هل ستكفي الطاقة الإنتاجية لمصانع الأسمنت تلبية مشاريع الرؤية؟

البنى التحتية لمشاريع الرؤية قائمة على قدم وساق، وقريبا ستبدأ أعمال إنشائية لبعضها والتي ستستهلك كميات اسمنت كبيرة، كما ان سمو الامير محمد بن سلمان بشر بأن هناك مشروع جديد لرؤية جديدة، رؤية 2040, وبالتالي نتحدث عن مستقبل واضحة اهدافه وهذا يعني اننا بشكل مؤكد نتحدث عن 16 سنة من الان، من البناء المتواصل لمشاريع ضخمة جدا لا يضاهيها شئ من اي دولة في اي قارة.

هنا ساتطرق الى نقطة في غاية الأهمية فالملاحظ ان التقارير الدورية الصادرة عن شركات الاسمنت كلها تتكلم عن معلومات تاريخية، ولم اجد اي تحليل او تقرير يعطي صورة عن مستقبل القطاع واحتياجات الاسمنت المستقبلية لمشاريع الرؤية ومدى قدرة الشركات القائمة على تلبية هذه الاحتياجات.

نعلم ان المصانع تعمل بأقل من 70% من طاقتها الانتاجية الآن، ولكن لا نعلم هل ستتمكن الشركات من تلبية الطلب متى ما انتهت أعمال البنى التحتية لهذه المشاريع وبدأت الأعمال الإنشائية.

ايضا علينا ان لا ننسى مشاريع القطاع الخاص التي تقوم الشركات والمستثمرين على تخطيطها الآن، والتي تشمل مشاريع إسكان ومشاريع سياحية ومشاريع صحية وتعليمية وغيرها، يجب في رأيي ان يكون هناك خارطة طريق معلنة (تقديرية)، توضح مدى قدرة المصانع وفق طاقاتها الانتاجية على تلبيته، وتأثير ذلك على اسعار الاسمنت. كما واتساءل هل ستتجاوز احتياجاتنا قدراتنا الانتاجية؟ وانا هنا اتكلم عن دراسات واضحة تحدد ذلك من عدمه، وفي حالة ما اضطررنا للاستيراد، وشخصيا أتوقع ذلك، هل بدأنا في دراسة الخيارات المتاحة من المصانع خارج المملكة؟ وهل بدأنا في التفاوض على ذلك معهم؟ ام اننا سننتظر لنكون تحت ضغط الوقت فتضعف قدرتنا على التفاوض؟ اعتقد كل هذه الأمور مع غيرها يجب ان توضح للوسط الاقتصادي والاستثماري والوسط المعني بالدراسات والتحليل. مساهمي شركات الاسمنت يحق لهم ان يعرفوا هذه المعلومات وغيرها فيما يخص شركاتهم المدرجة.

حتى تقارير شركات الكابيتال تتكلم عن عموميات غير مدعمة بأرقام تقديرية واضحة لمعدلات الاستهلاك المزمعة، (مشاريع الرؤية سترفع الطلب على الاسمنت)، (مشاريع الاسكان سترفع الطلب على الاسمنت) كلها جمل فضفاضة، وكان يتوقع من شركات الكابيتال أرقام تقديرية بدرجة عالية من الدقة High accuracy projections، تساعد كافة المعنيين على تقدير الأمور المستقبلية .

اعرف ان احد مشاريع الصندوق (ذا لاين) سيكون أكبر مستهلك للحديد في تاريخ المشاريع على الأرض، فهل تم تقدير احتياجه من الاسمنت من قبل الشركات؟ مشروع البحر الأحمر سيغطي كافة الجزر السعودية والساحل السعودي الغربي، فهل تم تقدير احتياجاته من الاسمنت حين تصل اعمال الانشاء ذروتها؟ وبالامكان التساؤل بنفس الطريقة فيما يخص المشاريع الأخرى من القطاع الخاص والعام على حد سواء. واستغرب فعلا عدم صدور شئ من شركات الاسمنت حيال هذا الأمر.

مرحلة البناء ستستمر لعقود في بلادنا، وكل مشروع من مشاريع الرؤية الكبرى سيتولد عنه مشاريع فرعية، وهذا بديهي لان مشاريع الرؤية عبارة عن Ecosystem   متكامل وقادر بذاته على توليد قيمة اقتصادية وفرص استثمارية تشمل البناء والتشييد. شركات الاسمنت يجب ان تكون شفافة حيال هذا الامر، وايضا ينبغي ان تكوين علاقات بناءة مع نظيراتها في القارات الأخرى لسد احتياجاتنا من الآن إن لزم الأمر. لا ينبغي ان يكون هناك اي ضبابية في هذا الأمر، وأذكر ان الرؤية اتت بالشفافية، وينبغي ان يتسابق القطاع الخاص على ذلك، كل في موضعه.