الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
استمر علماء الاقتصاد في محاولات عديدة لفهم كيفية عمل الاقتصاد والدورة الاقتصادي، بدأ في العمل مبكرًا أدم سميث في كتابه الشهير ” ثروة الأمم ” والذي تبنى به الاقتصاد الحر وعدم تدخل الحكومة والتبادل التجاري بين الدول والإنتاجية والقيمة التنافسية المطلقة، ولكن لم يبق هذا الكتاب طويلًا حتى تعرض لهجوم عنيف من كارل ماركس بكتابة ” رأس المال: نقد للاقتصاد السياسي ” الذي يعاكس سميث في جوانب عديدة، حيث تبنى ماركس بمدرسته الجديدة التدخل الحكومي التام، وفائض القيمة ونظرية التركيز وغيرها، ليكون من الواضح أن هذه المدرستان تأخذان مسارات متطرفة تمامًا لفهـم الاقتصاد.
يوليو 1912م، بروكلـين، نيويورك، وِلد الأمريكي الذي سوف يغير شكل الاقتصاد تمامًا بعد خمسون عامًا من مولده وتحديدًا 1962م بكتابه ” الرأسمالية والحرية “، ويبني مدرسة شيكاغو للاقتصاد ” عُصبة شيكاغو ” الشهيرة، ويفوز بجائزة نوبل 1976م عن أعماله في الاقتصاد، الحديث عن الجوهرة الأمريكية ميلتون فريدمان.
يُعتبر فريدمان الوهج الذي أخرج المدرسة النقدية الى النور كواحدة من المدارس الفكرية الرائدة التي عملت على تحليل الدورات والسياسات الاقتصادية والتوازن في أسواق المال، حيث ظهرت هذه المدرسة من رحم شيكاغو الأمريكية بقيادته رد على الاقتصاد الكينزي الذي بالغ في مسألة التدخل الحكومي في الاقتصاد. ظهر فريدمـان في وقت كان كينز ورفاقه هم من يتصدرون المشهد العام، حيث كانت نظريتهم تُسيطر على الجانب الأكاديمي والعملي. في السبعينات الميلادية وبعد فترة من التضخم والركود التضخمي وارتفاع أسعار النفط الى مستويات عالية، بدأ يتغير ميزان القوى بالتدريج، حتى أنتصر فريدمان ورِفاقه بسبب الحاجة الى وجود تنظيم للاقتصاد الشامل الذي فشل كينز في إيجـاده. هذا النزاع الطويل جعل من هذا الثنائي الرجال الأعظم في الاقتصاد للقرن العشرين.
في المدرسة النقدية لفريدمان ورفاقـه كان النقطة الأبرز هي كفاءة السوق في تنظيم نفسه ذاتيًا دون تدخل للدولة، على عكس كينز ومدرسته التي تؤيد تدخل الدولة في التنظيم والتصحيح، أنتقد النقديون هذا وقالوا بأن التدخل الحكومي ذاته هو المشكلة الكبرى على عدم الاستقرار الاقتصادي. لنستطيع فهم لماذا انتصر فريدمان ورفاقه على كينز ورفاقه في فترة كان لا سبيل إلى سقوط كينـز ومدرسته، هو فهم الفروقات بين المدرستين الاقتصاديتين، الجدول أدناه يوضحها:
البنـد | المدرسة الكيـنزية | المـدرسة النـقدية |
التحكم بالاقتـصاد | يجب أن تتدخل الحكومة لتعزيز الطلب على السلع والخدمـات | يجب تنظيم الأموال المتداولة في الاقتصـاد بواسـطة البنك المركزي للدولة |
التـضخم | التحكم في أنفاق الدولة للتحكم في الطلب وبالتالي التضخم | التحكم بعرض النقود (طباعة النقود أو أسعار الفائدة) بتخفيضه أو زيادته للسيطرة على التضخم |
البطـالة | التركيز على خفض البطالة أكثر من تخفيض التـضخم | التركيز على خفض التضخم أكثر من تخفيض البطالة |
سبب نقد المدرسة للأخرى | تقول المدرسة الكينزية أن السياسات النقدية التي تقترحها المدرسة النقدية لا تنعكس في الاقتصاد بشكل سريع وتستغرق وقت أطول. | تنتقد المدرسة النقدية المدرسة الكينزية بأن التدخل الحكومي بالأنفاق يؤدي الى زيادة التضخم بمزاحمة القطاع الخاص على الإنفاق والتمويل (البنوك تُفضل إقراض الحكومة بدل من القطاع الخاص وبالتالي الضغط على القطاع) |
والنظرية النقدية بالمختصـر هي تعتمد بشكل قوي على عرض النقود في الاقتصاد، إذا زاد عرض النقود (بطباعة النقود أو بتخفيض الفائدة) فإن النشاط الاقتصادي يرتفع والعكس صحيح. يمكن التحكم في عرض النقود من خلال ثلاث طرق يقوم بها البنـك المركزي للدولة وهي:
كانت النظرية النقدية القائد الأبرز لعملية التوسع الاقتصادي التاريخي للولايات المتحدة مطلع التسعينات الميلادي ولازالت تتصدر المشهد عندما يسقط التدخل الحكومي في التنظيم الاقتصادي وإعادة التوازن ، بكل ظهور لها يعود للأذهان رائدها الأول فريدمـان والرِفاق ” عُصبة شيكاغو “.
اقتباس اقتصادي: ” إذا جعلت الحكومة الفيدرالية مسؤولة عن الصحراء الكبرى، خلال 5 سنوات سيكون هناك نقص في الرمال ” – ميلتون فريدمـان
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال