الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أولاً: إن الاحلام العظيمة لا يمكن أبداً أن نجدها لقيطة على أرصفة الشوارع ، إنها تسكن أبراجاً وتحتاج إلى جهد كبير – فاروق جويدة
منذُ بداية الإعلان عن رؤيتنا الطموحة 2030م أصبحنا نرى قيام جميع المؤسسات الحكومية والخاصة باستخدام مصطلح الحوكمة في أعمالها وإجراءاتها وتعاملاتها بمختلف المجالات ، واصبح لدينا مبادئ أساسية لحوكمة الشركات والمؤسسات المالية وكذلك مبادئ لحوكمة في بعض الإدارات لمالية والتقنية والإدارات المتعلقة بالتدقيق والمراجعة ، وفي الجانب الآخر نجد ضعف في انتشار مبادئ لحوكمة الإدارة القانونية ، ولكون أن هذه الإدارة تمثل جزء رئيسي وأساسي لأي مؤسسة أو منظمة ، ففي حال عدم قيام الإدارة القانونية بأداء مهامها على قدر كبير من المسؤولية والتميز والتطور سوف تتعرض المؤسسة لمشاكل قانونية لا حصر لها ، فقد أصبح لزاماً على المسؤولين بالإدارات القانونية اعتماد مبادئ حوكمة أعمال وإجراءات إداراتهم وإلزام منسوبيهم على التقيد بهذه الحوكمة والتي تساهم في تعزيز الشفافية ورفع كفاءة الأعمال والإجراءات والموظفين بهذه الإدارة ، وأهمية اندماج هذه الحوكمة القانونية مع التقنية الحديثة المستخدمة في مجالات الحوكمة، وتوافقها مع أبرز معايير الحوكمة العالمية ، لتحقيق أكبر قدر من الاستفادة منها.
ومن أبرز مبادئ حوكمة الإدارة القانونية:
الثقة والشفافية والمسؤولية:
ويتمثل هذا المبدأ في أهمية قيام الإدارة القانونية بالحث على الإفصاح عن أهم المعلومات بشكل واضح ومباشر وتطبيق أعلى درجات الالتزام بالقوانين واللوائح والأنظمة الداخلية للمؤسسة في كافة الأعمال والإجراءات، وتحديد مسؤوليات الإدارات الداخلية بها كل إدارة على حدة.
الرؤية الاستراتيجية:
ويتحقق هذا المبدأ بتحديد أهداف استراتيجية واضحة للإدارات الداخلية ومراجعتها بشكل دوري وتقييم الأعمال المنجزة بها والتحقق من تماشيها مع الرؤية الاستراتيجية للإدارة والمؤسسة التابعة لها ، مما يعود بالنفع على المؤسسة بأكملها والمساهمة في تحقيق رؤيتها وأهدافها وتعزيز مصالحها.
إدارة المخاطر والامتثال:
وتعد هذه الإدارة من أهم الإدارات الداخلية بالإدارة القانونية ويجب تفعيلها بشكل واضح ومتطور لتحديد المخاطر القانونية التي تواجه المؤسسة التابعة لها أو يحتمل مواجهتها على المدى القريب ، والمساهمة في تفادي المؤسسة للآثار السلبية القانونية أو التقليل منها ، والتأكد من التزام المؤسسة بكافة إداراتها للقوانين واللوائح المعمول بها في مجالها بشكل قانوني وسليم ، ومكافحة الفساد المالي والإداري بكافة صورة وأشكاله.
الابتكار والتطوير:
في أغلب الإدارات القانونية لم يتم استحداث إدارة متخصصة بالمبادرات القانونية والتشجيع عليها والتحسين من العمليات والخدمات القانونية المقدمة والرفع من مستوى كفاءة الكوادر البشرية القانونية من خلال حث هذه الكوادر على ابتكار حلول قانونية جديدة وفعالة للتحديات القانونية المعقدة التي تواجهها المؤسسة أو المحتمل مواجهتها ، وهذه الإدارة أثبتت التجارب والمعايير العالمية أثرها الملموس في تحقيق التطور السريع في العملية القانونية.
استخدام التكنولوجيا:
وهذا المبدأ سوف يصبح أمراً إلزاميا في المستقبل القريب لما يمثله من تيسير وتسهيل للمهام القانونية والأعمال الروتينية المتكررة بشكل دوري والتي تستنزف الجهد والوقت للعنصر البشري ، ولعل من أبرز الأمثلة على هذه التقنيات الحديثة ( أ- نظام إدارة المخاطر الإلكترونية ERM: وهو نظام يستخدم لإدارة المخاطر وتحليلها وتقييمها وتحديد الأسباب التي قد تساهم في التأثير السلبي على رؤية المؤسسة أو تحقيقها لأهدافها الاستراتيجية ، والعمل على إعداد إجراءات توضح طريقة التعامل معها وتقليل الأثر السلبي لهذه المخاطر أو تفاديها ، مما يساهم في تسهيل عملية اتخاذ القرار المناسب لهذه المخاطر، ومن مزاياه أيضاً تقديم تقارير بشكل دوري عن هذه المخاطر ومراقبتها ومعرفة أداء الاستراتيجيات المقررة في هذه الإدارة. ب-تحليل البيانات : وهذه التقنية تعتمد على استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات والتحسين من عملية اتخاذ القرار . ج- الحوسبة السحابية : من أبرز التقنيات المساهمة في تسهيل عملية الوصول للمعلومة والبيانات القانونية هي الحوسبة السحابية لما تمثله من وصول آمن ومرن للمعلومات القانونية والقدرة على تحسين التعاون والتواصل بين فرق العمل والرفع من مستوى أمن المعلومات والبيانات القانونية والامتثال للتشريعات واللوائح المعمول بها ، وإدارة الملفات القانونية وترتيبها وأرشفتها وتقديم الخدمات القانونية كالاستشارات).
إن هذه المبادئ سوف تساهم في تحقيق أعلى درجات الشفافية والنزاهة ورفع جودة الأعمال والخدمات المقدمة من قبل الإدارة القانونية، ويجب على المختصين بهذه الإدارات العمل على تطوير الكوادر البشري بها من خلال حصولهم على برامج وشهادات مهنية في هذا المجال ، ومن أبرز هذه الشهادات والمعايير التي تثبت تطبيق الإدارة لأعلى درجات الحوكمة في أعمالها وإجراءاتها ، معيار ISO 37301 وهو معيار دولي يُعنى بإدارة المخاطر في مجال مكافحة الفساد والرشوة ويوفر إطار متطور من خلال تنفيذ نظم فعالة في هذا المجال وتقديم إرشادات لتحديد وتقييم المخاطر المحتملة وحلول لمعالجتها وتوضيح أبرز الممارسات التي تم تطبيقها في هذا المجال.
أخيراً: يقول أبو فراس الحمداني:
أيُدرِكُ ما أدرَكتُ إلّا ابن حُرّةٍ
يُمارِسُ في كَسبِ العُلا ما أُمارِسُ
يَضِيقُ مَكانِي عَن سِوايَ لِأنّني
عَلى قُبّةِ المَجدِ المُؤَثّلِ جَالِسُ
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال