشديد والتناقض في هذه التصريحات من الولايات المتحدة الأمريكية بإغلاق محطات توليد الكهرباء من الغاز والفحم، فكيف لنا أن نصدق اذا أن تكلفة انتاج الغاز الصخري الأمريكي تصل إلى نحو 6 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية (mmBtu) وغالبية صادرات الغاز الصخري الأمريكي تذهب إلى أوروبا بسعر 7 دولار حاليا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، هذا بخلاف تكاليف التسييل والتصدير والنقل.
حتى وان كانت بعض الدراسات السابقة أفادت بأن تكلفة انتاج الغاز الصخري مرتفعة، إلا أنها منحصرة في نطاق الغاز الصخري الأمريكي الذي حول الولايات المتحدة الأمريكية من مستوردة للغاز إلى أحد أكبر المصدرين، ولايمكن أن نقارن حقول الغاز الصخري في الولايات المتحدة الأمريكية الصغيرة والمتفرقة، والتي لاتملك بنية تحتية متكاملة بحقل الجافورة الذي يقدّر طوله 170 كيلومترا، وعرضه 100 كيلومتر، وقريب من البنية التحتية لمرافق الانتاج وخطوط انابيب أرامكو السعودية.
واخيراً، من المهم ادراك أن الاكتشافات الأخيرة للغاز الصخري تتعدى معانيها مسألة ارتفاع سعر سهم شركة “أرامكو السعودية”، وهي مسألة فنية مرتبطة بسلوكيات الأسواق المالية التي يتغلب عليها الكثير من سيكولوجية الاستثمار والمضاربة، فالإعلان عن ارتفاع احتياطيات الغاز في حقل الجافورة يحمل في طياته الكثير من الارتدادات الايجابية على قيمة الشركة السوقية مستقبلا.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال