الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
قدمت قبل أيام دورة في الهيئة السعودية للمحامين حول نزاعات الشركاء وهي تلك النزاعات التي تقوم بين الشركاء بعضهم البعض او في مواجهة الشركة وتكون ناتجة عن رابطة تعاقدية بين الأطراف والمتمثلة في عقد الشركة وأحكام نظام الشركات، واستعرضت في ذلك الشأن عددا من الأحكام القضائية الخاصة بنزاعات الشركاء من واقع المحاكم، لتكون عملية وتطبيقية بشكل فعال واستخلص في هذا المقال المختصر بعضا منها وفق يلي:
قد يؤدي عدم تدوين الاتفاقيات بين الشركاء كتابة إلى ضياع حق أحدهم او تحمله تكلفة وخسائر أكبر ومن أمثلة ذلك القضية ذات الرقم ٤٤٧٠٨٧٨٢٩٥ لعام ١٤٤٤هـ تتلخص وقائعها في إبرام اثنين شركاء اتفاق فيما بينهم بغرض المضاربة بأموال أحدهم في عقارات غير محددة لاستهداف الربح وكانت تلك الشراكة ثابتة فقط بموجب التحويلات البنكية مما فتح الباب أمام الطرف المدعي عليه بادعاء بأن الشراكة بينهم كانت بغرض بناء عقار ومشاركة الأرباح وأنه بعد ذلك اتفقا على حوالة المال إلى طرف ثالث في دولة الإمارات ليستثمره وأنه لم يعد إليه بعد، فأنكر المدعي موافقته على ذلك ونتيجة لعدم وجود دليل كتابي يثبت اتفاق الطرفين توجهت اليمين إلى المدعى عليه ورفض أدائها، ثم أصدرت المحكمة حكمها بإلزام المدعي عليه برد مبلغ الاستثمار الي المدعي. ولو وثق موافقة المدعي لجنب نفسه هذه المخاطر كما قد شدد نظام الإثبات ونظام المعاملات المدنية ونظام المحاكم التجارية على ضرورة الكتابة وحجيتها على غيرها في كل الأحوال وذلك تجنبا لنشوء مثل هذه الخلافات الطارئة.
تتلخص وقائع هذه القضية رقم ٤٤٧٠٩٢٦٦٢٥ في إبرام اتفاقية تفاهم للدخول في شراكة بين المدعي والمدعي عليه وكان من المفترض ان بسدد المدعي عليه مبلغ 5 مليون ريال قيمة الحصص المباعة اليه على ثلاث أقساط، وبعد ان سدد المدعي عليه قيمة القسطين الاولين امتنع عن سداد القسط الثالث ، مما دعى المدعي الى أن يرفع دعوى يطالب فيها المدعي عليه بسداد القسط الثالث، ولكن ليُفاجئ بأن المدعى عليه يطلب رد الدعوى نظراً لرفعها قبل أوانها، حيث أن مذكرة التفاهم اشترطت ثلاثة شروط يجب تحقيقها اولاً قبل التزام المدعى عليه بسداد القسط الثالث والتي لم يتحقق إحداها ولم تكن تلك الشروط واضحة بالنسبة الي المدعي في حينها، ثم اختلف الشركاء حول سبب عدم تحقق تلك الشروط وقد شاب اتفاقية التفاهم القصور في وضع وسيلة لحل ذلك النزاع يمكن أن يلجأ إليها الشركاء وانتهت المحكمة إلى أن المبلغ محل المطالبة يمثل جزء من رأس المال الشركة وأن تعليق استحقاقه على تحقق الربح فيما بعد! يُدفع أنه شرط فاسد!. ينافي مقصود الشراكة في الغرم والغنم ويعلق استحقاق محل المطالبة على ضمان رأس المال، الأمر الذي أدى إلى حكم المحكمة التجارية إلى إلزام المدعي بسداد المبلغ المتبقي من رأس المال، ولكن لم ينتهي ذلك النزاع عند ذلك الحد، بل اكتشفت محكمة الاستئناف أن المحكمة التجارية والأطراف في الدرجة الأولى من النزاع لم ينتبهوا إلى الخلط الذي ورد بين الشخصيات الاعتبارية المختلفة وخلو أوراق القضية مما يتعلق بالشركة محل النزاع والمطالبة برأس المال ووجوب التفرقة بين الأشخاص المعنوية المختلفة عند التعاقد وعند رفع الدعاوى القضائية نظراً لأن لكل كيان معنوي شخصية قانونية وذمة مالية مستقلة. مما أدى إلى إلغاء حكم المحكمة التجارية. والدفع بانعدام الصفة يعد من أشهر الدفوع وأدقها في النزاعات التجارية وقد تطرقت الأنظمة إلى أكثر من 13 نوع ودفع من هذا القبيل يطول استعراضها ولكن يمكن أن يثار كثير منها أثناء نظر القضية.
تحول الشراكة من شراكة حقيقية إلى شراكة صورية بسبب إخلال بعض الشركاء بالتزاماتهم
في بعض الأحيان قد يتسبب الشركاء بخطئهم في تحويل شراكتهم من شراكة حقيقية إلى شراكة صورية وقد يرجع ذلك الي أسباباً كثيرة من ضمنها إخلال بعض الشركاء بأداء التزاماتهم او عدم وجود دليل كتابي يُثبت أدائهم لتلك الالتزامات مثل ما يثبت سداد أحد الشركاء لرأس المال ومن الثابت قضاءً أن العبرة في إثبات الصورية هي بمدى مساهمة الشركاء في رأس مال الشركة او المشروع وأنه لا يمكن سداد نصيب الشريك في رأس المال من الأرباح حيث ان المشاركة في الشركة والأرباح هي فرع عن المشاركة في رأس المال، ومن التطبيقات القضائية على ذلك ما جاء بالقضية رقم ٥٩٢١/١/ق لعام ١٤٣٣هـ من أن احد الشركاء قام بنفسه بسداد كامل رأس المال بموجب تحويل بنكي يثبت السداد من حسابه ثم لم يوجد ما يثبت أن ما قام بسداده كان بالنيابة عن باقي شركائه، أو إنهم أعطوه المال يداً بيد كما زعموا بل إن الإثبات الوحيد كان الشهادة البنكية الأمر الذي جعل المحكمة تثبت الملكية الوحيدة للشريك الأصلي وأن البقية لا يعدو كونهم شركاء صوريون ام بقوموا بسداد رأس المال لعدم وجود حوالات تثبت الإيداع. وهذه الواقعة تؤكد أنه كان من الأولى توثيق جميع التصرفات المؤثرة في ملكية الشركة وحقوقها أولا بأول وتجنيب العلاقة الشخصية والعاطفية في مثل هذه المواقف، والعمل بروح رياضية بين الشركاء لا يشوبها أي حساسية وذلك لتحقيق مصلحة ملاك الحصص والشركة في المستقبل ولعيش حياة ريادية صحية.
أتمنى أن يسعفني الوقت لاحقا لاستعراض المزيد من هذه الخلافات بهذه الطريقة الموجزة للقارئ.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال