الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مواضيع الملكية الفكرية أصبحت مهمة للجميع سواء التاجر أو حتى مدون وسائل التواصل الإجتماعي! ونظراً للحاجة الملحة لهذا الأمر فقد أسترعى هذا اهتمام القيادة حفظها الله وسعت لحماية حقوق الملكية الفكرية وتعزيز إنفاذها، الأمر الذي بدا جلياً في رؤية 2030م. ومن ضمن الخطوات المُتخذة إنشاء الهيئة السعودية للملكية الفكرية في 27/03/2017م وذلك لتكون الجهة المختصة بشأن تسجيل وفحص الطلبات الخاصة بالملكية الفكرية.
ومن أكثر الأسئلة التي ترد في منازعات الملكية الفكرية حول التاريخ الذي يُعتد به لملكية الشيء محل الحماية طبقاً لنظام الملكية الفكرية فعلي سبيل المثال في حالة الصورة الفوتوغرافية، هل هو تاريخ نشر الصورة ام تاريخ تسجيلها؟، وما هو الشيء الذي يُحدد على أساسه التعويض في حالة الاستخدام الغير مصرح به للصورة؟
بالنسبة للتساؤل الأول فالتاريخ الذي يُعتد به كأساس لتحديد مالك الصورة الفوتوغرافية الحقيقي هو تاريخ نشر الصورة، أما التسجيل لدى الهيئة السعودية للملكية الفكرية فهو تسجيل صوري وقائي يقوم به الشخص لإثبات ملكيته الفكرية للصورة درءً لمخاطر نزاع أحد الأشخاص حول صحة تاريخ نشرة الصورة لأول مرة وبالتالي ملكيته لها في حال وجود نزاع امام المحاكم.
أما بخصوص التساؤل الثاني حول أساس تحديد التعويض ومدي الضرر الذي قد يُصيب شخص جراء نشر أخر لصورة مملوكة له دون إذنه، فإن الفقه الحديث يرى أن الضرر في هذه الحالة هو ضرر مفترض، حيث يصعب إثبات الضرر المادي الواقع علي مالك الصورة ومقداره بشكل فعلي او دقيق. ففي تلك الحالة تحكم المحكمة بالتعويض بمجرد ثبوت ركني الخطأ والعلاقة السببية، ولكن تنفرد بتحديد مقدار التعويض المستحق والمناسب وفقا لسلطتها بذلك .
وقد صدر حكم في الأشهر الماضية لشركة مساهمة مدرجة وهو نزاع بين (شركة ثوب الأصيل) التي تداولتها ونشرتها المحكمة التجارية برقم ٤٣٩٤٨٣٧٣٣ بتاريخ 1443ه، والتي يظهر فيها اتجاه المحاكم التجارية في نظر القضايا المتعلقة بالملكية الفكرية في ضوء التساؤلات السابقة، وتتخلص وقائعها في قيام شخص يدعى عبدالله محمد البلوي برفع دعوى ضد شركة ثوب الأصيل؛ مدعياً تعدي الشركة على حقه في مصنف : وهو عبارة عن صورة تضمن رجل ملثم يمتطي جوادًا ويحمل علم السعودية، وخلفه جبل به ثلوج في منطقة تبوك، وقد قام عبدالله البلوي بنشر تلك الصورة على مواقع التواصل الاجتماعي، وبوقت لاحق في نفس اليوم قامت الشركة بنشر تلك الصورة على مواقع التواصل الاجتماعي واستعملتها في دعاية تسويقية بمناسبة يوم التأسيس، الأمر الذي دفع بصاحب الصورة الى اللجوء الى المحكمة التجارية مطالباً بتعويض قدره (350,000 ر.س) ثلاثمئة وخمسون ألف ريال .
وقضت المحكمة بثبوت ملكية المدعي للصورة حيث أنه قدم الصورة محل الدعوى بصيغة (RAW) (صيغة الصورة الأصلية) التي تتضمن معلومات الصورة الأولية التفصيلية، وقدم ما يفيد نشرها وبالتالي تتوافر فيه عناصر المؤلف وتؤكد ملكيته الحقيقية للصورة، أما بالنسبة للتعويض نظراً لأن القيام بنشر مصنف غير مملوك لمن قام بالنشر، أو نشره مدعيًا ملكيته، أو دون حصوله على إذن كتابي أو عقد من مؤلف المصنف يعتبر فعلاً مخالفاً لنظام الملكية الفكرية وتوافر اركان الخطأ وعلاقة السببية فقد انتهت الدائرة بالحكم بتعويض المدعي بمبلغ 50 خمسون الف ريال جبراً للاعتداء الذي حصل في حقه بسبب مخالفة النظام ورفض ما زاد عن ذلك لعدم ثبوت الأضرار التي ادعاها المدعي.
وقد حاولت شركة ثوب الأصيل ردّ القضية عن نفسها بان دفعت بأنها قد تعاقدت مع (شركة الأفكار المبدعة) -طرف ثالث- وان تلك الشركة هي التي قامت بتوفير الصور والتصاميم لغرض الإعلان عن منتجات شركة ثوب الأصيل وأن شركة ثوب الأصيل لم تعلم مصدر الصور محل الدعوي ولا تعلم عن صحة دعوي المدعي بكون الصور مملوكة له ام لا وطلبت إدخال الشركة المصممة في الدعوي ولكن رفضت المحكمة ذلك الطلب كون العلاقة التعاقدية الناشئة بين شركة ثوب الأصيل وشركة الدعاية هي علاقة ملزمة لأطرافها فقط وليس للغير، ولأنه بصرف النظر عن صحة ما ادعته شركة ثوب الأصيل من خطأ شركة التصميمات فإن الفعل المحظور في نظام الملكية الفكرية -أساس التعويض – هو نشر صنف غير مملوك لمن قام بالنشر، أو نشره مدعيًا ملكيته، أو دون حصوله على إذن كتابي أو عقد من مؤلف المصنف وهو ما قد قامت به فعلاً شركة ثوب الأصيل وبذلك تثبتت عليها المخالفة وتأكدت صفتها في الدعوي وبه انتهت المحكمة.
وقد لاحظت مؤخرا أن كثيرا من الشركات بدأت تتخذ بنودا احتياطية في عقود المصممين، تتعلق بمسؤولية المصمم عن سرقة الصور والأعمال الفنية وأحقيتها في الرجوع عليه بأي تعويض في حال مخالفته لذلك، الأمر الذي تدفع به الشركات وكالات التسويق والإعلان لبذل المزيد من العناية اللازمة والجدية الواجبة في أعمالها ومنعا لوقوعها في حرج مع جمهورها أومساهميها، وهو تحوط ذكي لاغنى عنه لتجويد العقود.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال