الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تناولنا في مقالنا السابق أهمية التزام الشركات المدرجة بواجبات الإعلانات الفورية والدورية وهي التزام من ضمن مجموعة من الالتزامات المفروضة علي الشركات المدرجة سواء بموجب النظام او لوائح هيئة السوق المالية والواجب مراعاتها لما قد يترتب علي إغفالها او عدم مراعاتها غرامات مالية ضخمة سواء نتيجة مطالبات قضائية او عقوبات من هيئة السوق المالية مما يتسبب في بعض الأحيان في زيادة التخوف لدي الشركات بصفة عامة وأعضاء مجلس الإدارة بصفة خاصة من العمل في مجال سوق المال او زيادة الاستثمارات وعدم رغبة الكوادر في تولي مناصب قيادية في الشركات المدرجة خوفاً من المسئولية مما يستوجب معه توفير مزيد من الأمان القانوني للشركات وأعضاء مجلس الإدارة لتجنب إعاقة نمو السوق المالية خاصة في وقت تُظهر فيه بيانات هيئة السوق المالية أن عدد الشركات المدرجة في سوق الأسهم الرئيسية وصلت الي 230 شركة مدرجة في الربع الثالث 2023 فيما بلغ عدد الشركات المدرجة في السوق الموازية (نمو) 67 شركة كما أوضح أيضا في لقاء مؤخر الأستاذ محمد الرميح الرئيس التنفيذي لتداول السعودية إلى أن الشركات المؤهلة للانضمام للسوق تصل إلى 5000 شركة ويستهدفون استقطاب أكثر من 40 إدراج في 2024 فمع انتشار هذه الشركات المساهمة ودعم هيئة السوق المالية للشركات المحلية للإدراج فإن عدد الشركات في تزايد مستمر تزداد معه وتتكرر دعاوى المسؤولية على أعضاء مجالس الإدارات لكونه الجهاز التنفيذي الأول لتسيير أمور الشركة وتحقيق توصيات وتطلعات الجمعية العامة للمساهمين.
لذلك سعت هيئة السوق المالية مع شركات التأمين لابتكار عدد من الحلول التي تشجع التنفيذيين من رجال الأعمال والمختصين لتولي هذه المناصب وذلك عبر ابتكار حلول تأمينية تقلل من مخاطر إدارة الشركات والعزوف عن قيادتها تخوفا من دعاوى المسؤولية الواردة في نظام الشركات.
وتقوم شركات التأمين من خلال وثائق التأمين ضد المخاطر المهنية خاصة المتعلقة بتأمين مسئولية المديرين والمسؤولين وعلى رأسهم مجلس الإدارة ضد الإخفاق المهني والذي يكون ناتج عن أحد الأمور التالية: الخطأ، أو الإهمال أو نشر بيانات أو معلومات غير دقيقة نتيجة التقصير في أداء الواجبات المهنية، كما تغطي بوليصة التأمين التكاليف القانونية والغرامات والدعاوى القضائية.
وتشير الممارسات التأمينية إلى أن شركات التأمين تقسم التأمين من حيث نطاق التغطية والمستفيد من التأمين إلى نوعين: الأول؛ يتولى فيه المديرون شراء التأمين لحماية أصولهم وذلك لعدم تحمل التأمين من قبل الشركة، والآخر؛ تتولى فيه الشركة شراء التأمين لحماية أصولها ومنسوبيها بمن فيهم مديريها. فالنوع الأول؛ يتصدى لأي مطالبات مالية ضد المديرين والمسؤولين فقط والثاني؛ يتصدى لأي مطالبات مالية ضد الشركة بصفة عامة بمن فيها من مديرين ومسؤولين ويسمى بتغطية الكيان. ومن الجدير بالذكر أن الشركة قد تختار أن تكون التغطية التأمينية لحماية أصولها فقط دون أن تشمل المديرين.
ومنذ انطلاق منتج التأمين في 2019 فقد بلغ عدد وثائق التأمين للمسؤولين والمديرين في الشركات المدرجة ما يقارب 160 وثيقة موزعة على 68 شركة في السوق المالية السعودية حيث تضاعف عدد الوثائق بنسبة 300% خلال الثلاث سنوات الأخيرة وهو نمو رائع وأقبال يعكس أهمية هذه المنتجات خصوصا لأعضاء مجالس الإدارة المستقلين.
كما يتضح أنه يمكن أن يتضاعف عدد بوليصات التأمين المباعة لو كانت بوليصة التأمين موحدة في شريحة واحدة أو كانت تغطي عدد من المخاطر كما في المملكة المتحدة التي تغطي بوليصة التأمين عمليات الاحتيال الغير مقصودة أو البرازيل التي تغطي شركات التأمين الغرامات الجنائية حيث أن القراءة في منتجات التأمين المحلية لأعضاء مجالس الإدارات والتنفيذيين نجدها تشتمل على مجموعة من الاستثناءات العامة مثل: الاحتيال، والمطالبات أو الظروف التي تنطبق عليها تأمينات أخرى، أو السلوكيات غير النزيهة مثل ثبوت تعمد الخطأ، أو الإخلال بالعقود، أو الأفعال السابقة لتاريخ توقيع الوثيقة، أو الجرائم الجنائية. هذه الاستثناءات التي تترك الباب واسعا أمام شركات التأمين لعدم الالتزام في التغطية نظرا لتوقع إدراج أي مخالفة ضمن أحد البنود المعزولة ويعتبر هذا الإقصاء أحد الأسباب في عدم إقبال المشترين للوثائق التأمينية وكذلك ارتفاع أسعار هذا النوع من التأمين إضافة إلى قلة الشركات التي تقدم هذا المنتج.
وفي ختام مقالنا تجدر الإشارة إلى أن الدراسات في الدول المقارنة أسفرت عن وجود بعض المظاهر السلبية الناتجة عن ذلك النوع من التأمين والتي تتمثل بشكل رئيسي في تراخي بعض أعضاء مجلس الإدارة والمسئولين عن الإدارة في بذل العناية الكافية في قراراتهم الاستثمارية وزيادة المخاطر الأخلاقية وعدم الحرص على إتباع الضوابط المفروضة عليهم بشكل صارم وذلك بسبب عدم شعورهم بجود تبعات او تهديد حقيقي لأخطائهم المهنية نتيجة للتغطية التأمينية.
ولكن بالتأكيد مع التطور التشريعي الذي نعيشه والشركات التي تتنافس على منصات التداول بما فيها شركات التأمين سنكون قادرين علي تحسين منتجات هذا السوق وتفادي أي سلبيات سواء عن طريق صياغة الوثائق بشكل أفضل أو زيادة الامتيازات والتغطية أو من خلال قيمة ومبالغ الاشتراك.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال