الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أغلق أحد المطاعم الفخمة – فخامة اسعار وليس فخامة طعام – ابوابه في الرياض بدون اعلان مسبق او بيان يتواصل به مع جمهوره أو مع العاملين في القطاع لبيان اسباب الاغلاق.
لم استغرب كثيرا لان فكرته بنيت على أساس الشهرة السريعة، شهرة الإعلام الاجتماعي وتطبيقات التواصل وليس شهرة الطعام الجيد، او الاسم العريق، او التقاليد الخاصة به كما في المطاعم والاسماء التي نعرفها في الرياض وبقية العواصم الكبرى حول العالم.
الخطوة ليست مستغربة لان اسعاره المبالغ فيها لم تكن لتصمد، وربما لأنه قد يكون من نوعية ” اضرب واهرب ” اي تلك النوعية التي تبدأ كبيرة ومبهرة لتقطف ثمرة ابهار مؤقتة ثم تضمحل فجأة او تخبو تدريجيا حتى تصل للنهاية.
ربما يعاود هذا المطعم او غيره ممن اقفلوا مؤخرا الافتتاح في موقع آخر، ولو كان حصيفا يعاود العمل بثقافة أخرى اكثر ديمومة تمكنه من البقاء والمنافسة وهما الامران اللذان يحددها العميل الذي يبني ولاءه على التجربة وليس على السمعة ” المؤقتة “.
على مستوى أصغر قليلا لكنه مشابه نرى ونسمع ونقرأ في الإعلام عن التجارب في قطاع المطاعم والمقاهي تحديدا التي لا تكمل عاما او اثنين، تبدأ فاخرة باذخة مغالية في الاسعار وتستعين بالتسويق بالفقاعة ان صح الوصف وهو التسويق عبر المشاهير في البداية، ثم تنفجر الفقاعة لان المستهلك او العميل لم يجد تجربة تجعله يستمر في دفع الاسعار العالية ولان التخطيط للعمل لم يكن للمدى البعيد.
البدايات دائما هي المحك، ومن لا يحسب حسابه في تكلفة الموقع والتسويق ومن قبل ومن بعد التميز بشيء خاص به تضيق به الأرقام سريعا ، والارقام لا ترحم.
هناك شيء مشترك بين هذه المشاريع ، اهتمامها بالتسويق السريع، واغفالها جوانب الاتصال الأخرى التي تشكل رافدا أقوى واكثر ديمومة ، بعضهم لأنه ليس لديه ما يقوله، وبعضهم لديه ما يمكن التواصل بشأنه لكنه لا يعرف كيف او لا يحسب ذلك ضمن تكاليف التأسيس والمصاريف الجارية.
قد يتساءل البعض: ما الذي يمكن لمطعم او مقهى ان يقوله إعلاميا او تواصليا؟ في الحقيقة هناك الكثير، ورأينا امثلة استغلت قوائم الطعام او الأوراق التي توضع تحت الأطباق لبث رسائل اتصالية مبتكرة.
في المقابل لاحظت ان اغلب المقاهي وبعض المطاعم التي تبدأ صغيرة ولكن ذكية تستمر وتتوسع، مثل من يأخذون مواقع صغيرة في محطات الوقود، او مواقع متوسطة المساحة والكلفة فيما يسمى ” الستريب مول ” اي المحلات الصغيرة التي بجانب سوق مركزي شهير او ما يشابهه من مكتبات او سلاسل مطاعم عالمية، اي انهم يبدأون صغارا ويكبرون، وكثير ممن يقفلون في عام او اثنين يبدأون كبارا ويصغرون.
في الرياض وجدة مطاعم غالية لكنها مستمرة لعقود من الزمن، لأنها قدمت ما يوازي أسعارها من ابتكار وجودة ومحافظة على صورة ذهنية معينة تجعل الأثرياء يرتادونها باستمرار، ومتوسطي الدخل يضعونها في جداولهم السنوية او النصف سنوية عندما يودون مكافأة انفسهم او من يحبون.
لكي تبدأ كبيرا يجب ان تكبر مداركك، فالعملية الاقتصادية لأي مشروع ليست أحاديث اعلام اجتماعي عابرة، انها صناعة للأفكار وإدارة للموهبة، وصداقة صادقة مع الأرقام والواقع.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال