الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
العراق- 2400 سنة قبل الميلاد- من هنا بدأ الظهور الأول للورقة العجوز للتاريخ، السندات. السندات الورقة المالية الخاملة القديمة التي انطلقت في سباق الأسواق المالية من العراق القديم كسندات لنبات الذرة ثم ارتحلت إلى اليونان ثم أوروبا القديمة ثم إلى محطتها الأخيرة في ” العالم الحديث ” بين أحضان الداعم الأبرز لها ووقودها الأول عبر التاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.
السندات عبر التاريخ الحديث لعبت دورًا جوهريًا في العالم، بدأ التأثير الكبير من خلالها بالدعم الهائل التي شاركت به لتمويل الحرب العالمية الأولى وبذلك تُساند والدتها الولايات المتحدة في المواجهة ضد الألمان 1917م بتمويل يُقدر بخمس مليارات دولار. ظهرت بدور بارز بعد هذا كونها عملت على أن تكون الملاذ الأمن للاستثمار في فترة الكساد العظيم 1929-1939م. وبعد ضرب مرفأ بيرل هاربر في الحرب العالمية الثانية ظهرت السندات من جديد لتعمل على مساندة الولايات المتحدة مجددًا بتمويل يُقارب 180 مليون دولار وسُميت هذه السندات ” سندات الحرب – حماية للوطن “. كان الوقوف الأبرز للسندات هو أنقاذ الولايات المتحدة والاقتصاد العالمي من الأزمة المالية العالمية 2008م والتي قامت الولايات المتحدة بضخ 700 مليار دولار من خلالها في الاقتصاد الأمريكي بعد أن فشلت كل محاولات الإنقاذ بالطرق الأخرى.
بعد هذا التاريخ المُهيب لهذه الورقة العجوز، لابد من المرور بأبرز مفاهيمها، فالسندات في المقام الأول هي أداة دين تستخدمها الحكومة أو الشركة ” المُقترض ” في الحصول على تمويل من المؤسسات والأفراد ” المُقرض ” والعودة بسداد هذا التمويل بالإضافة الى الفوائد المتراكمة خلال فترة السند ” المدفوعات الدورية ” بعد انتهاء فترة السند. تختلف السندات في كل شيء عن جارها الودود الأسهم – الورقة المالية الأشهر – لذلك من المهم على المستثمرين في أسواق السندات التعرف على بعض مصطلحاتها التي تتضمن الاتي:
القيمة الأسمية (Par Value): هي القيمة الأسمية للسند والتي يمكن من خلالها تحديد قيمة المدفوعات الدورية له وهي تختلف عن القيمة السوقية له حيث من الممكن أن تكون القيمة السوقية أعلى أو أقل من القيمة الأسمية.
المدفوعات الدورية (Coupon Payments): هي دفعات نقدية تُدفع بشكل دوري ( شهري- ربعي- نصف سنوي) وتُحسب من خلال ضرب عائد المدفوعات الدورية في القيمة الأسمية للسند.
تاريخ الاستحقاق (Maturity Date): هو تاريخ انتهاء السند وبالتالي استحقاق القيمة الأسمية له بالإضافة الى الدفعة النقدية الدورية الأخيرة.
عائد السند (Bond Yield): هو العائد الذي سوف يحصل عليه المستثمر من خلال استثماره في السند وهو يختلف باختلاف فترة الاحتفاظ بالسند، فعندما يحتفظ المستثمر في السند الى تاريخ الاستحقاق فيكون له عائد يختلف عن العائد في حال رغب في التخارج منه وبيعه قبل تاريخ الاستحقاق.
هذه هي الركائز الأربعة الأبرز في عالم أسواق السندات والتي لابد من المستثمرين معرفتها، ولكن خلف كل بند من هذه البنود الأربعة يختبئ الكثير من التعقيد والصعوبة. هذا التعقيد يزداد بسبب ترابط أسواق السندات ترابط غير متزن مع عوامل الاقتصاد الأخرى، وذلك من خلال أن سعر السند يرتبط بشكل سلبي مع أسعار الفائدة – أذا ارتفعت أسعار الفائدة ينخفض سعر السند – والأمر الأخر هو وجوب أعادة استثمار المدفوعات الدورية النقدية بسعر فائدة أعلى، ولكن ليس هذا الحال في كل مرة فالنقدية قد تتوفر عندما تكون الأسواق لا تقدم عائد تنافسي. أيضًا السندات تسجل عوائد بالسالب عندما يرتقع معدل التضخم بشكل قوي لأنها تعطي عائد ثابت وغير متغير بتغير التضخم، بعض السندات تعمل للتغلب على التضخم من خلال أنها تربط العائد الخاص بها السنوي بمعدل أضافي يتغير بتغير مؤشر التضخم فكلما كان التضخم أعلى كلما زاد هذا المعدل المُضاف لعائد السند. ومن الارتباط المعقد للسندات أنها تتأثر بانخفاض أو ارتفاع التصنيف الائتماني للمُصدر وهذا التصنيف متغير باستمرار على حسب وضع المُصدر المالي. الأمر الأهم والمُعضلة الكُبرى لأسواق السندات هي السيولة المنخفضة مقارنة مع الأسواق الأخرى وهذا يزيد من تذبذب الأسعار الخاصة بها بصورة قوية مقارنة مع الأصول الأخرى ” الناعمة ” في حركتها.
لقياس مخاطر السندات هناك معيارين لذلك، الأول هي المدة (Duration) والتي تقيس مدى حساسية السند للتغيرات في أسعار الفائدة. والمعيار الأخر هو التحدب (Convexity) ويقيس التحدب التفاعل بين سعر السند وعائده عندما يواجه تغيرات في أسعار الفائدة. هذه المقاييس للمخاطر لدى السندات ليس من السهل الحصول عليها للمتداولين الأفراد على عكس الأسواق الأخرى التي تقدم هذه المقاييس للعلن وأن لم تكن معلنة فمن السهل حسابها واختبارها واتخاذ قرار استثماري بناءًا على تلك النتائج، فليس من الصعب قياس (بيتا) وهو معدل حساسية تحرك السهم مع المؤشر مقارنة مع مقياس التحدب الذي يحتاج العديد من المعطيات أو البرامج المساعدة.
السندات هي الاستثمار الخامل في كل الأسواق المالية لصعوبتها لدى المستثمرين الأفراد ولسيولتها النائمة طويلًا خصوصًا في الأسواق الناشئة حيث تمر أيام عديدة تشتعل الأسواق من حولها والورقة العجوز لا تأبى الا أن تُسجل أمر تداول واحد يتيم ثم تعود لسُباتها طويل. هذا الخمول والتعقيد أزاح الأنظار عن أسواق السندات في العالم وتوجهت نحو الأسواق الفعالة ” الأسواق التي لا تنام ” أسواق الأسهم والمشتقات المالية والعملات.
اقتباس اقتصادي: ” أفضل أرباح الاحتكار هي الحياة الهادئة “. – جي آر هيكس
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال