الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في أحد الصباحات قبل فترة كنت اقف امام احد المحلات، جاء شاب إلى عامل النظافة ليعطيه بقايا طعام، فرده العامل قائلا بعربيته المكسرة ما معناه أنه لا يريد مزيدا من الطعام وطلب إعطاءه قارورة ماء.
لعلكم تذكرون مشهدا انتشر في وسائل التواصل الاجتماعي لشباب يعطون عامل محطة البنزين بقايا فطائر من نوع معين، فقام برميها بعد مغادرتهم، ووثق المشهد من كان يقف في الخلف.
احسب ان كثيرا من الناس سوغوا عادة الهدر في شراء الطعام، او اعداده لأنهم ينوون إعطاء الفائض لعامل النظافة، او عمال محطة البنزين، ولا اعرف كيف افترضوا ان عمال المحطات يحتاجون للصدقة العينية المتمثلة في فوائض الطعام.
انه نوع من اراحة الضمير الزائفة على التبذير والهدر خاصة عندما يتعلق الأمر بالأرز والخبز اكثر ما يهدر في المملكة، وهي في الحقيقة هروب من واقع يجب إعادة النظر فيه، لان هؤلاء الذي يتلقون الفوائض الصغيرة يتلقونها تقريبا من كثير من العابرين او الجيران، وبالتالي هم يرمونها في النهاية، لكنهم يواصلون اخذها لتأكيد حالة الاحتياج أولا، ثم لما قد يأتي معها أحيانا من مال او أشياء عينية أخرى.
يدخل في السياق نفسه من يقيمون ولائم باذخة، ويزيدون سوء عملهم بتصوير ضيوفهم والطعام المقدم لهم، وبعضهم يقول في مشهد التصوير ان الجمعية الفلانية المتخصصة بحفظ النعمة او تلك التي تجمع الفوائض وتجهزها للفقراء تم دعوتهم وهم في الخارج ينتظرون، او تم الاتصال بهم وسيأتون بعد المناسبة!؟
اليس الأولى دعم الجمعية مباشرة بالمال، او بطعام جديد يرسل لهم مباشرة بدلا من ان يكون نصيبهم الذي سيهبونه لأسر متعففة هو من بقايا المفاخرة الكاذبة وتبديد الغذاء والنعم وإعطاء صورة غير دقيقة عن الكرم ؟
مع حلول الشهر الكريم جعله الله مباركا على الجميع لعلنا نتأمل في “الوعظ الاقتصادي” الواجب علينا جميعا لان الوضع مخيف على مستوى العالم فتقرير مؤشر نفايات الأغذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة يقول ان نفايات الطعام تصل الى 1.3 مليار طن سنويا في جميع انحاء العالم، وان نسبة الهدر الغذائي بلغت ما يعادل 51 في المائة من مجموع النفايات.
ونحن لسنا بعيدين عن هذا الواقع، واقع الهدر، فقد أعلنت وزارة البيئة والمياه والزراعة اكثر من مرة ان تكلفة نفايات الطعام تبلغ 40 مليار سنويا، وهو رقم فادح ومؤلم يجب ان اعرف وتعرف ويعرف الجميع ان حصتك فيه في المتوسط هي 184 كيلو جرام من نفايات الطعام سنويا، ترجم هذا الكلام الى لغة المال وانظر كم تفقد منه ؟ ولماذا تفقده؟
إضافة الى مخالفة التعاليم الدينية حول الإسراف والهدر، والفاقد الاقتصادي الكبير للأفراد والحكومة من هذه الممارسات هناك ما اسميه الفاقد الروحي والانساني، لان هذا الهدر يعد مخالفة للفطرة السوية، وللتفكير العاقل للإنسان، ولا يمكن لبعض الممارسات مثل التصرفات أعلاه ان تكون علاجا، انها مسكن نفسي يلجأ اليه البعض حتى يتلافون الألم، ألم معرفتهم في قرارة انفسهم ان هدر النعمة والتفريط في حفظها فعل يضر بهم أولا قبل ان يضر باقتصاد بلادهم، وجميع مراحل ومدخلات إنتاج الغذاء.
اعط المحتاجين ريالا عبر المنصات الرسمية، واحفظ بقية ريالاتك من ان تهدر في طعام لا تأكله ولا يأكلونه.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال