الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الخامس والعشرون من شهر أبريل هو تاريخ انطلاق رؤية المملكة العربية السعودية 2030، إذا شبهنا الرؤية برحلة، فنحن ولله الحمد انتهينا من مرحلة الإقلاع بنجاح، بإصلاحات اقتصادية و تغييرات هيكلية لتحقيق أهداف واستراتيجيات الرؤية، وسوف نبدأ في مرحلة الهبوط التدريجي في زمن قياسي بإذن الله مع بدأ تحقيق العديد من الأهداف حتى قبل حلول 2030، لقد رأينا الكثير من الإنجازات والنجاحات على أرض الواقع ولله الحمد.
نرجع بالذاكرة إلى مؤتمر انطلاق الرؤية في 25 أبريل عام 2016، حيث دُعيت، وكان لي شرف الحضور في هذا اليوم التاريخي، ولا ننسى ما ذكره سيدي سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عندما قدّم لنا رؤية الحاضر للمستقبل، الرؤية التي تُعبّر عن طموحاتنا جميعاً وتعكس قدرات بلادنا، وبات من الواضح تحقيق العديد من الإنجازات والنجاحات بعد مرور 8 سنوات من انطلاقتها وحتى قبل وصول عام 2030.
ركزت رؤية السعودية 2030 على تحضير المملكة لتتبوأ مكانتها في عالم الغد؛ كوننا ضمن أقوى اقتصادات العالم، ولا ننسى “العلاج من الإدمان النفطي” وهي العبارة التي قالها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ورأيناها على أرض الواقع ثمرة جهود انطلقت منذ 8 سنوات.
مع تفعيل أهداف رؤية 2030 والتصحيح الاقتصادي بتخفيض الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل، جاءت رؤيتنا الطموحة بإنجازات على أرض الواقع تؤهلنا للتقدم بين أقوى 20 اقتصادا في العالم. جاءت ميزانية المملكة بعد بزوغ فجر الرؤية باعتماد أقل تدريجياً على النفط والوقاية من تقلبات أسعاره، حيث كان الركون إلى تقديرات أسعار النفط أساساً عند تقدير الميزانيات المالية سابقاً.
الإيرادات غير النفطية هي العلاج الذي وصفه سمو ولي العهد لعلاج الإدمان النفطي، بعد انطلاق رؤية 2030، أعيدت هيكلة بعض الوزارات والهيئات الحكومية بما يتناسب مع أهداف واستراتيجيات هذه الرؤية. وبالفعل، رأينا أسعار النفط تتدهور إلى السالب أثناء ذروة الجائحة، ما يؤكد رؤية ولي العهد على أننا لا يمكن أن نعتمد على مصدر واحد للدخل ويجب التنوع الاقتصادي.
سجلت الأنشطة غير النفطية في السعودية خلال عام 2023 أعلى مساهمة لها في الناتج المحلي الإجمالي السعودي على الإطلاق بواقع 50%، بناء على بيانات وزارة الاقتصاد والتخطيط الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء، وهذا يُجسِّد نجاح تحقيق الإصلاحات الاقتصادية الشاملة على أرض الواقع.
– إنجازات قطاع الطاقة في السعودية بعد مرور ثماني سنوات على انطلاق رؤية المملكة 2030
مع قفزات رؤية المملكة 2030 النوعية والتغيرات الهيكلية وتعزيز الشفافية، أصبح هناك وعي غير مسبوق لدى المواطن، والذي تحوّل من مُتلقٍّ لمعلومات الطاقة إلى مشارك في حواراتها، هذا التحوّل يصب في صالح القطاع حيث إن إعلام الطاقة العالمي لم يعد يلعب الدور الأساسي في بث أجنداته المؤدلجة المغرضة لنتلقّفها بلا مقاومة أو تحليل.
منذ عام 2019 مرت أحداث وتحديات تاريخية يمكن وصفها بأنها أحداث لم تمر على وزارة الطاقة خلال الـ 60 عاماً الماضية منذ إنشاء وزارة النفط والثروة المعدنية في المملكة العربية السعودية عام 1960، استطاع سمو الأمير عبدالعزيز بن سلمان، منذ توليه وزارة الطاقة في 8 سبتمبر 2019 تحقيق إنجازات كبيرة بل تحويل التحديات إلى إنجازات تاريخية:
** تحويل هجمات 14 سبتمبر عام 2019 على مرافق بقيق وخريص النفطية من كوارث إلى إنجازات، بعد عودة الإنتاج في زمن قياسي أذهل العالم، مع استدامة أسعار النفط بغض النظر عن أكبر هجوم على مرافق النفط في التاريخ.
** اتفاقية عودة الإنتاج من المنطقة المقسومة مع الكويت
** إعلان تطوير حقل الجافورة العملاق للغاز
** اتفاقية بدء تنفيذ مشروع الربط الكهربائي مع بعض الدول المجاورة
** قيادة تحالف “أوبك بلس” لأكبر خفض إنتاج في التاريخ
** نجاح المملكة في قيادة مجموعة العشرين أثناء عام الجائحة
أنقذت المملكة الاقتصاد العالمي في أحلك الظروف، بعد قيادة كبار المنتجين داخل منظمة أوبك وخارجها للاتفاق على أكبر خفض لإنتاج النفط في التاريخ، وقرب دخول اتفاقية أوبك+ عامها التاسع على التوالي. قادت المملكة منتجي أوبك+ للاتفاق على أكبر خفض للإنتاج على مدى تاريخ إنتاج النفط بتخفيض 9.7 مليون برميل يومياً لامتصاص أكبر صدمة لانخفاض الطلب على النفط ومشتقاته جرّاء تأثير تفشي فيروس كورونا للاستجابة السريعة لمتغيرات السوق، وتدنّي الطلب العالمي على النفط نتيجة تفشي فيروس كورونا والحاجة إلى احتواء أكبر صدمة على الطلب.
** النجاح التاريخي لطرح أرامكو السعودية، أكبر شركة طاقة متكاملة في العالم
مرور أربع سنوات على طرح أرامكو في نهاية عام 2019
“أرامكو السعودية” كانت من ضمن الملفات التي شملتها إصلاحات الرؤية، وهذا يتعدى المنظور المادي – الذي يعتقده الكثير – بحكم مكانة المملكة كالمُورّد الأعلى موثوقية للنفط والعامل الأساس لاستقرار الاقتصاد العالمي.
بالرغم من الهجوم الإعلامي الخارجي الممنهج ضد طرح شركة “أرامكو السعودية”، والتقييم المُجحف في قيمتها السوقية على مدى ثلاث سنوات قبل الطرح، نجح طرح “أرامكو السعودية” وتحققت هذه الرؤية والاستراتيجية الحكيمة، وبُعد نظر خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله، في المرحلة التي يُعتبر الاكتتاب فيها مناسب، فالموضوع نظرة استراتيجية واعدة قبل أن تكون نظرة استثمارية ربحية.
شُمول إصلاحات الرؤية لطرح جزء يسير من “أرامكو السعودية” جاء في وقت مفصلي تحتاجه الشركة لتأمين مستقبلها؛ لأنها لم تعد منظومة معزولة عن محيطها الخارجي وبعيدة عن الرقابة والتقييم المستمر، وأخيراً فُتح الصندوق الأسود كما وعد سمو ولي العهد.
جاء طرح جزء يسير من شركة “أرامكو السعودية” لضمان ديمومة هذا العملاق بالحيوية والكفاءة المطلوبة، وهذا لا يتحقّق إلا بأن تظهر كشركة تجارية طبيعية، بقوائم مالية مُعلنة، وبقيادة إدارية مُحترفة، تعي تماماً أن هناك من يتابعها بدقة، ومجلس إدارة مُستقل، وجمعية عُمومية تُقيّم وتُتابع.
** “أرامكو” الأعلى ربحية والأقل خسائر أثناء الجائحة
في عام 2020، تعرضت شركات النفط العالمية لخسائر فادحة أثرت في الاستثمار المستقبلي في البنية التحتية؛ كونها خفضت الإنفاق الرأسمالي لعمليات الاستكشاف والتنقيب، لكن الحال لم تكن هكذا بالنسبة إلى “أرامكو السعودية” التي أبقت استثمارات البنى التحتية مستمرة للمشاريع الرئيسة.
مرونة الأداء المالي الاستثنائي عند أرامكو انعكست بوضوح بما يؤكد أن مستثمري “أرامكو” هم الأكثر أماناً ليس في الأوقات الاعتيادية فحسب، بل في الأزمات أيضاً بعدما أثبتت المملكة العربية السعودية أنها استثنائية في الأزمات.
وأظهرت الشركة مرونة مماثلة في التعافي من تأثير جائحة كوفيد-19، الذي كان له انعكاس كارثي على قطاع الطاقة والاقتصاد العالمي. فوسط تقلبات الأسعار الحادة ظل سهمها مستقراً بشكل ملحوظ.
** بناء أكبر مصنع للهيدروجين في العالم في “نيوم”
هذا سيكون أكبر منشأة تجارية في العالم على مستوى المرافق الصناعية تعمل بالطاقة المتجددة لإنتاج الأمونيا، الهيدروجين الأخضر، مصادر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بذلك إنتاج طاقة نظيفة بنسبة 100% لإمداد “نيوم” بالطاقة، ولا يقتصر ذلك على الوصول إلى المستوى الصفري في انبعاثات الكربون، بل يمتد إلى تحقيق اقتصاد دائري.
أيضا من إنجازات الطاقة بعد انطلاق الرؤية:
** واقعية قيادة السعودية للعالم بأطروحات ناجعة لتغير المناخ
عُرفت المملكة دائماً بمواقفها المشرفة، وحلولها الواقعية التي تأخذ في الاعتبار مصالح الجميع، فبخلاف خارطة الطريق المغالطة واللاواقعية نحو الحياد الصفري، التي وضعتها وكالة الطاقة الدولية، ويتبنّاها بعض قادة الدول الصناعية بدون أي واقعية، ومن خلال وضع العوائق أمام جميع مصادر الطاقة الأحفورية، تحركت المملكة العربية السعودية في ميدان التغير المناخي، وخفض الانبعاثات بنموذج متنوع من مصادر الطاقة من النفط والغاز وطاقة الرياح والطاقة الشمسية، وأيضاً الهيدروجين قريباً، حيث لا توجد دولة أخرى عندها كل هذا التنوع في مصادر الطاقة مثل المملكة.
مبادرات السعودية تُطوّر التقنيات لتحقيق الحياد الصفري بحلول 2060 – المبادرة التي أطلقها سمو ولي العهد- تأتي لحماية المناخ والبيئة، والتي لا بد أن تُؤخذ بجدية في مؤتمرات الأمم المتحدة لتغير المناخ.
ففي الوقت الذي جاء فيه مُنظّرو تغير المناخ ومُشيطنو الوقود الأحفوري بطرح قضايا التلوث البيئي، ومعالجة ظاهرة الاحتباس الحراري، بدراسات غير واقعية للحد من الانبعاثات بإطلاق مجرد شعارات لا قيمة لها، قدّمت المملكة مبادرات حقيقية، بدأ أثرها في الظهور في العديد من مناطق المملكة، وحتى قبل إطلاق مبادرة السعودية الخضراء، عبر الاقتصاد الدائري الكربوني، مع الالتزام بضرورة التكيّف مع الاحتياجات المستقبلية المحلية والإقليمية والعالمية للطاقة.
من المملكة تبدأ مرحلة أكثر جديّة في العمل مع المجتمع الدولي لحماية الكوكب ومواجهة التغير المناخي، فقد توّجت ذلك بقمة الشرق الأوسط الأخضر، وكانت باكورة العمل في مكافحة التغير المناخي بالمساهمة في تنقية رئة العالم التي لم يُقدّم أحد حلولاً ناجعة لتنقيتها، بينما جاء منتدى السعودية الخضراء بنسخته الأولى بحزمة من المستهدفات الواقعية.
لقد عرّف المنتدى الاقتصادي العالمي “فقر الطاقة” بأنه عدم القدرة على الوصول إلى خدمات ومنتجات الطاقة الحديثة المستدامة. تركّز المملكة العربية السعودية على أهمية إيجاد حلول واقعية للعمل على مكافحة “فقر الطاقة”، وهذا النهج لا نسمعه من الدول الصناعية الكبرى، وخصوصا تلك التي تحارب الوقود الأحفوري.
مصطلح “فقر الطاقة” يعني النقص في الوصول إلى مصادر الطاقة الكافية والميسورة التكلفة والموثوق بجودتها والآمنة لدعم التنمية. عدم كفاية الطاقة يعني استحالة تنمية الزراعة والتصنيع، وبالتالي إبقاء الدول الأكثر فقراً محاصرة في حلقة مفرغة، مما يساهم في سوء التغذية، والظروف المعيشية غير الصحية، ومحدودية الوصول إلى التعليم والعمل.
تركّز المملكة العربية السعودية على أهمية مكافحة “فقر الطاقة”، وهذا النهج لا نسمعه من الدول الصناعية الكبرى، عدم كفاية الطاقة يعني استحالة تنمية الزراعة والصناعة، وإبقاء الدول الأكثر فقراً محاصرة في حلقة مفرغة من الفقر والجوع.
يتطلب التخلص من الوقود الأحفوري تفكيراً مرناً، وليس نهجاً واحداً يفترض أنه يناسب الجميع، والهدف هو تحقيق التوازن بين التنمية المستدامة واحتياجات كل اقتصاد، في حين أن توحيد الهدف يجب أن يتركز على خفض الانبعاثات وليس القضاء على الوقود الأحفوري. كما أن للدول حق اختيار المنهجية التي تتناسب مع قدراتها ومصالحها، وهذا نهج واقعي لأن لكل دولة ظروفها الخاصة، وما يصلح لدولة قد لا يصلح لأخرى.
الطلب العالمي على النفط ينمو سنوياً بنحو ثلاثة ملايين برميل يومياً ليصل إلى 116 مليون برميل يومياً في عام 2045، مدفوعاً بالنمو السكاني، خصوصاً في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا، الحل إذاً، لا يكمن في التوقف عن استخدام الموارد الهيدروكربونية ومحاربة النفط، بل من خلال تطبيق استراتيجيات وتقنيات تدوير الكربون، بذلك تُقدم المملكة العربية السعودية منهجاً عالمياً للسياسات الدولية فيما يتعلق بجميع الاقتصادات بما فيها النامية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال