الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يقول الكاتب الكندي آلان دونو في كتابه الشهير “نظام التفاهة” :
“إن التافهين قد حسموا المعركة لصالحهم في هذه الأيام، لقد تغير الزمن، زمن الحق والقيم ، ذلك أن التافهين أمسكوا بكل شيء، بكل تفاهتهم وفسادهم؛ فعند غياب القيم والمبادئ الراقية، يطفو الفساد المبرمج ذوقاً وأخلاقاً وقيماً، إنه زمن الصعاليك الهابط”.
لكن دعنا نصحح المسار عزيزي القارئ ونحاول أن نقيم كفّة الميزان قليلاً فكما أن هناك الطالح، فإن هناك الصالح .
وكما أنّ كل منظمة فيها من قصص النجاح الشيء الكثير. ففي المقابل هناك قصص فشل سببها ممارسات خاطئة أو لا أخلاقية يكاد لا يخلو منها أي مجتمع وظيفي في العالم. منها على سبيل المثال: التحزبات في العمل.
فالحزب أو الشلة: هي مجموعة من الموظفين التابعين لأحد القياديين أو ذوي المناصب في المنظمة يجمعهم نفس المبدأ والمصلحة والأجندات الخفية فيتفقون بالتوجهات والتوجيهات فيسيرون حسب تعليمات الأب الروحي (رئيس الحزب).
لدى ذلك الحزب في التعيين والترقية لا يهم المؤهل أو الخبرة أو القدرات العقلية، المهم هو قوة الانتماء والولاء والانصياع التام والانبطاح الكلي لتعليمات وبروتوكولات حكماء تلك الشلة، وتراهم متصدرين الكلام وبأفواهٍ متشدقة مليئة بالفخر الكاذب وبصياح الديَكة وزهوها يستخدمون تلك الشعارات التنظيرية مثل: مصلحة المنظمة هي الأهم، نحن فريق عمل واحد، أهداف المنظمة فوق كل اعتبار، لا كبير على النظام، وغيرها من الشعارات البراقة التي تستخدم في ذر الرماد في العيون لكل من يشكك في ولائهم أو يكشف ألاعيبهم. وهم ليسوا سِوى فئة كالّتي” تأكل مع الذئب، وتنبح مع الكلب، وتبكي مع الراعي” .
من خلال جلساتي الاستشارية مع قياديين ومؤثرين في المنظمات، استرعى انتباهي خلال السنة الماضية تقارب ملاحظات بعض أولئك القياديين واتفاقهم على تفشي الشللية والتحزبات في العمل مما أثر سلباً على أداء ومستهدفات كثير من الأهداف التنظيمية وأدى إلى نتائج عكسية، فعلى سبيل المثال في أحد المنظمات تم تعيين مدير على أحد الأقسام كانت خبرته لا تتجاوز السنتين ويصدف أن مؤهله الوحيد عزيزي القارئ أن قريبه هو نائب الرئيس (مستغلين اختلاف الاسم الأخير). عندما أقالوا قريبه استقال هو مباشرة خوفاً من الفضيحة وتحسباً لضياع الدعم واكتشاف مكامن ضعفه مهنياً وقيادياً وشخصياً حيث كان على درجة من ضعف واهتزاز الشخصية.
شخص آخر متنفذ في أحد المنظمات كلما انتقل إلى منظمة جديدة أخذ معه عدد من الموظفين والموظفات لاعتبارات شخصية (أغلبها ذات طابع وضيع جداً ).
وآخرُ ثالث (من إحدى الجنسيات) عندما تمكّن وأمسك زمام منصب قيادي بدأ بتقريب الموظفين الاقل انتاجا وترقيتهم وتمكينهم حتى لو خالف اللوائح الداخلية ( لدرجة حصول بعضهم على ترقيتين بالسنة الواحدة)، كما مارس سياسة الإقصاء على الموظفين المميزين فقط لأن لديه عقدة من الأذكياء والموهوبين ولأنه يتمتع بدرجة عالية من العشوائية والفوضوية في اتخاذ القرار ويستفيد كثيراً من ضبابية اللوائح الداخلية.
الأمثلة كثيرة ولسنا في مجال الحصر، وأنا على يقين تام أن لديك -أيها القارئ الكريم- أسوأ منها في واقعك، ولكن يجب أن تعلم أنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح و أنّ القوة هي الحق، وماهي إلا فقاعات صابون مهما ارتفعت لا تلبث إلاّ أن تزول، وكما ترى وتعلم فإن الدولة حفظها الله تعمل بكل جهودها لكشف هذا الفساد والتصدي له وتكافح بكل أجهزتها لمحاربة تلك الشراذم والقضاء عليهم فالأمر فقط يحتاج إلى وقت وصبر وتعاون المخلصين والغيورين على مصلحة الوطن، حيث يكمن دورنا في الإبلاغ عن أي ممارسات مشبوهة في أي وقت وأي مكان. وفي الختام أتذكّر مقولة مارتن لوثر: “ليست المصيبة في ظلم الأشرار، بل في صمت الأخيار”.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال