الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تعتبر تقنيات انترنت الاشياء والذكاء الاصطناعي من اهم التقنيات الناشئة والتي من المتوقع ان تحدث تغيير ثورياً في جوانب مختلفة من حياتنا، لكن لا يمكن إنكار القلق لدى البعض خصوصا فيما يتعلق بمستقبل الوظائف وأنه سيتم استبدال العمال بالآلات الذكية مما يساهم في ارتفاع معدل البطالة حول العالم. ويكمن مصدر القلق لدى البعض في كون إن الآلات يمكنها القيام بمهام أكثر وبشكل أسرع واقل تكلفة من البشر وهذا يؤدي الى استبدال البشر بهذه الآلات مما يعني انخفاض في عدد الوظائف المتاحة. صحيح انه سيتأثر سوق العمل، بل انه بعض الدارسات ذكرت انه 40٪ من الوظائف يستأثر بهذه التقنيات وسيكون هناك سوق عمل بمعالم مختلفة ويتطلب مهارات جديدة ومتغيرة باستمرار.
يجب ألا ننسى إن التاريخ علمنا أن التقدم الصناعي والتقني يخلق المزيد من الوظائف ولا يقضي على الوظائف كما يدعي البعض. لو عدنا إلى الثورة الصناعية وتأثيرها على سوق العمل حيث حلت الآلات محل العمال في مهن كثيرة لكنها في الإطار نفسه خلقت وظائف أكثر. كذلك حدث الامر مع ظهور أجهزة الكومبيوتر ومن بعدها شبكة الانترنت، بل وفتحت سوق ومجالات عمل لم تكن معروفة في السابق، يجب أن نذكر فقط أن أكبر الشركات في العالم هي شركات تقنية وكذلك الشركات التي تعتمد على هذه الشركات في اعمالها. من جهة نظري أن الامر لن يكون مختلفاً مع الذكاء الاصطناعي وإنترنت الاشياء والذي لا ننكر أن سيوثر على كثير من الوظائف التقليدية وسيطال التأثير كل الوظائف بشكل أو بآخر لكن يظل الانسان هو المتحكم الرئيسي. عدد الوظائف الجديدة نتيجة لتبني مثل هذه التقنيات سيكون أكبر حيث ستكون هناك حاجة للأفراد للقيام بمهام مختلفة مثل مصنعي الاجهزة والروبوتات ومبرمجي إنترنت الاشياء والذكاء الاصطناعي ومهندسي الصيانة والمشرفين والمراقبين للأجهزة ومختصي البيانات ومحلليها وهي تخصصات لم نكن نعرفها بهذا الشكل من قبل.
لا داعي للقلق من هذه التقنيات وتأثيرها على مستقبل الوظائف، فهي ستكون داعمه ومكمله لكثير من الوظائف بدلاً من القضاء عليها، بل أن تأثيرها يشمل التعاون والتكامل ما بين الانسان والآلات لإنجاز المهام. من المتوقع ان الطلب على العمالة سيزداد بشكل أكثر ويعزى السبب للتحسن الكبير في عمل الآلات ومستوى الكفاءة والانتاجية فيها مما يعني انخفاض التكلفة وهذا يساهم في ارتفاع التوفير على المستهلكين وارتفاع القدرة الشرائية لهم، كما ستفتح فرص لقطاعات جديدة. فمثلا عندما ظهرت شبكة الانترنت وتم توظيفها في التجارة الإلكترونية تأثرت العديد من المحلات التجارية التقليدية، بل أدى الى خروج بعضها من السوق لكن هذا الامر فتح المجال لمجالات وفرصة تجارية أخرى الكترونية بشكل أكبر، بل إن الموقع الإلكتروني يحتاج إلى مصمم ومبرمج ومحرر ومشرف وكذلك شخص يقوم بتوصيل البضائع وغيرها مقابل عامل واحد أو عدد من العمال في المحلات التقليدية. كذلك الامر في السبق عند ما ظهرت السيارات والطائرات خلقت مجالات وفرص وظيفية كثيرة واثرت في قطاعات الصحة والتعليم والسياحة.
ما يمكن أن نقوله هنا ان سوق الوظائف سيغير بشكل كبير وقد تظهر الحاجة لمهارات غير معروفة حالياً لكن ستكون الميزة التنافسية لمن يجيدون التعامل وتوظيف إنترنت الاشياء والذكاء الاصطناعي وتعلم مهاراتها، الاشخاص الذي يعملون على تطوير أنفسهم ومعلوماتهم في مجالاتهم وطريقة الاستفادة من التقنيات الناشئة سيكون في المقدمة وسيتجاوزون من لم يتطورا وحاولوا مقاومة هذه التقنيات. هي فرصة للجميع لتطوير مهاراتهم ومواكبة التطور التقني ومتطلبات سوق العمل الجديدة قبل فوات الاون.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال