مستقبل التقنيات المالية في قطاع التأمين 

شهد العالم خلال العقد الماضي تطور كبير في مجال الحوسبة والتقنيات الرقمية الأمر نتج عنه حدوث تغييرات جذرية في العديد من القطاعات أحدها قطاع التأمين ، حيث أدى تبني التقنيات الحديثة كالذكاء الصناعي والمنصات الرقمية وإنترنت الأشياء (internet of Things) في قطاع التأمين الى استحداث مفهوم “تقنيات التأمين” (Insurtech) الأمر الذي خلق فرص جديدة للاستثمار من خلال نماذج عمل ترتكز على التقنيات الرقمية.

ويعود تاريخ هذا المفهوم (أي تقنيات التأمين) الى بدايات العقد الماضي عندما ظهر للمرة الأولى بصفته فرعاً من فروع “التقنية المالية” (fintech) ، واليوم يُقدر الحجم العالمي لهذا القطاع قرابة 5.45 مليار دولار ومن المتوقع أن يزداد خلال السنين المقبلة ليصل الى 152 مليار دولار وذلك بحلول عام 2030 ، و تهيمن الولايات المتحدة لوحدها على ما نسبته 36% من اجمالي هذا القطاع. 

إضافة الى ما سبق فإن هناك العديد من الشركات الناجحة في مجال تقنيات التأمين ويتخطى بعضها حاجز المليار دولار ولعل أبرزها شركتي “برايت هيلث” (Bright Health) و”ليموند” (Lemonade) الأمريكيتين والمتخصصتين في تقديم منتجات التأمين الصحي ، فشركة “برايت هيلث” عملت على استخدام التقنيات الرقمية وبالأخص تحليل البيانات ومعالجتها للربط بين المرضى ومقدمي الرعاية الطبية من أجل تحسين جودة الخدمة ، أما شركة “ليموند” فقد تميزت باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي (Artifical Intelligence) وبوتات الدردشة (Chatbots) لمعالجة المطالبات المالية الى جانب استخدام التقنيات الرقمية الأخرى لمعرفة تفضيلات العملاء لتقديم أفضل الخدمات والأسعار.

وفي المملكة يعتبر قطاع التأمين بمجمله من القطاعات الواعدة نتيجة للطلب المتنامي على منتجات التأمين ، فبحسب “هيئة التأمين” فقد حقق قطاع التأمين نمو خلال الربع الثالث من عام 2023 بصافي دخل بلغ 869 مليون ريال كما ارتفع عمق قطاع التأمين من الناتج المحلي الغير نفطي ليصل الى 2.2 % ، أما “البنك المركزي” فقد ذكر في تقرير سابق أن قطاع التأمين شهد في عام 2022م نمواً يقدر ب26.9% في قطاعات التأمين المختلفة بما فيها التأمين الصحي والمركبات الى جانب تأمين الحماية والادخار.

أما مجال تقنيات التأمين فيعتبر من المجالات المستحدثة نسبياً والتي ظهرت كنتيجة طبيعية للتطورات الكبيرة في تقنية المعلومات في المملكة ، وعلى الرغم من حداثته هذا المجال الا أن بعض الشركات العاملة فيه أصبحت من اللاعبين المهمين خاصة تلك المتخصصة في وساطة المنتجات التأمينية الموجهة للأفراد ولعل أبرزها شركتي “تأميني” (Tameeni) و “بي كير” (Bcare) ، وبحسب بيانات “فنتك السعودية” وهي إحدى مبادرات البنك المركزي التي أطلقها بالشراكة مع هيئة السوق المالية فإن شركات التقنية المالية للتأمين شكلت في عام 2022م ما نسبته 3% من إجمالي الشركات العاملة حيث ركزت أغلبها على المدفوعات والتمويل.

وختاماً فإن مجال تقنيات التأمين من المجالات الواعدة التي يتوقع أن تشهد نمواً كبيراً خلال السنوات المقبلة بالتزامن مع توجه الدولة للتركيز على دعم قطاعي التأمين وتقنية المعلومات الأمر الذي يوفر فرص استثمارية كبيرة إلى جانب توفير فرص عمل وظيفية في هذا المجال.