الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أولاً: من سقوط الهمة ان ترتبط الآمال بالتافه من الأحوال – محمد الغزالي.
مع التطور المتزايد للتقنيات الحديثة بمختلف أشكالها ومسمياتها واعتماد المؤسسات الحكومية والخاصة عليها في مختلف أعمالها وإجراءاتها اليومية، في حين أننا نجد أن نسبة كبيرة من الإدارات القانونية لم تستغل هذه التقنيات المتطورة في إنجاز أعمالها وتطوير خدماتها ، مما أدى إلى ظهور مشاكل قانونية تواجهه هذه الإدارات ومؤسساتها ، وأصبح لقصور الجانب القانوني في إدخال استخدام هذه التقنيات الحديثة أثر ملموس على أعماله اليومية بمختلف مجالاتها ، ولعل أبرز المشاكل التي لها أثر كبير على المؤسسات الحكومية أو الخاصة هي إقتصار الإدارات القانونية في تقديم خدماتها بأسلوب تقليدي بحت والذي يكون من خلال الكوادر البشرية وعدم إدخالها للتقنية الحديثة في تقديمها للخدمات وإنجاز الأعمال وهذا الامر أدى إلى تأخر الكادر القانوني عن مواكبة الركب الوطني الحديث والذي جعل من التقنيات الحديثة جزءً كبير من أعماله اليومية وأثمر هذا على تطوير الأعمال وتخفيف الضغط الكبير على العنصر البشري ، ومن أبرز هذه الإشكاليات التي تقع بها تلك الإدارات القانونية التقليدية ما يلي:
نجد أن في أغلب الإدارات القانونية أن إدارة القضية تكون من شخصين على الأغلب إذا لم يكون من شخص واحد وتبرير ذلك ضغط العمل وكثرة القضايا وقلة العنصر البشري بمقابل عدد القضايا المرفوعة على المؤسسات بكافة أوصافها، فإن أيدنا هذا القول فسوف نرى من يعارضه من أشقائنا في الموارد البشرية والمالية لأسبابهم الخاصة والمنطقية، فلا نجد أمامنا سوى الاعتماد على التقنية الحديثة في إدارة القضايا وتمكّين الموظفين من استخدامها والاستفادة منها ، والأمثلة على هذه التطبيقات كثيرة في هذا المجال والشركات التقنية أنشأت برامج وتقنيات عديدة مميزات مختلفة تساهم في إدارة القضية بشكل قانوني سليم وتقلل أثر المخاطر البشرية في إدارة هذه القضايا وخسارتها ، فمجرد إغفال المختص بإدارة القضية عن مستند نظام أو تفسيره الخاطئ للواقعة أو نسيانه لأمر يجعله يكسب الحكم لصالح المؤسسة التي يتبع لها يكون قد ساهم في خسارة المؤسسة لحق لها. وبالإضافة للمرونة الكبيرة في الأرشفة الرقمية للقضايا والأحداث الواقعة بكل جلساتها وتقديم تقارير دورية عنها لمجلس الإدارة أو المسؤولين بتلك المؤسسة.
أثمر وجود منصة اعتماد على تخفيف الأخطاء البشرية في مجال المشتريات وصياغة العقود، الأمر الذي جعل المختصين بهذه الإدارات الاهتمام في جوانب أخرى لكون أن المنصة قد أصبحت تلعب دور كبير وجوهري في إدارة المنافسة والتعامل بين الجهة الحكومية والمتعاقد، ولكن الأمر لم ينتهي إلى هذا الحد بل يجب على المختصين بإدارة العقود والمشتريات العمل على إدخال التقنية الحديثة في إجراءاتهم وأعمالهم فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد أخطاء كبيرة في مجال صياغة الغرامات وهل هذه المنافسة غرامتها تأخير أم تقصير ؟ ونجد تهاون في إعداد جداول الكميات وعدم وضوحها واختلاف المعيار القياسي بين الجهة والمتعاقد، ومن وجهة نظري أرى أن إدخال التقنية الحديثة في هذا المجال سيساهم بشكل كبير في تقليل المخاطر التي قد تقع من العنصر البشري ويطور أعمال هذه الإدارات فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد أن هناك شركات تقنية ظهرت لنا ببرامج تعتمد على تقنية الذكاء الاصطناعي في مجال ترتيب وتنظيم العقود والعلاقة مع المتعاقدين وتزويد المختصين بالمشتريات أو العقود بتنبيهات دوريه على كل عقد يتم إتمامه مع المتعاقد من ناحية التطور بهذه المنافسة وإلتزام المتعاقد بجدول الكميات وتأخيره في تسليم الكميات المطلوبة على الوقت المتفق عليه ، واقتراب انتهاء العقد أو بدء إحدى مراحله، والأهم الأرشفة الرقمية لهذه العقود وما طرأ عليها من غرامات أو أعمال إضافية أو تمديدات وغيرها بشكل سهل وميسر ويساهم في تسهيل أعمال إدارة القضايا في حال تقديم المتعاقد لقضية على المؤسسة الحكومية ومطالبته بالتعويض، فإن ذلك يساهم في توفير الجهد والوقت وتطوير الأعمال ،الأهم من ذلك في ظل وجود تقنيات تساهم في تسهيل الأعمال.
من المبادئ الأساسية لصياغة التشريعات هو الاطلاع على التشريعات الدولية السابقة في نفس مجال هذا التشريع وتحليل تلك التشريعات الدولية السابقة ودراستها ومعرفة آثارها الإيجابية والسلبية، فيتم معرفة أسباب نجاحها والاستفادة منها وأسباب القصور الذي وجد فيها وتفاديها ومن خلال تجربة سابقة لي في المشاركة صياغة وإعداد إحدى التشريعات أرى أن من أهم أسباب تأخر صدور التشريعات هو الأسلوب التقليدي المعتمد عليه وجبال الأوراق التي يتم قرأتها وتفنيدها وتحليلها واستخراج المميز منها وحذف السيئ ، فحين نستبدل هذا الأسلوب التقليدي لأسلوب يعتمد على قيام التقنية الحديثة بدراسات وتحليل التشريعات في مختلف الدول واستخراج ما نصت عليه الدول في كافة أبواب التشريع وتحليل الآثار التي ترتبت على كل تشريع من كافة النواحي الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والعالمية كذلك فسيتم على أثر ذلك توفر الجهد والوقت الكبير في إعداد مواد قانونية بشكل سريع وميسر والاستفادة من أخطاء الغير وعدم الوقوع فيها، وهذا الأمر ينطبق أيضا على جلب أفضل البحوث التي قامت بدراسة وتحليل إحدى الظواهر أو المشاكل التي سوف يعالجها هذا التشريع.
قد يقول البعض أن نسبة كبيرة من المؤسسات بمختلف اوصافها تفصل الإدارة القانونية عن المخاطر والإلتزام وهذا الأمر لا ضير فيه، فذكر هذه الإدارة هو لمجرد تبيين أهمية إدخالها لتقنية الحديثة والذكاء الاصطناعي بالأخص في مجال أعمالها وإجراءاتها ، فهذه الإدارة تحمل أهمية كبيرة في تفادي المؤسسة التي تتبع لها من الوقوع في مشاكل قانونية على مستويات كبيرة قد تؤثر على استمرار الشركة أو اختراقها وتسريب بياناتها والعبث في معلوماتها الداخلية وبالأخص المالية منها، وصدور التشريعات الحديثة المعنية في التعاملات الالكترونية بمختلف الدول وحجم التجارة الالكترونية الكبير في المنطقة أمر يتطلب معه رفع مستوى الالتزام والمخاطر واستخدامها لتقنية الذكاء الاصطناعي في مختلف اعمالها لضمان التزام المؤسسة والعاملين بها على القوانين والسياسات الداخلية وتنفيذ الإجراءات اللازمة وإعداد التقييمات بشكل دوري ومراقبة امتثالهم لها، فسوف يساهم الذكاء الاصطناعي في تسريع وتيرة الاعمال وتطويرها وإضفاء المرونة عليها، وعلى سبيل المثال يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في اكتشاف وتحليل المخاطر الناشئة في المؤسسة بشكل استباقي والتعاون المباشر بين الأقسام لإجراء الوقاية من المخاطر، وكذلك المساهمة في دقة اتخاذ القرارات وسرعة تزويد مجلس الإدارة واللجان المختصة بالتقارير الدورية عن إلتزام المؤسسة بالسياسات والاستراتيجيات الداخلية لها، ونرى ظهور بعض التطبيقات المتعلقة في مجال إدارة المخاطر كالامتثال التنظيمي، والتطبيقات المتعلقة بالكشف عن جرائم القطاع المالي ومخاطر الائتمان، ومخاطر الامن السيبراني.
إن تطور الإدارات القانونية في المؤسسة بمختلف أوصافها هو بمثابة صمام الأمان للمؤسسة وتقدمها في الركب الوطني والعالمية وتسهيلها لأعمالها والاستفادة من جهود البشرية في أمور أخرى تغفل عنها بسبب حجم الضغط الهائل عليها وعدم قيامها بوضع حلول تقنية لذلك وإن التأخر في إدخال التقنية الحديثة في هذه الإدارات بالأخص سيساهم في تأخير وبطء تحقيق المؤسسة لأهدافها ورؤيتنا الطموحة 2030م.
أخيراً: يقول مهيار الديلمي:
ما المجدُ إلا بالعزيمة فاعزِمِ
من لم يغامر لم يفز بالمغنمِ
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال