الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في أواخر السبعينات الميلادية من القرن العشرين وتحديدًا في 1977م اعتلى المستثمر الأبرز في التاريخ الحديث وجوهرة الأسواق لعقود من الزمن وأبن جامعة بنسلفانيا الرائع بيتر لينش منصب رئيس صندوق استثمار لدى العتيقة فيديليتي (Fidelity)، ليُحطم بعد هذا تاريخ الأسواق لعقود متتالية ليصنع بهذا شخصية أسطورية لا تُنسى في عالم الأسواق المالية. كان لينش يسجل متوسط عوائد سنوية 30% لخمسة عشر عامًا بعد توليه المنصب الجديد له وبذلك ارتفعت أصول الصندوق الخاص به من 20 مليون دولار الى 14 مليار دولار في نمو مُذهل لا يُصدق!
عقود الأداء الرائع للينش يكمن وراءها استراتيجياته الاستثمارية الرائدة والتي أصبحت بعد ذلك دليل هام للمستثمرين للتغلب على أسواق الأسهم بشكل عام ودليل يُخلد في ذاكرة أبناء فكر لينش بشكل خاص. سوف نعمل على توضيح أبرز استراتيجياته الاستثمارية في سطور ليستفيد منها المستثمر ويحاول بها التغلب على مؤشر السوق على الأقل على المدى الطويل. يعتمد نهج لينش في بداية الأمر من تحليل يبدأ من الأسفل الى الأعلى حيث يبدأ من تحليل الشركة المستهدفة للاستثمار فيها ومكوناتها ثم القطاع الخاص بها ثم الاقتصاد للدولة التي تقع فيها هذه الشركة والاقتصاد العالمي ككل في أخر مرحلة.
العنوان الأبرز في استراتيجية لينش الاستثمارية هي ” استثمر فيما تعرفه ” حيث يطلق على هذا الرائع ” مستثمر القصة ” لأن لينش يعتمد في اختياره لشركات المحفظة التي يُديرها على قصة الشركة وآفاق النمو المتوقع لها في المستقبل لذلك يُفضل لينش الاستثمار في الشركات التي يعرفها المستثمر بشكل جيد من الناحية المالية والإدارية والانتشار بين المجتمع وبيئتها التنافسية ومنافسيها ومستقبل القطاع الخاص بها والدعم المتوقع له من الجهات الحكومية أو الخارجية أو من القطاعات الأخرى المنافسة، حيث قال لينش في مقولة له شهيرة أنه يُفضل الاستثمار في شركات “الجوارب الطويلة بدلاً من أقمار الاتصالات الصناعية” وهذا دليل على دعمه القوي لفكرة الاستثمار فيما يعرفه المستثمر حق المعرفة.
العنوان الأخر المهم في استثمار القصة الذي يتبناه لينش هو تحليل الشركة تحليل مستقبلي وللنمو لها من خلال خمس عناصر مهمة لدراسة خطط تعزيز وضعها المالي وأرباحها وبالتالي تعزيز ” قصتها ” وهي أن الشركة يمكنها عمل هذا التعزيز من خلال خفض التكاليف، التوسع في الأسواق الجديدة، رفع الأسعار، بيع المزيد في الأسواق القديمة أو من خلال تنشيط أو أغلاق أو بيع عملية خاسرة. كلما كان المستثمر من وجهة نظر لينش قريب من الشركة يمكنه التنبؤ بشكل جيد في مستقبل الأرباح وقدرتها على تحقيق خطط التعزيز الخاصة بها.
لينش عمل على تقسيم الشركات من خلال الحجم في المقام الأول – الشركة ذات الحجم الكبير ليس من المتوقع لها أن تنمو بشكل كبير في المستقبل مقارنة مع الشركة ذات الحجم الصغير- وفي المقام الثاني يتم اختيار الشركة بناء على ” قصتها ” ويمكن تلخيص هذه القصة في النقاط التالية:
– لا تشتري أسهم الشركات الكبيرة التي لها نمو بطيء (نمو قريب من نمو الاقتصاد الكلي).
– أشتري في أسهم الشركات الكبيرة التي لها لازالت قادرة على النمو في المستقبل والاحتفاظ بها لفترة لا تقل على سنتين.
– أشتري في أسهم الشركات سريعة النمو فهي على الرغم من المخاطر العالية التي ترافقها، ولكنها تحقق عائد رائع للمحفظة. ليس من المهم أن يكون القطاع الخاص بها يسجل نمو فالأهم هو نمو الشركة ذاتها.
حذر لينش من أسهم الشركات الساخنة في القطاعات الساخنة (قطاع التكنولوجيا في بداية القرن هو مثال جيد على القطاع الساخن) وأيضًا من الشركات التي لا يكون عدد عملاء المبيعات فيها مرتفع حيث ليس من الجيد شراء سهم شركة يمثل عميل واحد فقط نصف أو ربع عمليات المبيعات الخاصة بها، حذر لينش أيضًا من الشركات التي تسجل أرباح، ولكنها تعمل على عمليات استحواذ متعددة. يُفضل الجوهرة لينش في البقاء على أسهم المحفظة لمدة طويلة والاكتفاء بعدد قليل من الأسهم في المحفظة لسهولة متابعتها بشكل مستدام وجيد.
هناك العديد من المؤشرات والنسب المالية التي لابد من أن المستثمر ينظر لها ويحللها ليتحقق من أن الشركة تنتمي لأي من هذه البنود الستة وبالتالي يستند بها على قراره الاستثماري في نهاية المطاف. يُعتبر لينش هو المناصر الأبرز لشركات النمو في الأسواق المالية على عكس الشهير بافيت الذي يبحث عن الشركات التي لم يُقيمها السوق بشكل جيد بعد على أمل نموها في المستقبل. لينش الرائع الذي تتحدث عنه الأسواق المالية طويلًا قال في إحدى مقولاته الشهيرة: “كل الرياضيات التي تحتاجها في سوق الأسهم تحصل عليها في الصف الرابع.” لذلك ليس من المهم لتتغلب على مؤشر السوق أن تعمل على الكثير من التعقيد والرياضيات.
اقتباس اقتصادي: ” التحليل الفني رائع للتنبؤ بالماضي.” – بيتر لينش
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال