الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
شهدت المملكة العربية السعودية مؤخرا ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات القروض الشخصية للأفراد من المصارف. نتيجة توسع التسهيلات المصرفية في منحها حيث سـجلت القـروض الاستهلاكية وقـروض بطاقـات الائتمان مـن المصـارف التجاريـة ارتفاعًا نسـبته 6.0 فـي المئـة لتصـل إلـى نحـو 474.6 مليـار ريـال بنهايـة عـام 2022م، مقارنـة بنحو 447.9 مليـار ريـال فـي نهايـة العـام 2021 وفقا للأرقام الرسمية للبنك المركزي السعودي.
وللأسف الأرقام مرشحة لزيادة في السنوات القادمة في ظل سباق المصارف المحموم لتحقيق معدلات أرباح قياسية، فهي لا تأخذ في اعتبارها حجم الأخطار المادية والاجتماعية جرّاء فقدان المقدرة على الوفاء بالقروض، ما دام حجم الأرباح من القروض عالية، وتفوق بمراحل حجم أي أخطار محتملة، ومن ثم لا يتوقع أن تتوقف المصارف عن التنافس على جذب العملاء من خلال سياسات إقراض تنافسية تتضمّن مغريات جديدة، سواء في التسهيلات الممنوحة، أو في المدى الزمني لاسترداد القروض. بالإضافة إلى ذلك فإنها تكرس الأنماط الاستهلاكية والمبالغة في الإنفاق، إذ تفتح الباب على مصراعيه أمام العملاء لاغتراف أموال تتجاوز قدراتهم على السداد. لتغطية العجز في دخولهم عن تلبية بعض متطلّبات معيشتهم.
وهنا أنا لا أنكر أن القروض الشخصية سبب لتحفيز الاقتصاد وزيادة الإنفاق، ما دامت في حدود المعقول كما يمكن استخدامها لدعم المشاريع الصغيرة وخلق فرص عمل جديدة، وتحسين مستوى معيشة الأفراد من خلال توفير المال. لشراء منزل أو سيارة أو أي احتياج آخر. ولكني لا أستطيع تجاهل تأثيراتها غير الحميدة على الأفراد والاقتصاد بشكل عام، فزيادة الديون الشخصية؛ للأفراد يؤدي إلى تقليل قدرتهم على تلبية احتياجاتهم الضرورية. ويزيد مخاطر الاقتراض وهو ما ينعكس على القوة الشرائية.
غير التأثير الاجتماعي على المجتمع، فعندما يفقد الإنسان وظيفته، أو يواجه ظروفًا طارئة، تتزايد الديون الشخصية كالسحب السوداء التي تغمره، مما يجعله يعيش في حالة من القلق والتوتر المستمر، ويجد نفسه غارقًا في بحر من الهموم الذي يؤثر سلبًا على صحته النفسية؛ ومن ثم يفقد قدرته الشرائية المعتادة. كما يتسبب ارتفاع القروض الشخصية إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات، مما يزيد التضخم، ويؤدي إلى انخفاض الادخار. هذا بدوره قد يؤثر في الاستثمار في المستقبل. وقد يؤدي إلى عدم الاستقرار المالي، خاصة في حال حدوث أي أزمة اقتصادية للأفراد.
وللتخفيف من التأثيرات السلبية لارتفاع القروض الشخصية، يجب على الأفراد الحرص على عدم الاقتراض إلا للضرورة، وأن يُقارنوا بين عروض المصارف المختلفة قبل الحصول على أي قرض. ووضع خطة لسداد القرض على أقرب وقت ممكن، لتجنب تراكم الفوائد، كما يجب على الأفراد عدم الاقتراض أكثر من قدرتهم على السداد، لتجنب الوقوع في مشاكل مالية.
وختامًا، يُعد ارتفاع القروض الشخصية للأفراد من المصارف ظاهرة مُقلقة، ولكن يمكن التخفيف من تأثيراتها السلبية من خلال نشر الوعي حول مخاطرها وتثقيف الأفراد حول كيفية إدارة أموالهم بشكل سليم.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال