الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في ظل التوجهات الاستهلاكية المتنامية والتحولات في أنماط الحياة العصرية، تبرز ظاهرة شائعة تتمثل في ازدهار قطاع المقاهي، وهي واقعة تشهدها معظم المدن حول العالم. هذا التوجه يستدعي التساؤل عن المحركات الأساسية لهذا التوسع وعن الأسباب التي تقف خلف التباين الكبير في مدى استدامة تلك المشاريع. ما هي العوامل التي تجعل بعض المقاهي تزدهر وتستقطب العملاء بينما تفشل أخرى وتُغلق أبوابها بعد فترة قصيرة من الزمن؟
كثير من رواد الأعمال يتبعون حماسة الموجة دون التمعن في تفاصيل الطلب الفعلي، تكلفة الإيجارات العالية، وأهمية التميز في العرض. ورغم أن الموقع يعد عاملاً حاسماً إلا أن الإغلاق السريع لبعض الفروع يشير إلى أن جاذبية الموقع قد تكون مبالغًا فيها أو لا تكفي وحدها لضمان النجاح.
تتعدد الأسباب التي تقف خلف هذا التحدي الذي يواجه قطاع المقاهي، وبالأخص في المجمعات التجارية الجديدة. البداية دائماً مفعمة بالأمل، يفتتح المقهى أبوابه متوقعاً أن يكون منتدى للمفكرين، ومساحة للأصدقاء، وبعد مرور العام الأول مع حلول الإيجار المرتفع الذي يستنزف الإيرادات تتبخر الأمنيات قبل أن تتسنى فرصة الازدهار.
إلى جانب ذلك يجب أن نعلم بأن للمجمعات التجارية دورة حياة تؤثر على المقاهي التي تتخذ منها مقرًا. فمع ازدهار المجمع يكون تدفق العملاء عالياً، ولكن بتغير الاتجاهات وفتح مجمعات جديدة، قد يتسبب الانخفاض في تدفق الزوار للمجمعات في التأثير على متوسط المبيعات بشكل ملحوظ.
لا يمكن إغفال التنافس الذي يحتدم بين المقاهي التي تدير أعمالها جنبًا إلى جنب في نفس المجمع، حيث تتنافس على جذب نفس الشريحة من العملاء. وهنا، تأتي أهمية التميز والتفرد؛ فالمقهى الذي يُجسد بصمة فريدة في تصميمه ومنتجاته وخدماته، قد يقف بشكل أفضل في مواجهة رياح المنافسة العاتية. ومع التغييرات السريعة في السوق واتجاهات الاستهلاك، يصبح الابتكار والتجديد عناصر حيوية لأي مشروع ناجح. المقاهي في المجمعات التجارية لها قوة جذب كبيرة، فهي تُعزز تجربة التسوق وتقدم للزوار مكانًا للاستمتاع بوقتهم. ومع ذلك يظل السؤال: هل يمكن للمقهى أن يثبت جذوره وينمو في بيئة خصبة للنمو ولكن ذات كلفة ماديو باهظة؟ على رواد الأعمال وأصحاب المقاهي أن يوازنوا بين المخاطر والفرص، وأن يقدموا على خطواتهم بعد تأنٍ كبير. من المهم إجراء دراسة شاملة وعميقة لجدوى المشروع في قلب المجمع التجاري أو في مكان مستقل، فهو أمر ضروري لا يمكن إغفاله.
إن بناء علامة تجارية في موقع مستقل يتيح لرواد الأعمال فرصًا واسعة للتميُّز والاستقلالية التي قد لا تتوفر في ظل المجمعات التجارية الكبرى. هذا الجانب قد يتعلق بالسيطرة الكاملة على الهوية البصرية وتجربة العميل من دون قيود التصميم والشروط التي تُفرض عادةً بواسطة إدارات المجمعات. تسمح الأماكن المستقلة للمُلاك بحرية أكبر في تشكيل فضائهم وتوفير تجربة فريدة من نوعها للعملاء كأن يكون المكان مصممًا ليعكس قيم العلامة التجارية وروحها بشكل كامل، أو إقامة فعاليات محلية تتجاوز قيود المجمع التجاري.
من ناحية أخرى توفر المواقع المستقلة فرصة لتطوير علاقات أقرب وأكثر شخصية مع العملاء. يمكن لهذه العلاقات المتنامية أن تُسهم في بناء مجتمع حول المقهى مما يعني زيادة في الولاء واحتمال أكبر للتسويق الشفهي الإيجابي. إضافةً إلى ذلك، تُعتبر مرونة الإيجارات خارج المجمعات التجارية عاملاً هامًا. فقد تكون رسوم الإيجار في المواقع المستقلة أقل تكلفةً، ما يقلل من العبء المالي الكبير ويزيد من إمكانية استثمار المزيد في جودة المنتجات والخدمات. بالإضافة إلى ذلك، يُمكن لأصحاب المقاهي في المواقع المستقلة أن يتحكموا بشكل أفضل في الساعات التجارية حسب ما يناسب أعمالهم وجمهورهم.
بوجهٍ عام يُمكن للموقع المستقل أن يُصبح معلمًا بحد ذاته أو وجهة مستقلة تتمتع بجاذبية خاصة تُساهم في الجذب الثقافي والاجتماعي للمنطقة ومكاناً يُمكن أن يستقطب الزوار ليس فقط من أجل مجرد كوب من القهوة، بل لتجربة فريدة لا تُضاهى يقدمها فضاء مستقل ينعم بالأصالة والاستقلالية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال