الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أولاً: مُبارك عليكم الشهر الكريم وجعلنا الله وإياكم من صوامه وقوامه , وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.
أقر البرلمان الأوروبي مؤخراً ” قانون الذكاء الاصطناعي The AI ACT” والذي يُعنى بتنظيم استخدامات وتصاميم أنظمة الذكاء الاصطناعي داخل دول الاتحاد الأوروبي، كتنظيم استخدام تطبيقات “Chat GPT”و “Google bard” وتطبيقات التعرف على الوجه، ويتضمن القانون قواعد تحدد كيفية استخدام البيانات في تطوير الخوارزميات ونوعيتها والتأكد من عدم انتهاكها لحقوق الملكية الفكرية بكافة صورها، ويهدف القانون إلى تقليل المخاطر التي وقعت سابقاً ( كجرائم الاحتيال المالي والقرصنة الإلكترونية، وانتهاكات حقوق الملكية الفكرية) والمحتمل وقوعها في المستقبل والتي تؤثر على الأمن الوطني والاقتصاد.
ويقوم على نهج تقييم المخاطر على أربعة مستويات: 1-مخاطر غير مقبولة: مثل الأنظمة التي تقوم على تصنيف الاجتماعي أو الأنظمة التي تشكل ضرر محتمل فهذه يتم حظرها بشكل تام. 2-مخاطر عالية: كالأنظمة التي تؤثر بشكل مباشر على حياة الأفراد كتقييم قدرة الائتمان والفرص التعليمية والتي تعتمد على البنية التحتية الحيوية فيجب أن تخضع لتقييم صارم قبل أن يتم تسويقها للمجتمع. 3– مخاطر محدودة: مثل أنظمة الكشف عن التفاعل المستخدم مع أنظمة الذكاء الاصطناعي كمعالجة الصور والفيديوهات وروبوتات الدردشة. 4- مخاطر منخفضة: وهي مثل ألعاب الفيديو وأنظمة تصفية البريد العشوائي فهذه لا تخضع لقواعد تنظيمية إضافية.
ونصت المادة (19) من القانون على متطلبات لامتثال أنظمة الذكاء الاصطناعي ذات المخاطر العالية ابتداءً من مرحلة التصميم والتنفيذ ودخول السوق منها: (نظام إدارة المخاطر لديها ، والبيانات وحوكمتها ، وطريقة إدارتها للوثائق التقنيّة ، والحفاظ على السجلات ، والشفافية وتوفير المعلومات للمستخدم ، والدقة والقوة والأمان السيبراني، ونظام إدارة الجودة ، وتقييم تأثير الحقوق الأساسية ، والرقابة البشرية)، في حين أن أنظمة الذكاء الاصطناعي ذات المخاطر المحدودة لن تواجه هذه المتطلبات في تحقيق درجة الامتثال الكاملة فسيكون لها تقييم يوازي درجة خطورتها لتحقق من امتثالها.
ونصت المادة (64) من القانون على إنشاء مجلس لحوكمة الذكاء الاصطناعي ومن أبرز مهامه مراجعة وتقييم القانون بين الحين والآخر لتحقيق اعلى مدى من الامتثال ودعم الابتكارات التطويرية لأنظمة الذكاء الاصطناعي وتقليل المخاطر وأثر تطبيق الامتثال والحوكمة على دعم الابتكارات وتطويرها.
كما نصت المادة (99) على عقوبات لعدم امتثال الشركات لهذا القانون تتمثل في غرامة مالية تصل إلى 35 مليون يورو أو 7% من إجمالي الإيرادات العالمية لعدم الامتثال في المخاطر العالية والغير مقبولة، وغرامة مالية تصل إلى 15 مليون يورو أو 3% من إجمالي الإيرادات العالمية في حال عدم الامتثال في الالتزامات الأخرى ، وكذلك غرامة مالية تصل إلى 7.5 مليون يورو أو 1.5 من إجمالي الإيرادات العالمية في حال تزويد الشركة بمعلومات مظللة أو غير كاملة أو غير صحيحة.
ولعل ما قامت به الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي من إصدار مبادئ أخلاقيات الذكاء الاصطناعي والتي تستهدف حوكمة نماذج الذكاء الاصطناعي والحد من الآثار السلبية له على المستوى الأمني والاقتصادي والاجتماعي، والتقليل من المخاطر التي قد تنتج عنها وحماية للأفراد وبياناتهم وحقوقهم من الاستغلال، أمر يُبشر بالخير في مجال تطبيق الحوكمة على أنظمة الذكاء الاصطناعي ، وأرى من جانب قانوني أن حوكمة أنظمة الذكاء الاصطناعي أمر مهم جداً على مستوى الوطني بشكل خاص لارتباط هذه التقنية في مستهدفات وطنية واستغلالها لمواجهة الهجمات التي سوف توجه على أنظمة الدولة أو الأفراد وقد مر بنا العديد من الأمثلة على انتحال الشخصية الاعتبارية أو الطبيعية من خلال بعض نماذج الذكاء الاصطناعي والتي تقوم على تعديل وتغيير الأصوات ومقاطع الفيديو مستهدفين بها العامة ممن لا يُعطي هذه التقنية اهتمام وحرص بها وانخفاض إدراكه بمخاطرها عليه ماليا واجتماعيا، وبالإضافة إلى انتهاكات للملكية الفكرية بكافة صورها وأشكالها.
وعليه أرى أهمية وضع حوكمة لأنظمة الذكاء الاصطناعي واستخداماتها والاستفادة من التجربة الأوروبية وأن التأخر فيها سيساهم في ارتفاع عدد الجرائم المعتمدة على أنظمة الذكاء الاصطناعي والمؤثر على الأمن الوطني والاقتصاد وإن وجود مثل هذا القانون سوف يكون داعماً كبيراً لهذه الأنظمة وابتكاراتها ولن يؤثر على ظهور الابتكارات التي لا تؤثر على الأمن الوطني والاقتصادي والاجتماعي ، ويوازي هذا رفع كفاءة الكوادر القانونية بهذه التقنية بشكل خاص والتقنيات الأخرى بشكل عام لسد الحاجة الكبيرة في وجود كفاءات وطنية قانونية في مجال التقنيات الحديثة مستقبلاً لسن التشريعات المنظمة لهذه التقنيات والتقنيات التي سوف تظهر.
أخيراً: يقول محمد بن عثيمين:
لا يَبلُغُ المَجدَ إِلّا مَن تَكونُ لَهُ
نَفسٌ تَتَوُقُ إِلى ما دونَهُ الشُهُبُ.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال