الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
سوق العمل في السعودية هو سوق متحرك ومتغير باستمرار، يشهد تنافساً شرساً بين الجنسيات المختلفة التي تسعى للحصول على فرص العمل المتاحة في المملكة. فهو اشبه بسوق الأسهم، كل يوم تصعد جنسية إلى المقدمة في منافسة لسوق العمل السعودي، مرة تصعد العمالة المصرية كأكبر جالية وافدة لسوق العمل وأحياناً تقفز العمالة الهندية في المقدمة وأحياناً باكستان وأخيراً قفزت العمالة البنغالية في المقدمة بحصة 20 في المائة من إجمالي السكان، ثم تليها جنسيات أخرى مثل اليمن وسوريا والفلبين في مهن أخرى، وفي المرتبة الأخيرة يقبع السعودي بحصة ضعيفة من كعكة سوق العمل. ولم يحدث أن نافس على المقدمة في أي من السنوات الماضية.
والملفت في سوق العمل السعودي في السنوات الأخيرة، التطور الملحوظ في دخول العمالة البنغلاديشية في مجالات عديدة مهنية لم تكن تدخلها من قبل، وبدأت في كسب ثقة الشارع، واعتقد التقرير الأخير للهيئة العامة للإحصاء بتصدر العمالة البنغالية القائمة والتي بلغت مليوني و200 ألف بنغالي، متفوقة على المنافسين السابقين مثل الهند وباكستان ومصر.
وتعمل هذه العمالة في مختلف القطاعات والمهن، بما في ذلك البناء والرعاية الصحية والقطاع المنزلي. وتساهم هذه العمالة في دعم الاقتصاد السعودي وتنويعه، وفي تحسين ظروف حياتها ومستواها المعيشي. وتفيد الإحصاءات أن العمالة البنغلاديشية تتفوق على باقي العمالة الوافدة من حيث الإنتاجية والكفاءة والانضباط والولاء. فما هي الأسباب والعوامل التي أدت إلى هذا التفوق؟ وما هي النتائج والآثار التي ترتبت على ذلك على العمالة البنغلاديشية وعلى السعودية؟
يمكن تحليل تفوق العمالة هذه العمالة في السعودية من خلال ثلاثة مستويات، المستوى الفردي، والمستوى الاجتماعي، والمستوى الاقتصادي. من الناحية الفردية، تتميز العمالة بعدة صفات ومهارات تجعلها مؤهلة للعمل في السعودية. مثل الجد والاجتهاد والتحمل والصبر والتكيف والابتكار. ومهارتها في تعلم اللغة العربية والإنجليزية والحاسب الآلي والتقنية والتخصصات المهنية. وتكتسب هذه المهارات من خلال تعليمها وتدريبها وخبرتها في بلدها الأم وفي السعودية. كما تستخدم هذه العمالة مهارتها في تأدية عملها بجودة وكفاءة عالية، وفي تطوير نفسها ومهنتها باستمرار.
اما من الماحية الاجتماعية، تتمتع بعلاقات اجتماعية جيدة مع أصحاب العمل والزملاء والمجتمع السعودي. وتنبع هذه العلاقات من التقاليد والقيم والمعتقدات المشتركة بين البلدين. فالعمالة البنغالية تحترم الثقافة والدين والقانون السعودي، وتلتزم بالأخلاق والآداب والقواعد الاجتماعية. وتساهم في الحياة الاجتماعية والثقافية والدينية في السعودية، وتشارك في الحج والعمرة والنشاطات الخيرية والتطوعية.
وتحظى هذه العمالة بالاحترام والتقدير والثقة من قبل السعوديين، وتنال منهم الدعم والمساعدة والتسهيلات. أما على المستوى الاقتصادي، تلعب دوراً اقتصادياً هاماً في السعودية وفي بلادها. فهي تساهم في توفير القوى العاملة المؤهلة والمدربة والمنتجة للقطاعات والمشاريع التنموية في السعودية، وتسد الفجوة بين العرض والطلب في سوق العمل. وتساهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي والإيرادات الحكومية والاستثمارات الأجنبية في السعودية. وأيضا في تحسين مستوى المعيشة والرفاهية لها ولأسرها في بلدها، وترسل حوالات مالية كبيرة إلى بلدها الأم، وتشارك في المشاريع الاقتصادية والاجتماعية في بنغلاديش.
وفي تقرير سابق أشار صندوق النقد الدولي في تقريره لشهر أكتوبر في 2020، أن بنغلاديش تغلبت على الهند من حيث الناتج المحلي الإجمالي للفرد، الذي بلغ 1888 دولارا أميركيا. كما أشار تقرير حديث لمجموعة بوسطن الاستشارية، ان بنغلاديش تبرز كسوق ديناميكية وسريعة النمو، وهذا النمو مدفوع بسوق استهلاكية محلية كبيرة ما بين طبقة متوسطة وثرية وسريعة التوسع، فهي تضم اكثر من 2500 شركة ناشئة إضافة الى 200 شركة أخرى كل عام، فضلا عن مجموعة واسعة من الصناعات بما في ذلك التكنولوجيا المالية والخدمات اللوجستية والتجارة الالكترونية، والناتج المحلي الإجمالي بنمو بمتوسط سنوي 6.4 في المائة ما بين عامي 2016 و2021 وتفوقت على اقرانها الاسيويين مثل الهند واندونيسيا والفلبين، فضلا عن ذلك فقد استطاعت أيضا ان تثبت امام الصدمات الاقتصادية العالمية، وارتفع الناتج المحلي الإجمالي 3.4 في المائة مما جعلها واحدة من الاقتصادات الاسيوية القليلة التي نمت خلال الجائحة، وأشار التقرير، واكبر داعم لآفاق بنجلاديش هو سوقها الاستهلاكية المحلية النشطة للغاية، والتي تمثل ما يقرب من 70 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وتتوسع بسرعة بسبب نمو الطبقة المتوسطة والثرية. ويتوقع بحلول عام 2030 وتشمل هذه المجموعة من المستهلكين الأثرياء أكثر من 34 مليون بنجلاديشي او حوالي 15 في المائة من السكان.
يمكن القول إن العمالة البنغلاديشية في السعودية هي عمالة متفوقة ومتميزة، وأنها تعمل بروح الشراكة والتعاون مع السعودية وتعلم احتياجات السوق وتكثف من دوراتها التدريبية، وتدخل كل الفرص المهنية المتاحة. ويمكن القول أيضاً أن العمالة البنغلاديشية في السعودية هي عمالة مستفيدة ومفيدة، وأنها تحقق مصالحها ومصالح السعودية. ويمكن القول أخيراً أن هذه العمالة في السعودية هي عمالة ذكية كما انها تتميز بأجورها المنخفضة. وهذا ما جعلها تتصدر سوق العمل في السعودية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال