الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يُقال (حسب روايات المجالس) أن قصة هذا المَثل الشعبي تحكي عن رجل فيما مضى سمع أن القرية المجاورة لقريته تُقيمُ مأدبة إفطار شهية للعيد أفضل من مأدبةِ قريتهم، فقرر الذهاب باكراً ليملأ بطنه بما لذَّ وطاب من طعام العيد في تلك القرية، لكنه وصل متأخراً فلم يجد فيها ما يسد جوعه، فهرول عائداً على الفور إلى قريته لعله يظفر بما تركه خلفه، لكنه لمّا وصل اكتشف أن أهل قريته قد أكلوا الطعام ولم يبق له سوى الفتات. ومنذ ذلك اليوم بدأ يُطلق هذا المثل على الشخص الذي يحاول أن يضرب عصفوين بحجر واحد فيفشل في صيد الإثنين، وكما قال أحد الشعراء:
غديت مثل معايد القريتيني …….لاصاد خير ولا سلم من ملامه.
في المجتمع الوظيفي عزيزي القارئ يوجد لدينا هذا النوع الذي نسميه “المعايدين”، أو من يطلق عليهم النطاطين أو أصحاب التنقلات الكثيرة بين المنظمات وذلك باختلاف الأسباب والتي منها المنطقي وغير المنطقي، فإن سألت عن سبب الانتقال تأتيك إجابات مثل 🙁 ما تفاهمت مع مديري، البيئة ماعجبتني، أنا في حرب باردة طول الوقت، الرواتب تحت مستوى السوق، ما في مواقف سيارات، ماعندهم بونص نهاية السنة، ماعندهم راتب رمضان، ماعندهم بدل تدريس لعيالي، تأمينهم أبو ريال، سمعة الشركة رايحة فيها، الإدارة ماعندها إلا الضعوي، يوجد تحزبات وتكتلات عنصرية)، وغيرها من التعليلات التي يستخدمها النطاطين ليبرروا أو يمنطقوا ضرورة تنقلاتهم الكثيرة.
وأعلم عزيزي القارئ أني لست هنا انتقد ذلك الذي يلتقط الفرص الذهبية ذات المزايا الأفضل فينتقل إلى مكان يجد فيه التطوير والنمو الوظيفي والفارق الجيد على المستوى المهني والمادي، وإنما أعني هنا أولئك الذين يُسرفون ويبالغون في التنقل لعدة مرات خلال فترات قصيرة (سنة أو سنتين) لأسباب تكون أحياناً تافهة.
بالرغم من وجود العديد من المميزات للانتقال المعتدل مثل تحسين الوضع المادي، تنويع الخبرات، توسيع شبكة العلاقات الاجتماعية، الاطلاع على ثقافات متنوعة، إلا أن هناك أيضاً سلبيات للانتقال على مستوى الفرد والمنظمة.
أبرز تلك السلبيات من ناحية المنظمة هي التكاليف المالية العالية المرتبطة باستقطاب وتدريب الموظفين الجدد، وفقدان الخبرات والمعرفة التي يأخذها الأفراد معهم عند مغادرتهم. كما يمكن أن يؤدي تنقل الموظفين إلى تقليل الولاء والالتزام تجاه المنظمة، مما يؤثر سلبًا على ثقافة العمل والروح المعنوية للفريق. أما على مستوى الفرد فيمكن أن يسبب تنقل الموظفين بين المنظمات بشكل مستمر إلى تشويه التاريخ المهني في السيرة الذاتية، مما يضع ذلك المرشح في موضع الشك في قدراته وإمكانياته المهنية والشخصية أحياناً وقد يكون كمن جنى على نفسه بهذه الخطوات غير المدروسة، في هذا السياق يقول جورج ستيغمان، مدير إدارة شركة كيندي للبحوث والتوظيف: “إن إدراج وظيفتين قصيرتي الأجل في السيرة الذاتية أمر مناسب، لكن إدارج قائمة بوظائف كثيرة من هذا النوع ينطوي على بعض المخاطر”.
ويضيف :”(بوصفنا شركة توظيف) فنحن نبني صورة للمستقبل بناء على ما تحقق في الماضي. فإن كان المرشح للوظيفة لم يقض أكثر من ستة أشهر في أي من الوظائف الثلاثة الأخيرة، فلماذا سيقضي فترة أطول في هذه الوظيفة الجديدة؟”
كن فطناً فهكذا تفكر المنظمات.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال