الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تعد السياحة من القطاعات الحيوية والأساسية في الاقتصاديات العالمية، فهي تؤدي أدوارا مهمة وحيوية اقتصاديا وثقافيا، ويعال عليها في تعزيز التنمية الشاملة في نموها وازدهارها، وهي من أكثر القطاعات توفيرا لفرص العمل وتوليد الوظائف، وتطوير البنى التحتية وزيادة الإيرادات الحكومية، ونشر الثقافات المحلية، والتبادل الثقافي والتعاون الدولي، والتقارب بين الشعوب، وهي تسهم في تحقيق السلم العالمي والقضاء على الأفكار النمطية السلبية بين الشعوب.
وتعد السياحة بالمملكة العربية السعودية من القطاعات الناشئة التي تتطور بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، نتيجة لتأطيرها كمستهدف أساسي للرؤية الوطنية لتخفيف الاعتماد على العوائد النفطية بشكل أساسي، وقد حققت نتيجة للدعم الرسمي والمقومات والخصائص والمزايا المحلية النفيسة والمتنوعة، والنتائج فاقت توقعات كثير من المحللين والمهتمين بهذا الجانب، فقد اشارة المؤشرات الصادرة مؤخرا حسب تقرير الأمم المتحدة للسياحة “باروميتر” في يناير 2023 إلى أن المملكة العربية السعودية تتصدر قائمة الأمم المتحدة للسياحة في نمو السياح الدوليين في عام 2023 مقارنة بعام 2019 للدول الكبرى سياحيا، وكذلك وفقا لتقرير الأمم المتحدة للسياحة “باروميتر” الصادر في شهر يناير 2024، وارتفعت نسبة السياح الدوليين في عام 2023 مقارنة بعام 2019 وجاء إجمالي إنفاق الزوار من الخارج خلال الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2023 (100 مليار) حيث نسبة التعافي في أعداد السياح الدوليين في المملكة العربية السعودية سجل 156 % وبهذا تصبح المملكة العربية السعودية الأعلى نموا بين الدول الكبرى سياحيا.
وقد انقسمت مستهدفات السياحة بالمملكة لشقين؛ مستهدفات محلية، بحيث يصل عدد السياح المستهدفين محليا 80 مليون بنهاية عام 2030، وقد وصل العدد إلى 77 مليون سائح بنهاية العام الماضي 2023، أي ما نسبته (96.3٪) من المستهدف، وهذا إنجاز عظيم خصوصا إذا ما أخذنا في الاعتبار أن هذه النتيجة تحققت قبل تاريخ الاستهداف بستة سنوات، أما الشق الثاني من المستهدفات، فهو عدد السياح الدوليين والمقرر أن يصل إلى 70 مليون سائح، فقد وصل العدد بنهاية العام الماضي إلى 27 مليون سائح، أي ما نسبته (38.6٪)، وهي وأن كان العدد جيد إلا أنه يوحي بوجود فجوة كبيرة بين الذي تم تحقيقه من المستهدف بين عدد السائح الداخلي أو المحلي، والخارجي أو الدولي.
وهذه المستخلصات المميزة تستوجب تعزيز النتائج التي تحققت، ومن جانب أخر زيادة الجهود لتحقيق المستهدفات التي لم تحقق نتائج مماثلة، وأسوة بما تم سابقا نتيجة للنجاحات الكبيرة التي تم الوصول لها في هذا المجال وأدى لزيادة الطموح المستهدف برفع العدد المطلوب من 100 مليون سائح إلى 150 مليون سائح في عام 2030م.
ولأنه بفضل من الله ثم للجهود والمنهجيات الناجعة التي بنيت باحترافية لتحقيق المستهدف السياحي بقيادة عراب الرؤية والملهم وربان النجاحات سيد الأمير محمد بن سلمان، والإبداع من وزارة السياحة الملموس، والمقومات العديدة والخصائص المكانية النفيسة والبني التحتية الإدارية والتنموية الناجعة، والتعاون والتنسيق الفاعل بين القطاعات والوزارات والأجهزة الحكومية، يمكن أن يكرر التغير بزيادة المستهدف بالسياحة المحلية بحيث يكون العدد في العام المستهدف (2030م) 100 مليون سائح محلي، أما بالنسبة للسياحة الخارجية أو الدولية، وحيث أن ما تحقق الآن يشكل ثلث الرقم المستهدف فقط، وللوصول للمستهدف ليس سهل بل يحتاج بذل مزيد من الجهود وفتح أفاق جديدة أو تعزيز المتواجد، وإن كان باكتمال كثير من المشاريع الاستراتيجية الكبرى، فأنها بعون الله ستؤدي الى زيادة كبيرة في العدد للسياحة بشقيها (السياحة الخارجية- والداخلية)، وخصوصا مشروع القدية الترفيهي والرياضي، وبوابة الدرعية، وأمالا، والبحر الأحمر، وجوهرة المشاريع نيوم وجزرها الخلابة، والفعاليات خصوصا أكسبو 2030، وكأس أمم آسيا 2027م، وكأس العالم 2034م .
ومع ذلك إلا أن التحدي كبير يتطلب جهود إضافية نوعية تؤدي للوصول للمستهدف، ومن ذلك تعزيز الثقافة السياحية السعودية، لأسباب عدة:
1- توجد خصائص ثقافية سعودية ممتدة لألاف السنين، وتعاقب على المنطقة مملكات ممتدة لألاف السنين أوجدت آثار نوعية في كل أنحاء المملكة، ومن ذلك، حضارة المقر (9000 سنة ق.م) العصر الحجري- وادي الدواسر، قوم عاد (4200 سنة ق.م) الربع الخالي، قوم ثمود (4000 سنة ق. م) مدائن حجر (مدائن صالح) العلا، طيم وجديس (3000 سنة ق.م) حجر اليمامة، مملكة دادان ولحيان (2000 ق.م) مدينة حجر، حضارة مدين (1700 سنة ق.م) البدع تبوك، مملكة قيدار (1000 سنة ق.م) دوم الجندل- الجوف، مملكة الجرهاء (650 سنة ق.م) ثاج- الجبيل، مملكة كندة (300 سنة ق.م) اقليم نجد، الأنباط (300 سنة ق.م) العلا وتبوك، الأخدود (110 سنة ق.م) نجران، العصر الجاهلي- حكم القبائل/ عصر المعلقات والأدب العربي (100سنة ق.م- 610م) اقاليم نجد والحجاز وتهامة والأحساء، العصر الاسلامي النبوي الشريف والخلفاء الراشدين والأموي والعباسي (610- 1517م)، حكم القبائل (1517- 1727م)، العصر السعودي (1727- إلي الآن) وإلى قيام الساعة بمشيئة الله.
2- وجود آثار نبوية شريفة ممتدة على طول الطريق من مكة المكرمة حتى مدينة تبوك، وكذلك آثار لصحابته رضي الله عنهم وأرضاهم، والتي تجاوزت إلى نجد وغيرها.
3- مواطن ثقافية خلد التاريخ أحداث لأفذاذ عاشوا بها، مثل سوق عكاظ، ومواطن شعراء المعلقات، والغزوات قبل التاريخ الإسلامي وبعده.
4- المحميات الثمانية وإمكانات تحويل أجزاء منها مواطن عيش تحاكي حياة الصحراء توفر عوامل استقطاب سياحي خارجي وداخلي.
5- البيئة الأمنة في كل المملكة بحيث لا توجد مخاوف أمنية تعيق تحركات السياح في أي مكان يشأ وفي أي وقت كان فالأمان الكامل في منتصف الليل هو نفسه في وضح النهار، وهو غير متوافر في كثير من الأماكن السياحية في كثير من الدول.
6- كذلك من خصائص المجتمع السعودي قبول الأخر بكل ايجابية وترحاب أين كان الأخر، وهذا عامل مهمة ومريح للسائح الخارجي، قد لا يتوافر في كثير من المجتمعات الأخرى، والذي يمكن أن يكون عامل جذب يتيح للمهتمين تسويقه ضمن خطط التسويق الجذابة الأخرى.
وكذلك لضمان الوصول لعدد المستهدف من السياح الدوليين، مع الأخذ في الاعتبار للفجوة بين ما تحقق فعليا وما يسعى لتحقيقه، في ظل المنافسة القوية اقليميا ودولياً، ولوجود تباين بين الثقافات والرغبات والاحتياجات للسياح الدوليين فالأمر يتطلب تطوير البرامج السياحية المختلفة، وتتشارك فيه كل القطاعات والهيئات بحيث تصمم برامج تنافسية نوعية في ظل الخصائص المكانية للمملكة المتنوعة إن كان اسناد للتاريخ أو الآثار أو الجغرافية أو التنمية أو البيئة، بحيث يتوسع كما ونوعا في المنتجات والخدمات المقدمة ليتحقق تغطية لكل الاحتياجات وتتوافق مع كل الثقافات، وكذلك للاستمرار في هذا التفوق الذي أبهر المتابعين والمهتمين بالسياحة محليا ودوليا يستوجب تفعيل الرصد والتقييم والرقابة المستمرة بموضوعية، لتوفير أجود المنتجات ومنع الآفات، كسوء في الخدمات أو الغش والتحايل أو الاحتكار وما إلى ذلك من آفات ، ومن جانب أخر توفير مراكز تدريب عالية الجودة، ودعم الموجود لتأهيل موارد بشرية تأهيل عالي، ودعمهم مالياً ومعنوياً بطرق متعددة لضمان استمرارهم في تقديم خدمات ذات جودة عالية، كذلك ضمان عدم تهرب المخالفين من العقوبات وتطبيقها بشكل كامل لتوفير الردع بشقيه الخاص والعام.
وبمناسبة يوم التأسيس المجيد ارفع أسمى آيات التهاني والتبريكات لمقام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حفظهم الله وكافة الشعب السعودي النبيل.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال