الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يقال إذا اجتمع اثنان من الاقتصاديين فسيكون هناك ما لا يقل عن ثلاثة اراء! هذا هو الحال في علم الاقتصاد الذي يتقبل كافة الآراء ويفتح الطريق امام الكثير من المغالطات التي يتم توظيفها لخدمة مصالح مختلفة او قد تكون نتيجة لسوء فهم الاقتصادي او الدخيل على الاقتصاد لطريقة عمل الأدوات التحليلية ورابطة العلوم الأخرى بالاقتصاد.
الاقتصاد في درس واحد لهنري هازليت واحدا من اهم الكتب الاقتصادية التي تهم الكثير من الاقتصاديين والمهتمين بإدارة الاقتصاد .. يقول الكتاب الاستجداءات اللانهائية للمصالح الشخصية، ثمة عامل رئيسي يولد مغالطات اقتصادية جديدة كل يوم ، إنه تلك الميل المستمر لدى البشر لرؤية الآثار الفورية لسياسة بعينها فقط ، أو رؤية آثارها على جماعة معينة فقط ، وتجاهل الاستقصاء عن ماهية الآثار الطويلة المدى لتلك السياسة على الجماعات كلها وليس على تلك الجماعة وحدها ، إنها مغالطة تجاهل التبعات الثانوية ، وفي هذا يكمن الاختلاف الكامل بين الفكر الاقتصادي الجيد والسيئ ، فالفكر الاقتصادي السيئ لا يرى إلا ما يسترعي الانتباه فوراً، لكن الخبير الاقتصادي الجيد ينظر إلى ما وراء ذلك ، فالاقتصادي السيئ لا يرى إلا التبعات المباشرة لإجراء مقترح ، بينما الاقتصادي الجيد ينظر كذلك إلى التبعات غير المباشرة الأبعد أمداً ، المفكر الاقتصادي السيئ لا يرى إلا الأثر المترتب أو الذي سيترتب على سياسة بعينها على جماعة بعينها، فيما يتقصى المفكر الاقتصادي الجيد أثر تلك السياسة على كل الجماعات.
ثم يتحدث الكاتب عن امر جوهري يتعلق ببعض العقليات الاقتصادية التي تتحدث عن انتقاد الادخار وتشجيع التبذير وبالتالي يؤكد المؤلف على انه بالفعل من الآثار الطويلة المدى لسياسات الماضي البعيد أو القريب . فاليوم هو الغد الذي دفعنا الفكر الاقتصادي السيئ بالأمس إلى تجاهله. فالآثار طويلة المدى لبعض السياسات الاقتصادية قد تتجلى في غضون شهور قلائل، وقد لا تتضح الآثار طويلة المدى لسياسات اقتصادية أخرى لسنين طويلة .
ينقسم الكتاب إلى ثلاثة أجزاء:
الجزء الأول : ويتميز هذا الجزء بسلاسة لغوية بسيطة ومفهومة تغذي فكر القارئ بالعديد من الأفكار الواضحة والمختصرة ، اما الجزء الثاني: فهو عبارة عن أمثلة وتطبيقات من ارض الواقع حيث يقدم الكاتب العديد من الأفكار الخاطئة ويتبعها طبعا التوضيح والتفسير بأمثلة بسيطة وتحليل منطقي مبني على الدرس الذي قدمه في الجزء الأول، يشمل هذا الجزء قصّة النافذة المحطمة التي تتحدث عن شخص ما كسر نافذة وما يلحقها من تبعات الحقت الضرر بصاحب النافذة الذي كان يدخر مبلغا من المال لإنفاقه على شراء بدلة فيخسر البدلة التي كان من الممكن ان تكون هناك فرصة تفيد بائع القماش والخياط لكنه الآن سوف يقوم بدفع المبلغ لإصلاح النافذة مما ينقلنا معه الى تغيير الفرصة السابقة الى المستفيدين الجدد من اصلاح النافذة كمصانع الزجاج والالمنيوم والعمال وكيف تسير وفقا لذلك دائرة الاقتصاد كمقارنة بسيطة للدمار في الاقتصاد الكلي الذي ينجم عن الحروب والكوارث .. لذلك يرى الكاتب ان هذه المغالطة أساسية فالنافذة المكسورة هي الأكثر استمرارية في تاريخ الاقتصاد بل انها مستمرة في يومنا الحاضر ان الفكرة المغلوطة هنا هي أنّ الدّمار والتخريب أحداث رغم سلبيتها توفر فرص العمل وتحقق الاِستمرارية وبالطبع يوضح الكاتب بأسلوب عملي كيف أن هذه (الأفكار خاطئة) اما الجزء الثالث من الكتاب فهو تذكير بأهم المراجعات وتفسير البعد العميق للدرس الوحيد .
لقد تحدث الكتاب أيضا عن اهم النقاط المحورية في الاقتصاد ( العرض والطلب ) حيث فسر ذلك بأنهما وجهان لعملة واحدة وانهما نفس الشيء ولكن من منظورين مختلفين فالعرض يولد الطلب لأنه أي العرض طلب في جوهره فما يوفره الناس من امدادات منتجات بعينها هو كل ما يستطيعون تقديمه في الواقع مقابل الأشياء التي يريدونها . ولفت الكتاب الى انه ما من ثقة أكثر ديمومة في العالم اليوم من الثقة في الانفاق الحكومي ويقدّم على انه الدواء الشافي لكل اسقامنا الاقتصادية .
يشكل الكتاب جوانب متعددة لفهم الاقتصاد بعيدا عن الرسوم البيانية والأرقام والبيانات التي تعتبر اكثر تعقيدا لغير المتخصصين في الاقتصاد فهو نظري بحت كما هو حال الفلسفة الاقتصادية التي تتشكل في جانبها الرئيسي من النظريات المختلفة فهو يرى علم الاقتصاد كعلم تتبع النتائج وعلم يقوم على استكشاف المقتضيات الحتمية وقد اشتمل الكتاب على كافة مكونات الاقتصاد الكلي بموضوعاته المتعددة وطريقة عمل كل مفهوم اقتصادي من وجهة نظر المؤلف .
قال العالم الاقتصادي المشهور ميلتون فريدمان عن الكتاب ( ان شرح هنري هازليت عمل نظام الأسعار شرح كلاسيكي حقيقي سرمدي وصحيح وتنويري في غير تعقيد وقال عنه إف ايه هايك الحاصل على جائزة نوبل في علم الاقتصاد عام 1974 هذا الكتاب عرض رائع فهو يقول بدقة اكثر ما تلح الحاجة الى قوله ويقوله بشجاعة ونزاهة نادرتين ولا اعرف كتابا آخر حديث يستطيع الرجل العادي الذكي ان يتعرف منه على الحقائق الأساسية للاقتصاد .
هنري هازليت Henry Hazlitt ولد عام 1894 وتوفي في عام 1993 وهو فيلسوف ليبرتاري ( مذهب سياسي فلسفي والذي من أولوياته الحفاظ على الحرية الفردية ) وهو أيضا فيلسوف اقتصادي وصحفي أمريكي، عمل للوول ستريت جورنال، ونيويورك تايمز ونيوزويك، وعدد آخر من الصحف والمجلات ، يعد هازليت من أتباع المدرسة النمساوية للاقتصاد وأحد أهم ناشري أفكارها باللغة الإنجليزية (وتحديدا في الولايات المتحدة الامريكية ) وكان نائبا للرئيس المؤسس لمؤسسة التعليم الاقتصادي واحد أوائل المحررين في المجلة الأكثر تأثيرا ( ذا فريمان ).
مجمل القول : كتاب الاقتصاد في درس واحد من اهم الكتب الاقتصادية التي يتوجب على الاقتصاديين المبتدئين ومن لهم علاقة مباشرة بالاقتصاد قراءتها لما يمتاز به الكتاب من فهم عميق وسلسل لكافة الأدوات الاقتصادية في بعدها النظري ويمتاز الكتاب بطرحه التشويقي الذي قلما نجده في الكتب الاقتصادية الأخرى مما يقلل من فهمنا السائد بأن الاقتصاد علم جاف .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال