الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مع اتجاه العالم في القرن الحادي والعشرين نحو “الاقتصاد المعرفي” وهو الاقتصاد القائم على العلم والمعرفة، يتطلب التعليم رؤية مستقبلية واعية للمتغيرات العالمية والمحلية تؤدي إلى التعامل مع التحديات المحتملة وتأثيراتها على التعليم، وتحديد الإمكانات لمواجهة هذه التحديات، والوقوف على الاحتياجات المتجددة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وتهيئة مؤسسات العمل والإنتاج في المجتمع لمخرجات التعليم مستقبلاً.
رؤية مستقبلية تساعد على وضع توجهات استراتيجية عامة لتطوير التعليم وإلى خطط مناسبة تنفذ بآليات محددة في فترات زمنية متتالية، رؤية ترشد القرارات التعليمية بهدف الاستثمار الأمثل والأفضل للموارد المتاحة، أي تحسين الكفاءات وتوظيفها في مجال التعليم.
رؤية تفرضها طبيعة التربية المعاصرة وما تتصف به من أنها تربية مستمرة للحياة، تعمل على تحقيق الجودة والتميز في مخرجات التعليم، وتحقق التطور اللازم في المناهج لتتلاءم مع المستجدات والتطورات التي يشهدها المستقبل.
رؤية من أجل التخطيط للمستقبل بما يوفر فرص لإعادة هيكلة نظام التعليم ووضع أسس واضحة لصيغ الإنفاق المستقبلية على عناصر العملية التعليمية.
فمن لا يملك رؤية واضحة للمستقبل لا يعرف بصورة صحيحة كيف يتعامل مع الحاضر، ففهم الحاضر يتطلب فهم المستقبل، وبناء الحاضر يجب أن يرتكز على استيعاب آفاق المستقبل، فالإعداد للمستقبل في الحاضر، ووضوح صورة المستقبل المرغوب يتيح للفرد والمجتمع أن يكون قادراً على تشييد البنى التحتية الضرورية للتعامل مع هذا المستقبل
فالرؤية المستقبلية للتعليم التي ينبغي أن نعمل من أجل تحقيقها هي النحو التالي:
مدرسة المستقبل:
تحول الفصول الدراسية لمساحات عمل مفتوحة وكبيرة يجلس فيها الطلبة بشكل جماعي وتشاركي وتفاعلي، يتم التركيز على الحوار والنقاش ونقل الخبرات والتجارب والمعارف والمهارات بشكل شفاف بين الطلبة أنفسهم والمعلمين.
تحول غرف المعلمين إلى مناطق (فرق عمل)، وهذا نهج روح الفرق والعمل الجامعي بين الهيئة التدريسية، مدرسة تحتوي على أماكن وإنتاج المشاريع المرتبطة بالمنهج والمحتوى التعليمي، بزيادة المساحات المخصصة للمختبرات العلمية والمهنية.
مدرسة مبدعة تكون مكان للإنتاج المعرفي والفني والرياضي والأدبي، وتشجيع التفكير العلمي والتفكير الناقد وجميع المواهب وتشجع الإبداع وتحتضنه.
مدرسة قيمية تكسب المتعلم منظومة الأخلاق والقيم المجتمعية وقيم العيش المشترك واحترام الآخر وفق السلوك الحضاري والإنساني، بيئة تعليمية ديناميكية تفاعلية حية، فيها روح ومساحة واسعة للمشاركة والحوار واتخاذ القرارات وتحديد الاحتياجات بين كل مكوناتها الأساسية.
مدرسة متطورة علمياً وتكنولوجياً يسود فيها الفكر المتجدد والتعليم المستمر والمستدام للمعلم والإدارة، مدرسة نوعية تبني الجودة وفق معايير الأداء العالي “الإتقان”، مدرسة تعاونية يتم فيها الاشتراك في عمليات التعليم مع المعلمين أنفسهم وتتسم بفاعلية بين أطراف العملية التعليمية.
مدرسة ذات أبعاد مجتمعية، تتبنى الانفتاح على المؤسسات المجتمعية المختلفة من خلال علاقة تشاركية داعمة بين المدرسة والمجتمع المحلي.
معلم المستقبل:
معلماً قادراً على القيام بأدوار متعددة، كإدارة الصف وعرض المحتوى العلمي لمادته بصورة جيدة تتناسب مع التطورات التكنولوجية الحديثة، والبحث عن المعرفة وحل المشكلات.
معلما يمتلك استراتيجيات التعليم الفاعلة، التي تعد المتعلم لعصر متجدد، معلماً مرشداً إلى مصادر المعرفة، وقادر على إكساب الطلبة طرق الحصول على المعرفة، معلماً يسعى إلى تنمية مهاراته وقدراته ومعارفه باستمرار، وتعزيز إلمامه بالتقنيات الحديث ومناهج التفكير، وأسس نظريات المعرفة الحديثة، وأساليب التعلم المتمركز حول المتعلم، معلماً متعاوناً قادراً على التفاعل مع الطلاب وإتاحة الفرصة لهم للمناقشة، وإقامة علاقات إنسانية معهم.
معلماً قادراً على تنمية منظومة القيم والأخلاق لدى الطلبة من خلال سلوكياته، وكنموذج يحتذى به من قبل طلبته وممارساته داخل وخارج المدرسة.
معلماً يتفهم بعمق مهامه تجاه مجتمعه عن طريق المواقف التعليمية وما ينشأ عن علاقات متبادلة بين المعلم والمتعلم وهي علاقات يجب أن يتميز بالحوار والتفاعل وتبادل الخبرة الجيدة.
معلماً ممارساً مفكراً متأملاً يدرس بشكل مستمر تأثير اختياراته وأفعاله على الآخرين والطلبة، ميسراً للعملية التعليمية وميسراً للمنهج بشكل علمي واحترافي ينقل المعرفة والخبرات للمتعلمين بمهارات ملائمة.
طالب المستقبل:
متعلم قادراً على التعلم ذاتياً، ولديه القدرة على الاكتشاف والبحث وامتلاك أدواته، قادراً على النقد والتحليل والتقويم، يمتلك المهارة على الإنتاج والإنجاز وتحقيق الأهداف، يتحمل المسؤولية، ويسهم في نهضته مجتمعه وعالمه.
متعلم لديه القدرة على الاستخدام الفعال والأمثل للأدوات والتقنيات والرقمنة الحديثة، قادر على التعلم والعمل ضمن الفريق، والتعاون مع أقرانه في حل المشكلات ومواجهة التحديات.
متعلم لديه الانتماء والمحبة لمؤسسته التعليمية ويحرص على تقدمها ورقيها، إيجابي يحمل فكراً متقدماً للحياة وتطورها.
الإدارة التعليمية:
التوجه نحو اللامركزية في الإدارة التعليمية وإعطاء إدارة المدرسة حرية اتخاذ القرارات ضمن توجهات عامة تحتكم إلى استراتيجية قطاع التعليم.
مدير قائد لديه رؤية مستقبلية لتطوير العمل وحشد الطاقات والإمكانات لها، مؤمن بفلسفة المنهج العلمي للتعليم ولديه الشغف والالتزام بهذا المنهج، قادراً على إحداث التغيير المطلوب بطريقة سلسة وبمشاركة الجميع، لديه القدرة على العمل الجماعي ويقود فريقه لتحقيق الإنجازات المتتالية لتطوير التعليم وزيادة فاعليته.
إدارة تعمل للتطوير والتجديد والتعامل مع التقنية الحديثة ودمجها في البيئة التعليمية، لديها الدافعية للتعلم الذاتي المستمر وتوظيف هذا التعلم نحو تطوير الفكر التربوي والعملية التعليمية.
مدير يمتلك حصيلة علمية وغني ثقافياً، وشخصية تربوية تتمتع بعلاقات إنسانية واجتماعية جيدة، يؤمن بأن الطالب هو أساس العملية التعليمية ومحورها، يوفر المناخ والبيئة التي تساعد على نموه وتنميته وتحقيق التعليم الجيد.
منهج المستقبل:
منهجي علمي مرتكز على متغيرات ومتطلبات الحياة والتطور الحضاري الإنساني ومستجيباً لاحتياجاته المتجددة، منهج يقوم على فلسفة تربوية واضحة تحدد وجهة النظر حول الطبيعة الإنسانية ومفهوم التربية بالدرجة الأولى.
منهج يهتم بالحاضر والمستقبل ولا يهمل الماضي، فشخصية المتعلم تتطلع للمستقبل واكتساب علومه ومهاراته، وفي نفس الوقت يعيش ضمن حالة وجدانية مرتبطة بسياق ثقافي وتاريخي وجغرافي واجتماعي وسياسي واقتصادي معين يجب أخذه بعين الاعتبار.
منهج مصمم بطريقة تعاونية، يشارك في وضعها ومراجعتها وتطويرها خبراء المناهج ورجال التربية والتعليم والمعلم والطالب وولي الأمر، منهج يعتمد على أهداف تطويرية واضحة ومحددة تعكس تنمية الفرد شاملة متوازنة،
منهج يتصف بالتكاملية والشمولية من حيث الأهداف والمحتوى والتنظيم والوسائل والمصادر وجميع عناصر بيئة التعلم ونشاطات التعليم والتعلم والتقويم، منهج مرن ومتطور باستمرار من خلال اعتماد التخطيط السليم لعلمية التطوير، واستخدام الأساليب العلمية المعتمدة على أدوات تتوفر بها الشروط العلمية.
منهج يواكب الاتجاهات التربوية الحديث كالتفكير الناقد، وثقافة الإبداع، والتعلم النشط باستخدام استراتيجيات ما وراء المعرفة، منهج يهتم بعلوم المستقبل كالرياضيات والعلوم والتكنولوجيا، ومعالجة البيانات وتحليلها، منهج يتبنى منظومة الاختبارات لتكون مبنية على مهارات التعلم.
مستقبل استخدام التكنولوجيا في التعليم:
استخدام التكنولوجيا لتعزيز التفاعل والتعاون بين المتعلمين، وزيادة مشاركة الطلبة، وتخطي حواجز والزمان والمكان، والمساعدة في تحديد المفاهيم وإعداد الطلاب للمستقبل، ومساعدة الطلاب ذوي الإعاقة في الدمج التعليمي.
توظيف التكنولوجيا لجعل التعليم أكثر متعة وجاذبية، وتسهيل الوصول للمعلومات وجعل التعليم أسهل، من خلال تسهيل عملية متابعة الطلبة وتعزيز المهارات الأساسية كالقراءة والكتابة والحساب واللغة.
توظيف التكنولوجيا في أدوات وأساليب واستراتيجيات التدريس، واستخدامها كأداة للبحث عن المعلومات وتنظيمها وتقييمها وتبادلها، واستخدام التقنية الرقمية وتوظيف وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مناسب للوصول للمعلومات وإدارتها ودمجها وتقييمها بشكل ناجح.
تطبيق الفهم الأساسي للقضايا القانونية والأخلاقية التي تتعلق بالوصول لتكنولوجيا المعلومات واستخدامها، وتوظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تعزيز البيانات الضخمة التي يستخدمها الطلبة أثناء عملية التعلم.
ختاماً:
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال