الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لا تخلو أية دائرة رسمية في أي جهاز حكومي من إدارة شؤون قانونية؛ ويكون عملها الأساسي منحصرا في متابعة حقوق الدائرة أمام القضاء، وتقديم البلاغات باسمها، وأخيرا تقديم الرأي حول مدى قانونية الإجراءات.
لكن تقديم الرأي القانوني قد أصبح في الواقع عسيرا على الشؤون القانونية؛ والأسباب عديدة أهمها ضعف التأهيل البحثي لأفراد الشؤون القانونية، وانشغالهم بالدعاوى والإجراءات؛ بما يجعل من المستحيل عليهم الجمع بين العمل القانوني المهني والنظري.
كما أن إنشاء جهة مركزية لتقديم الرأي القانوني سيعني أن هذه الجهة ستكون مختصة بمنح فتوى قانونية حول مسألة خلافية استثنائية لا يوجد نص واضح لها؛ وهو ما يجعل من عملها استثنائيا عن القاعدة الأساسية، والتي تتمثل في بقاء العبء القانوني المهني والفني على الشؤون القانونية في كل جهة حكومية على حدة.
لذا، فقد كان الحل يكمن في إنشاء جهة قانونية جديدة، تجمع بين التأهيل القانوني المهني والفني لتمثيل الدولة أمام القضاء، وبين العمل الاستشاري النظري، ليس بشكل استثنائي، بل على شكل دعم دائم ومتواز مع سير العمل القانوني للجهات الحكومية.
فكيف يمكن أن تكون هوية هذه الجهة؟
برنامج دعم الإدارات القانونية.. من الخبرة الاستشارية الفردية، إلى الفريق المنظم
ابتكرت المملكة جهة عامة قانونية جديدة وهي “برنامج دعم الإدارات القانونية” وذلك بهدف دعم الإدارات القانونية، وتطويرها، حيث يجمع عملها بين الشؤون القانونية في متابعة المنازعات مهنيا، وبين الشؤون الاستشارية في تقديم الرأي والدراسة فنيا.
فإذا، لا يقتصر دور هذا البرنامج في تقديم الدعم الفني، بل يتجاوزه إلى تنمية مستوى إدارات الشؤون القانونية؛ وهو ما يوحي بأن الخبرة العليا والتأهيل الأعمق سيكون لأعضاء برنامج الدعم قياساً بالإدارات القانونية التقليدية.
لكن الصفة الأكثر ظهورا في برنامج الدعم كانت ولادة كيان قانوني جديد بهوية قانونية متقدمة.
وهذا يعني أن لحظة إنشاء برنامج دعم الإدارات القانونية هذا، كانت لحظة مفصلية؛ لأنها كانت اللحظة التي انتقل فيها الرأي القانوني الموجه للأجهزة الحكومية بالمملكة من فكرة الخبرة الفردية إلى فريق العمل المنظم. فالجهاز الحكومي الراغب برأي استشاري قانوني لم يعد مضطرا لطلب الخبرة من شركات خاصة تمنحه رأيا قد يكون غير مستقلا، فهذا الأسلوب الفردي في تقديم الخبرة يفتح المجال لهدر المال العام في تكاليف استشارية لجهات متعددة.
هل يمكن اعتبار “برنامج الدعم” بأنه يمثل “إدارة قضايا الدولة”؟
الحقيقة أن ولادة برنامج دعم الإدارات القانونية كانت على أساس دراسات تم رفعها من بعض الجهات الحكومية لرفع كفاءة الإدارات القانونية، والتي تضمنت مقترحا لإنشاء إدارة قضايا الدولة؛ وبعد التدقيق وإعادة النظر، تبلورت فكرة البرنامج أكثر قبل إنشائه.
وفي الواقع، يمكننا تمييز برنامج الدعم -كما نشأ في المملكة- عن إدارة قضايا الدولة -كمفهوم عام-، وذلك في العديد من القواعد الخاصة بالبرنامج، كالتالي:
البرنامج المتقدم للدعم القانوني.. من الرأي الاستشاري، إلى الدعم التعاوني
كثيرا ما يعاب على العمل الاستشاري أنه عمل نظري بحت من جهة، وضيق المسؤولية من جهة أخرى؛ حيث يقدم المستشار رؤيته الشخصية، لكنه لا يكون مسؤولا عن القرار؛ لأن صاحب السلطة باتخاذ القرار هو من يقرر اعتماد الرأي الوارد بالاستشارة من عدمه. فإذا، المستشار التقليدي لا يعمل بشكل متواز مع الإدارة القانونية، بل يقدم عملا نظريا وثانويا وفرديا، وهو ما تلافاه نظام برنامج دعم الإدارات القانونية للأجهزة الحكومية بالمملكة.
فالبرنامج يقدم خدمة الدعم القانوني والفني بناء على الطلب، ليس بشكل بعيد عن الواقع، بل عبر المتابعة الفعلية على أرض الواقع لأية دعاوى أو منازعات أو إجراءات تحكيم. كما يقوم البرنامج -إذا تم الطلب منه- بتقديم دراسة لمشاريع القوانين وإبداء الرأي بشأنها
هذا في الواقع يمكن توصيف بأنه “دعم قانوني تعاوني”، للأسباب التالية:
بالتالي، فإن الطبيعة الغالبة لعمل برنامج الدعم هي طبيعة العمل التعاوني بين موظفي البرنامج وبين الإدارات القانونية في الأجهزة الحكومية، تحقيقا للمصلحة العامة.
وقد نص نظام برنامج الدعم على أن تكون الجهة المشرفة على البرنامج هي اللجنة الإشرافية التابعة لمركز الدراسات والبحوث القانونية. وفي هذا التعيين لسلطة إشراف ذات خبرة قانونية كبيرة يتضح أن الغاية الأساسية من وجود برنامج الدعم هو تحقيق تنمية فعلية للعمل القانوني الحكومي.
يعتبر برنامج دعم الإدارات القانونية مزيجا بين الجهات الاستشارية وبين الشؤون القانونية؛ حيث يكون عملها قانونيا، لكن معتمدا على فكرة صيانة العمل القانوني مهنيا وفنيا بالتعاون مع الإدارات القانونية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال