الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تعد الجريمة الإلكترونية من أبرز وأخطر التحديات الأمنية التي تواجه كافة الدول المتقدمة وغيرها في مجال استخدامات تقنية المعلومات والاتصالات والتحول الرقمي على مستوى الأفراد والقطاعين العام والخاص.
والجرائم الإلكترونية يقصد بها استخدام الحواسيب الإلكترونية أو مواقع التواصل الاجتماعي بشكل غير قانوني، وقد عرفها النظام السعودي أنها أي فعل يتم ارتكابه باستخدام الحاسب الآلي (أي جهاز إليكتروني) أو شبكة المعلومات بما يخالف أحكام نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، والموجة للأفراد والحسابات الشخصية أو للشركات والمؤسسات، وقننها النظام بأنها أما جرائم تقع باستخدام الحاسب الآلي والنظام المعلوماتي مثل التهديد والابتزاز وإساءة استخدام الهواتف النقالة والتشهير والاستيلاء على الأموال أو السندات وجريمة المساس بأمن الدولة الداخلي والخارجي والاقتصاد الوطني، أو الجرائم التي تقع على النظام بقصد الاعتداء على النظام المعلوماتي، كالتجسس المعلوماتي والدخول غير المشروع إلى مواقع إليكترونية أو التعدي عليها أو التعدي على البيانات الخاصة بالإلغاء أو الحذف أو التدمير أو تسريبها، أو الجرائم التي تقع في محيط منطقة النظام المعلوماتي، كالمساس بالنظام العام أو القيم الدينية أو الآداب العامة أو حرمة الحياة الخاصة أو إنشاء شبكات الإباحية أو ترويج المخدرات أو خدمة الإرهاب بإنشاء مواقع أو ترويج لمواقع أو لأشخاص.
والجرائم الإلكترونية كأي جريمة لها دوافع عديدة، ومن أهمها:
– دوافع مالية بهدف التكسب والثراء السريع لا سيما وأن كثيرا من صورها ينجم عنه أرباح طائلة.
– دوافع شخصية وذهنية فالبعض من مرتكبي هذه الجرائم ورغبة في إثبات الذات من خلال الانتصار على الأنظمة ووسائل الأمان والحماية يقوم بذلك دون أن يكون بقصد جنائي.
– وقد يكون بدافع الانتقام وهي من الأسباب الخطيرة لأنه ينجم عنها أضرار كبيرة على الضحية إن كان فردا أو جماعة أو كيانا، فالجناة يرغبون في إيقاع أشد الأضرار على المجني عليه.
– ومن الأهداف التسلية، بحيث لا يقصد الإجرام بحد ذات بل بقصد التسلية.
– وقد تكون لدوافع سياسية يسعون لتلفيق أخبار كاذبة أو مزيفة أو جزء منها بهدف الإضرار بمصالح تلك الدولة، وقد يقوم بها أفراد أو مؤسسات حكومية رسمية.
أما خصائص الجرائم الإلكترونية فهي كما يلي:
– تتسم بسرعة التنفيذ.
– التنفيذ يتم عن بعد، فهي لا تتطلب وجود المجرم في مسرح الجريمة، بل من أي مكان ما دام يتمكن من استخدام الإنترنت حتى ولو في دولة أخرى.
– جرائم ناعمة لا ينجم عنها عنف وأضرار جسدية أو مادية كما في الجرائم التقليدية.
– نتيجة للوسائل المتطورة الواجب استخدامها للقيام بأي من صور الإجرامية فغالبية الجناة من ذوي التأهيل التقني الجيد.
– عادة يقوم بها مجموع وليس فرد، وقد لا يكونون متواجدين في مكان واحد.
– صعوبة إثبات الجريمة الإلكترونية لأن المجرم لا يترك وراءه أي دليل ملموس يمكن فحصه.
– أنها ذات بعد دولي، فقد تتجاوز النطاق الجغرافي للدولة، وهذه الخاصية تثير تحديات قانونية وسياسية فيما يتعلق بالإجراءات الجنائية في كل مراحل الدعوة.
– غالبية الجرائم خطرة، تعرض الأفراد وكيانات القطاع الخاص والأجهزة الحكومية المجني عليهم لأضرار جسيمة، وذات تأثيرات مزدوجة على أكثر من مجال اقتصادي وثقافي واجتماعي وسياسي وأمني، ممكن أن تجتمع بل ويمكن أن توجه لأكثر من دولة، وقد تكون سلاح لمعارك بين دول متصارعة.
– التحقيقات الجنائية والملاحقة العدلية للجناة تحتاج لجهود مضاعفة.
وحيث يشهد العالم تطورا متسارعا في مجال التقنية بكل مجالاتها وتطبيقاتها، وهو فرص جديدة في مجال مكافحة الجرائم، إلا أنه هو في نفس الوقت يعتبر تحديات تتولد لفتحها أبواب جديدة أمام الجناة لارتكاب جرائم جديدة ومتطورة، وتمكنهم من قدرة التخفي والهروب من الملاحقات القضائية، وهذا الوضع ينجم عنه تحديات متنوعة، من أهمها:
– تحديات قانونية لمواجهة مكافحة الجرائم الإلكترونية، فيجب أن تقنن تشريعات ملاءمة فعالة ومحدثة لتواكب تطور الجناة وأساليبهم الإجرامية.
– تحديات مكانية، فقد ذكرنا أنها جريمة عابرة للحدود وهذا أوجد عديد من الإشكاليات حول تحديد الدولة صاحبة الاختصاص القضائي، والقانون الواجب تطبيقه بالإضافة إلى إشكاليات تتعلق بإجراءات الملاحقة، وغير ذلك من المشاكل التي تثيرها الجرائم العابرة للحدود بشكل عام، مما يجعل التعاون الدولي ضرورة ملحة للمكافحة، ويستوجب على السلطات القانونية التعاون مع الدول الأخرى بغرض تبادل المعلومات والتحقيق بشكل فعال وما إلى ذلك من الإجراءات حتى تفوت الفرص على الجناة من التهرب من الملاحقات القضائية.
– مهام التحقيق تحتاج لتوافر المهارات التقنية المتقدمة ومعرفة التحديثات المتتالية التي تتسم بالسرعة الهائلة للممارسة التحقيق وكشف الجناة.
– تحديات في مراحل الاستدلال والتحقيق والادعاء، حيث يواجه المكلفون بمهام معقدة للغاية وصعوبات سواء في مرحلة التحقيق وما قبله وما بعدها لتقديم الأدلة القانونية اللازمة للادعاء، وما يستوجب على السلطات المختصة تطوير استراتيجيات فعالة للتحقيق والادعاء في الجرائم الإلكترونية.
– تحديات متعلقة بالخصوصية، بحيث يجب التوازن بين مكافحة الجريمة وحماية خصوصية المواطنين والمقيمين.
– تحديات تقنية، فالجناة المحترفين يسعون جاهدين لإخفاء هوياتهم وأنشطتهم الإجرامية من خلال التشفير والأمان الرقمي، والسلطات القانونية مطالبة بفك تشفيرات البيانات بطرق ذكية تأمن المحافظة على الأمان الرقمي.
– تزايد حجم البيانات، مما تؤدي لصعوبة التحقق منها وتحليلها بشكل فعال لاكتشاف الجرائم الالكترونية، وهذا يتطلب تقنيات التحليل للبيانات الضخمة، واستخدام الذكاء الاصطناعي.
– التعقيدات التقنية للجرائم الإلكترونية، لتنوعها وفق التقنيات المستخدمة، مما يضاعف التحديات في توفير الأساليب الفعالة لمكافحتها، وهذا يستوجب توفير فرق ذات قدرات تقنية عالية لمكافحة تلك الجرائم.
– التطور السريع في هذا الحقل، الذي يتسم بالسرعة المذهلة، وهذا يتطلب من السلطات أن تكون دائما على معرفة تامة بأحدث التطورات التقنية لتكون قادرة على مكافحة.
– التحديات المتعلقة بالأدلة الرقمية، يجب أن تكون الأدلة الرقمية التي تحصل عليها السلطات التحقيق والادعاء قانونية وصالحة للاستخدام في المحاكم وإلا رفضت، وهذا تحد يوجب على السلطة أن تتبع الإجراءات والتقنيات للازمة لضمان صحة هذه الأدلة.
– تحدي الجرائم الإلكترونية الجديدة، فكما أن السلطات المختصة تسعى إلى التطور، كذلك الجناة يسعون إلى تطوير أساليبهم والقيام بجرائم إليكترونية حديثة، وهذا عبء آخر على السلطات القانونية.
ونجد هناك بعض من الحلول لمكافحة الجرائم الإلكترونية وتكمن في التالي:
– تحديث التشريعات والقوانين.
– تبادل المعلومات والتعاون والتكامل الدولي.
– استخدام التكنولوجيا الحديثة.
– التوسع في استخدام خدمات الذكاء الاصطناعي.
– تطوير القدرات الفنية والتدريب، بحيث يكون المناط بهم مهمة المكافحة مؤهلين تأهيلا عاليا ومواكب لكل التطورات والتحديات التي تطرأ بمجال التقنية وأساليبها.
– التعاون مع القطاع الخاص، حيث يمكن أن يسهم القطاع الخاص، خاصة في مجال تكنولوجيا المعلومات والأمن السيبراني ، في تطوير حلول فعالة لمكافحة الجريمة الإلكترونية وتقديم الدعم الفني والتقني، ومن الأمثل منشأة بصمة أمان المرخصة من وزارة التجارة السعودية، التي تقوم بمساعدة الضحايا في سرية تامة.
– توعية الجمهور.
ويعال على توعية المستهدفين أو الضحايا الممكنين إن لم يتمتعوا بقدرة عالية على المعرفة بأساليب وأنماط هذه الجرائم، لذا؛ يجب توعية الجمهور بمخاطر الجريمة الإلكترونية وكيفية الحماية منها؛ حيث يمكن للوعي الجماهيري أن يقلل من انتشار هذه الجرائم، ومن صور التوعية المهمة التالي:
– الاقتصار على استخدام برامج حماية موثوقة للهواتف والحواسيب لضمان عدم التسلل غير المرغوب فيه.
– اختيار كلمات مرور طويلة وقوية، لكل الاستخدامات، ويجب أن تغير دورياً.
– الحرص على عدم ترك الحسابات المهمة والشخصية مفتوحة للأجهزة المشتركة في المكاتب وغيرها، فيجب تسجيل خروج من البرامج بعد الانتهاء مباشرة.
– عدم إدخال بيانات بطاقات الائتمان في المواقع غير معروفة والمشبوهة.
– الامتناع عن التواصل مع الغرباء وقبول طلبات صداقة أشخاص مجهولين.
– التأكد من روابط الإعلانات والرسائل عبر مواقع التواصل الاجتماعية والتي قد تكون روابط يستخدمها الهكر.
– عدم فتح الرسالة الإلكترونية من مجهولية المصادر.
– عدم نشر المعلومات والبيانات الشخصية عبر مواقع الإنترنت غير الآمنة.
– من الحلول الفعالة لمكافحة الابتزاز الإلكتروني وأنواع الجرائم الإلكترونية بالسعودية هو التواصل السريع مع الجهات الرسمية، والتي لديها القدرة والخبرة الواسعة في المساعدة الناجعة.
إن الجرائم الإلكترونية تعتبر تحد فعلي لكل الدول، وتتطلب تعاونا دوليا فعالا لمواجهتها، ومحليا بتكثيف برامج توعية الجمهور، والتطوير الحثيث لوسائل مكافحة الجرائم، وتدريب منسوبي أجهزة المكافحة من رجال الضبط والتحقيق والادعاء وغيرهم، والمساعدة الفاعلة للقطاع الخاص المختص بالأمن السيبراني، والذكاء الاصطناعي وغيرهم، ويجب على البنوك توفير وسائل أكثر أمانا للمستفيدين وتقديم المساعدات العاجلة للذين يقعون في شراك الجناة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال