الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في منتصف الألفية عندما شخّصَ الأطباء حالة ستيف جوبز (الرئيس التنفيذي لشركة آبل وأحد أهم الشخصيات في عالم التقنية وريادة الأعمال) المرضية بأنها أحد أنواع سرطان البنكرياس، قرر ابنه ريد الإنضمام إلى برنامج تدريبي تابع لإحدى المختبرات البحثية في جامعة ستانفورد بهدف التعرف على المرض والمؤشرات الوراثية (Genetic markers) الخاصة به، الأمر الذي نال استحسان جوبز ودعاه للقول بأنه يعتقد أن أعظم الإبتكارات في القرن الحادي والعشرين ستكون في الجمع بين علمَيْ الأحياء (Biology) والتكنولوجيا (Technology) وأن ذلك سيسفر عن بداية عصر جديد مشابه (في اثره على حياة الناس وأعمالهم) لعصر ظهور الحاسب الآلي.
وعلى الرغم أن جوبز في النهاية رفض تلقي العلاج وقرر إتباع حمية غذائية خاصة به (بجانب زيارته للوسطاء الروحيين) الأمر الذي أدى لاحقاً إلى تدهور حالته ومن ثَمَ وفاته إلا أننا نرى اليوم صحة توقعاته والمتمثلة في ظهور التقنية الحيوية (Biotechnology) وانتشار استخدامها في العديد من المجالات، فالتقنية الحيوية كعلم ليس وليد اللحظة وإنما يعود تاريخه إلى أواخر القرن التاسع عشر عندما استخدم الراهب النمساوي جريجور مندل للمرة الأولى نبات البازلاء (الذي يتميز بسرعة نموه وتنوع صفاته) في دراسة انتقال الصفات بين أجيال النبات الأمر الذي قاده الى وضع ما يعرف بالوراثة المندلية (قوانين الوراثة) الذي تطور لاحقاً الى علم الوراثة (Genetics) أحد ركائز التقنية الحيوية.
ويمكن مجازاً تسمية الفترة الزمنية لاكتشاف الوراثة المندلية وما أعقبها من اكتشافات أخرى بفترة التقنية الحيوية الكلاسيكية (Classical Biotechnology)، أما الثورة الحقيقية لهذا العلم والتي مهدت الطريق لما نراه اليوم من تطور فقد حدثت عام 1953م عندما تمكن كل من جيمس واتسون وفرنسيس كريك من اكتشاف بنية الحمض النووي (DNA) وفهم دوره في الوراثة الأمر الذي قاد لاحقاً لحصولهما على جائزة نوبل للطب عام 1962م، الجدير بالذكر أن ظهور مرض الإيدز (AIDS) في أوائل الثمانينات وما ترافق معه من خوف ورعب بجانب نجاح تجربة استنساخ النعجة دوللي (Dolly) في نهاية التسعينات ساهما في زيادة الاهتمام بهذا العلم وبالتبعية تطوير الأدوات العلمية والبحثية الخاصة به.
أما تطبيقات هذا العلم فهي عديدة ولا يسع المجال لذكرها في مقال واحد، لكن أحدها هو مجال النباتات والأدوية العشبية فعلى سبيل يمكن استخدام التقنية الحيوية في تطوير سلالات لنباتات طبية مقاومة للأمراض والعوامل البيئية مما يجعلها صالحة للزراعة في بيئات صعبة كالبيئات الصحراوية، بجانب ذلك فإنه يمكن زيادة كمية المواد العلاجية من خلال تطوير سلالات نباتية تتضمن مواد علاجية بتراكيز أعلى، اضافة الى ما سبق فإنه يمكن استزراع أجزاء النبات مخبرياً باستخدام التقنية الحيوية (يمكن الاستفادة من ذلك في زيادة أجزاء النبات التي لها خواص علاجية دون سواها مثل الجذور أو الازهار).
ختاماً فإن التقنية الحيوية تمثل المستقبل للعديد من المجالات ويُتوقع في حال تبنيها أن تُغير حياتنا الى الأفضل، وايماناً بأهمية هذا العلم وأثره في النهضة والتطور فقد أطلقت المملكة ” الإستراتيجية الوطنية للتقنية الحيوية” والتي تهدف لتحويلها الى دولة رائدة اقليمياً وعالمياً فيه، لذا فإن الإستثمار في هذا المجال (ومن ضمنها النباتات والأدوية العشبية) يمثل فرصة ذهبية للشركات ورواد الأعمال للاستفادة من نمو وتطور هذا القطاع إلى جانب المساهمة في تنمية الاقتصاد الوطني.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال