الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في بعض المجتمعات يعتبر التفكير بغير السائد المعتاد لأزمنة طويلة مدعاة للإقصاء او تجريم من يفعل ذلك بدرجات متفاوتة، حدث ذلك كثيرا، ونعرف كثيرا من قصص الافراد والمجتمعات التي تحكي هذه المفارقة.
في عالم المال والاعمال يعتبر التفكير بغير السائد هو مفتاح صناعة الثروة، او الانطلاق الى صناعتها على الأقل، وهنا أيضا نعرف كثيرا من القصص ابتداء ممن فكر او ابتكر في مشبك تثبيت الورق، والورق الأصفر اللاصق، وليس انتهاء بعد انتهاء حقبة الورق بمن فكر او ابتكر الموصلات والرقائق الالكترونية وشاشات اللمس.
ترى من منا سيفكر في غير السائد اعتمادا على بعض المؤشرات التي يراها، و حتى ايمانا بفكرة انبثقت ذات صفو ذهني او مزاجي، من سيفكر في ذلك من ناحية تجارية او اقتصادية؟
في أواخر شهر مارس الماضي واوائل ابريل الجاري شهدت معظم مناطق المملكة ولله الحمد امطارا غزيرة، وشهدت بعض المناطق زخات من البرد، وبعضها اكثر من مجرد “زخات” حيث غطى البرد والثلوج مساحات واسعة، وجرت اودية كثيرة محملة بالبرد، وكان منظر البياض سارا للجميع لأنه يبشر – بأمر الله – بارتواء الأرض واخضرارها وزيادة المراعي وباختصار انه يحكي قصة انسان هذه الأرض مع بيئته ومع الماء.
خطر للبعض التساؤل: ماذا لو استمر نزول البرد لعدة أيام؟ ماذا لو تغطت المزارع والشوارع بالبياض لفترة أطول؟ ما هي الآثار المتوقعة على الإنتاج الزراعي والحيواني؟ وعلى المواصلات والنقل، نقل الغذاء والمحاصيل والبشر والبيض والدجاج والحواشي والاغنام ؟
ما هي المنتجات او الأفكار التي قد يتفتق عنها ذهن اهل القرى، والبادية، والمزارعون، ومن يعملون في قطاع الرحلات البرية ومستلزماتها؟ ما هي السلع والخدمات التي سيزداد الطلب عليها لو استمر هذا التغير المناخي الحميد وبتنا في قادم السنوات نرى البياض لأسابيع واشهر؟
حسنا، ماذا لو انتقلت هذه الثلوج للمدن، وتغطت الشوارع بالبرد او الثلوج لعدة أيام او أسابيع في فترات متقطعة من السنة؟ ما هي المنتجات والسلع التي سينفجر الطلب عليها؟ احذية العزل او التي تسمى المعزولة؟، الإطارات الثلجية؟، سلاسل الإطارات التي تمنعها من الانزلاق؟ ماذا سيفعل المطورون العقاريون؟ يجب ان يبدأوا في تصميم بعض المنازل بأسقف القرميد المائلة، وان يرصفوا شوارع المخططات بالأسفلت الخشن بدلا من الناعم، او بالبلاط الصخري الخشن، وعلى ذلك قس، أيضا ماذا ستفعل الامانات والبلديات ؟
قد تبدو الفكرة سينمائية نوعا ما، او هي من الخيال، نعم هي كذلك لكنها ليست مستحيلة الحدوث، ومن يقرأ المستقبل او يستحث الطلب الكامن قد يكون صانع الثروة الجديد، ليس فيما يتعلق بالمناخ الذي ذهبت بالتفكير فيه بعيدا – لكن ليس بعيدا جدا -، انما في كل شيء وكل مجال في حياة البشر وبيئتهم اللتان تتغيران باستمرار.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال