الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لماذا يحمل علماء كثيرون و رواد أعمال لامعون قلقًا مفرطا من مستقبل تطبيقات الذكاء الاصطناعي؟ هناك أربع قضايا رئيسة تحرك هذا القلق.
أولها، فقدان الناس خصوصياتهم مع ازدياد المراقبة الآلية وقدرة الآلات والتطبيقات على تحليل مجاميع ضخمة من البيانات تمسهم بالدرجة الأولى، لتقدر من بعد ذلك أن تستغلهم، أو تبتزهم دون هوادة، وكمثال على ذلك، تستكشف الخوارزميات في أنظمة الحجوزات صلة القرابة بين الركاب على متن الرحلة الواحدة حتى مع تخالف الأسماء، ومن ثم، تنثرهم متعمدة في أرجاء متفرقة من الطائرة، وبالتالي يضطر المسافر الذي يحجز مع عائلته إلى دفع أموال إضافية لشراء المقاعد المتجاورة، رغم أنه يحجز بشهور كثيرة قبل السفر على متن طائرة غير مزدحمة هو أول الحاجزين عليها. يسمى هذا النوع من الخوارزميات بـ خوارزميات الاستغلال Exploitative Algorithms ، ولعل آخر من شن الحرب عليها هي وزيرة الرقمنة البريطانية مارغوت جيمس بنفسها بحسب مانقلته الاندبنت البريطانية.
القضية الثانية، هي فائض البطالة من اضطراب سوق العمل في مختلف القطاعات خصوصا تلك التي تقوم على توظيف أصحاب المهارات الفائقة كالجراحين والمهندسين، والمؤسسات التي تقوم على توظيفهم في طريقها إلى هاوية الإفلاس والتلاشي، وهكذا يسقط العاطلون الجدد في براثن الفقر، حيث الجوع وفقدان المعنى وتفشي الأمراض النفسية وانهيار الأخلاق فالجريمة من جناة جدد فائقي التعليم مسلحين بالخيبة و مشاعر السخط والانتقام، وهي أمور مقلقة جدًا حين تخرج عن السيطرة.
القضية الثالثة، أن هذه التطبيقات وهذه الآلات الاصطناعية وارثة أصيلة لتحيز الإنسان الذي نشر تحيزه بكل وسيلة. جرب أن تسأل ChatGPT عن رأيه في المظلمة الفلسطينية، ولن يتلو على مسامعك غير السردية الغربية القائمة على مظلمة اليهود والحاجة إلى الأمن في أعقاب الاضطهاد المعادي للسامية!
القضية الرابعة الأخيرة، معضلة الصندوق الأسود، حيث كلما ازدادت أنظمة الذكاء الاصطناعي تعقيدًا، صعُب على الإنسان فهمها والتحكم في أفعالها أو وضع أخلاقياتها. فالفرق بين الآلات الكلاسيكية و تلك المشغلة باستخدام #AI كالفرق بين إشعال عود الثقاب، و إطلاق صاروخ نووي عابر للقارات موجه بالأقمار الاصطناعية. ألسنا نزود اليوم كثيرًا من المنتجات الكلاسيكية بقدرات تحليلية و استشرافية رهيبة، فهي تبصر، وتقرر وتتحرك؟ السيارات ذاتية القيادة تفعل كل ذلك بالمناسبة، وكذلك مكانس تنظيف السجاد الروبوتية.
هذه الآلات مادام أنها تسعى لتحقيق هدف منطقي ونتيجة مطلوبة على أي حال، فإنها تعمل وتتعلم من أجل هذه النتيجة.
ولذلك حين نقول لتطبيق ضعيف مثل تطبيق Siri أضحكني، فسيتلو لك نكتة سخيفة. أما حين يكون أقوى، أي حين يكون لهذا التطبيق أذرع وأقدام، فيمكنه إضحاكك أيضا بوضع أسلاك كهربائية في عضلات وجهك!
هذا مثال بسيط على مسعى منطقي نحو هدف واحد، أليس كذلك؟ لكنه يعني فيما يعنيه، أننا نتجه للحياة في كوكب تجاورنا فيه آلات لها اختياراتها وتفضيلاتها الوجيهة المعقولة بالنسبة لها، لتنفيذ مهام قد لا نوافق عليها، وحين نرفض، فإنها ترانا مصدر تهديد لها .. وهذه هي الكارثة!
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال