إلى أين تتجه صناعة بناء السفن الضخمة في الصين؟

مع انتعاش صناعة بناء السفن العالمية، تتمتع شركات بناء السفن الصينية بزخم تنموي قوي ونمت حصتها في السوق بشكل مطرد. تظهر أحدث البيانات أنه في الفترة من يناير إلى فبراير عام 2024، استحوذت الصين على 56.5% و69.5% و56.1% من حصة السوق العالمية على التوالي من حيث حجم إكمال بناء السفن والطلبات الجديدة والطلبات القائمة. وفي عام 2023، تمثل المؤشرات الثلاثة للصين 50.2% و66.6% و55% من الإجمالي العالمي على التوالي. وقد احتلت حصة الصين في السوق الدولية لبناء السفن المرتبة الأولى في العالم لمدة 14 عاما متتالية.

على وجه التحديد، في العام الماضي، من بين 18 نوعا من السفن الرئيسية في العالم، احتلت الصين المرتبة الأولى عالميا في الطلبيات الجديدة لـ 14 نوعا من السفن. ومن بينها، شكلت الطلبيات الجديدة لناقلات البضائع السائبة الجافة وناقلات النفط وسفن الحاويات وناقلات السيارات على التوالي 79.6% و72.1% و47.8% و82.7% من الإجمالي العالمي.

ومع تنوع السفن، تتجه الصين نحو السفن المتطورة

لقد نمت الصين لتصبح قوة كبيرة ومع الزيادة الكبيرة في حجم الطلبات، يتزايد أيضا “القيمة المضافة” للطلبات وتنوع السفن.

وفي عام 2023، تم تسليم أول سفينة سياحية صينية ضخمة محلية الصنع “أدورا ماجيك سيتي” رسميا للتشغيل. وهذا يشير إلى أن الصين قد شكلت قدرة على بناء مجموعة كاملة من السفن ومنتجات البحر.

وفي عام 2024، استقبلت صناعة بناء السفن الصينية بداية موفقة. في يوم رأس السنة الجديدة، أبحرت أربعة يخوت “صنع في هونان” من ميناء دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة. وكذلك في بداية هذا العام، أعلنت قطر للطاقة عن صفقة محتملة مع شركة هودونغ – تشونغهوا الصينية لبناء 8 ناقلات غاز طبيعي مسال كبرى طراز «كيو – ماكس»، وتأتي الطلبية ضمن المرحلة الثانية من برنامج قطر للطاقة لبناء أسطول بحري لناقلات الغاز الطبيعي المسال والبالغ 100 ناقلة غاز جديدة.

إن التحول إلى السوق الراقية من خلال الابتكار المستقل هو الطريقة الوحيدة لتصبح مؤسسة بناء سفن عالمية المستوى. من بينها، تستهدف شركة جيانغنان لبناء السفن قطاع سوق سفن الغاز المسال، حيث تعمل على تطوير وبناء ناقلات فائقة الحجم لغاز البترول المسال (VLGC) وناقلات الإيثان الفائقة الحجم(VLEC)؛ وقد وجدت شركة قوانغتشو الدولية لبناء السفن فرصا تجارية في بيانات تصدير السيارات ووجهت أنظارها إلى حاملات السيارات.

التحول إلى الخضرة والذكاء يغير ملامح صناعة بناء السفن

ومع دخول صناعة بناء السفن مرحلة “الدورة الفائقة” من الثورة التكنولوجية والتحول الصناعي، جذبت خطة التنمية الخضراء لصناعة بناء السفن في الصين الاهتمام في الداخل والخارج.

في نهاية العام الماضي، أصدرت الإدارات الصينية المعنية “مخطط العمل للتنمية الخضراء لصناعة بناء السفن (2024-2030)”، والذي اقترح في أهداف التنمية أن تتجاوز حصة السوق الدولية للسفن ذات الطاقة الخضراء مثل الغاز الطبيعي المسال (LNG) والميثانول 50% بحلول عام 2025.

وفي السنوات الأخيرة، كثفت شركات بناء السفن الصينية جهودها لتطوير وتصنيع السفن الخضراء التي تعمل بالوقود النظيف. وتظهر البيانات الصادرة عن جمعية صناعة بناء السفن الصينية أنه في عام 2023، تجاوزت حصة طلبيات السفن الخضراء الجديدة في الصين لأول مرة نصف الحصة الدولية، لتصل إلى 57%، وتحقق التغطية الكاملة لأنواع السفن الرئيسية. كما تم استخدام السفن الخضراء مثل أكبر سفينة سحب كهربائية نقية في العالم بقدرة 5400 حصان طورتها الصين بشكل مستقل وأول سفينة صينية تعمل بخلايا وقود الهيدروجين بقدرة 500 كيلووات. وفقا للمسؤولين في شركة بناء السفن الحكومية الصينية، فإن ما يقرب من 55٪ من الطلبيات التي تحتفظ بها المجموعة حاليا هي سفن منخفضة الكربون وصديقة للبيئة تعمل بالغاز الطبيعي المسال بالوقود المزدوج وطاقة الوقود المزدوج بالميثانول.

الذكاء هو اتجاه آخر لتنمية صناعة بناء السفن في الصين. وفي هذا العام، ستسلم الصين أول سفينة ذاتية القيادة، والتي يمكن استخدامها للبحث العلمي والتدريب في نفس الوقت، وهي أول سفينة ذكية ثنائية الغرض للبحث والتدريب في الصين. تحتوي السفينة على أكثر من 15 ألف نقطة تحكم آلية، كما أنها تتمتع بوظائف مثل الرسو الآلي، وتجنب الاصطدام الذكي، والاستشعار التلقائي لبيئة الإبحار والسفن المحيطة بها، وهو مستوى عالمي رائد من الذكاء.

بالاعتماد على أساسها الصناعي واسع النطاق، تعمل صناعة بناء السفن في الصين على تسريع تطوير الصناعة في اتجاه متطور وذكي وخضراء. ولكن في مواجهة المستقبل، لا تزال الصين بحاجة إلى مواصلة الاستكشاف والعمل الجاد لتعزيز الابتكار التكنولوجي وتبادل المواهب والتدريب من خلال تعزيز التعاون الدولي، وبذلك تحقيق ازدهار صناعة بناء السفن في العالم، وتوفير قوة دافعة للنمو الاقتصادي العالمي.