الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في كتاب “الثروة واقتصاد المعرفة” الذي أصدرته جامعة الملك سعود ضمن إصدارات سلسلة مجتمع المعرفة يلفت المؤلفان ألفين وهايدي توفلر الى مصطلح ” الانتهلاك ” الذي يشير إلى اقتصاد المنتج المستهلك حيث تجري نشاطات اقتصادية غير مأجورة اسمياها “اقتصاد اللا مال “.
الفكرة التي اوحت لهما باختراع هذا المصطلح أنه حين ينتج الناس سلعا او خدمات او خبرات يطرحونها للبيع في اقتصاد المال ويتم تسميتهم “منتجين” والعملية تسمى الإنتاج، لكنهما يعتقدان هذا المصطلح يشير الى أولئك الذي يصنعون السلع والخدمات والخبرات لكي نستخدمها بدلا من بيعها او مبادلتها فحين يقوم الفرد او المجموعة بإنتاج شيء واستهلاكه يسمون ” منتهلكين” أي انهم منتجين مستهلكين في نفس الوقت.
ركز المؤلفان على ذكر كثير من الأنشطة التعاونية التطوعية بين البشر في محيطهم وبيئتهم حيث اعتبرا قيام احد افراد العائلة بالاعتناء بفرد آخر بحاجة لهذه العناية دون اجر، او مساعدة الناس اثناء الفيضان جزء من هذه الفكرة التي يراها اخرون – ونحن في مجتمعنا منهم – واجبا اجتماعيا او دينيا اذا اتفقنا على ان جميع الثقافات تعتبره واجب أخلاقي.
الفكرة التي توقفت عنها هي ان اقتصاد المال لا يمكنه الصمود دون اقتصاد الانتهلاك، وهما برهنا على ذلك بقولهم ان أصحاب العمل يعتبرون وصول العامل او الموظف لديهم وقد تزود بالخبرات الحياتية امرا مسلما به لكن الحقيقة ان هناك أم او أب قاما وعلى مدى سنوات بإعداد هذا العامل او الموظف وتزويده بالأدوات الضرورية للعمل مع الآخرين ومنها كأصغر مثال تعليمه اللغة ، وتساءلا : كم سيكون انتاج العامل اذا لم يكن قادرا على التواصل باستخدام الكلمات ؟
ما أعجبني هو انه بالأمثلة الكثيرة التي يسوقونها تأكد لي ان الثقافة السائدة في أي مجتمع ستؤثر حتما على معدل الإنتاجية في الاقتصاد، اقتصاد المال، ومن يقومون بالانتهلاك هم من ينقلوها ويطورونها جيلا بعد جيل ليجعلوا من انفسهم وابناءهم قادرين على العمل في فرق ومنشآت تشكل في مجملها المجتمع، او على الأقل تشكل المجتمع الاقتصادي.
قبل نصف قرن قال جاري بيكر ” الوقت الذي يقع خارج ساعات العمال قد يكون اهم من وقت العمل بالنسبة للاقتصاد، ومع ذلك فإن الاهتمام الذي يوليه الاقتصاديون للأخير يفوق ذلك الذي يولونه للأول”، وبعده بعام او اثنين خلص الباحث الاقتصادي ستاين رينجر الى نتيجة مفادها ان ” مستوى المعيشة المادية قد ينخفض الى النصف لولا تأثيرات العيش في المنزل”.
الكتاب الذي ترجمه محمد زياد كبة شيق وعميق ويدخل في تفاصيل كثيرة ويقرأ كثيرا مما نعيشه اليوم رغم انه صدر عام 2008 م ، ويؤسفني الاعتراف انه لدي منذ اكثر من ثلاث سنوات ولم أتوقع ان يكون بهذه الأهمية وهذا حالنا مع كثير مما يكون لدينا ونفقده وهو بين أيدينا.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال