الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
التحكيم وسيلة من أقدم وسائل فض المنازعات بين أطراف الخصومة، وقد أصبح من المبادئ الراسخة اللجوء إلى التحكيم في العقود، ولكن الأمر مغاير نوعاً ما في العقود الإدارية إذ تعددت الآراء والاتجاهات بين معارض ومؤيد.
حينما نلقي نظرة إلى التطور التاريخي للتحكيم في المملكة العربية السعودية نجد أن هناك نقطة تحول أدت إلى حدوث تغيير في اتجاه المملكة بسبب القضية الشهيرة لشركة الزيت العربية السعودية ( أرامكو) والذي كان مسماها في ذلك الحين ستاندرد أويل أوف كالفورنيا(سوكال) حيث إنه بعد خسارة القضية تغير موقف المملكة بشأن جوازيه اللجوء إلى التحكيم ويؤكد ذلك صدور قرار مجلس الوزراء رقم(85) وتاريخ 1383هـ القاضي بمنع الحكومة السعودية وأجهزتها من إحالة أي نزاع للتحكيم لكنه استثنى من ذلك اتفاقيات الامتياز التي يكون للملكة مصالح حيوية فيها.
كما تجدر الإشارة أنه في عام 1403هـ، صدر أول نظام للتحكيم في المملكة وجاء في نص المادة الثالثة منه أنه” لا يجوز للجهات الحكومية اللجوء للتحكيم لفض مُنازعاتها مع الآخرين إلا بعد موافقة رئيس مجلس الوزراء. ويجوز بقرار من مجلس الوزراء تعديل هذا الحُكم” ومفاد ذلك أن الطريقة النظامية الوحيدة التي تخول الجهات الحكومية باللجوء للتحكيم هي أخذ الموافقة المسبقة من رئيس مجلس الوزراء.
ولقد شهدت البيئة التنظيمية في المملكة تطوراً ملحوظاً بعد صدور المرسوم الملكي رقم(م/34) بتاريخ 24/5/1433هـ القاضي بالموافقة على نظام التحكيم بحلته الجديدة والذي حل محل النظام السابق السالف بيانه حيث نصت الفقرة (2) من المادة العاشرة منه أنه ” لا يجوز للجهات الحكومية الاتفاق على التحكيم إلا بعد موافقة رئيس مجلس الوزراء، ما لم يرد نص نظامي خاص يجيز ذلك”. ويلاحظ أن المنظم السعودي ذهب إلى اتجاه موسع فيما يتعلق بتحكيم العقود الإدارية ويتمثل ذلك في أنه لم يكتف بالطريقة الوحيدة التي سبق بيانها في النظام السابق بل أضاف طريقة أخرى ونص بجوازيه لجوء الجهات الحكومية للتحكيم في حال ورود نص نظامي خاص، وعلى سبيل المثال هناك أنظمة أعطت الجهة الحكومية الحق في اللجوء للتحكيم مباشرة دون أخذ موافقة مسبقة من رئيس مجلس الوزراء مثل نظام الاستثمار التعديني الصادر بالمرسوم الملكي رقم(م/47) وتاريخ 20/8م1425هـ، ونظام الكهرباء الصادر بالمرسوم الملكي رقم(م/56) وتاريخ 20/10/1426هـ.
من الجدير ذكره ما نص عليه نظام المنافسات والمشتريات الحكومية الصادر بالمرسوم الملكي رقم(م/128) وتاريخ 13/11/1440هـ، في الفقرة (2) من المادة الثانية والتسعون أنه” للجهات الحكومية -بعد موافقة الوزير- الاتفاق على التحكيم وفق ما توضحه اللائحة” وهذا يدل على توجه المنظم السعودي إلى إتاحة التحكيم في العقود الإدارية وفق ضوابط محددة بهدف ضبط عملية اللجوء للتحكيم.
وخلاصة القول إن الأصل عدم جواز لجوء الجهات الحكومية للتحكيم كوسيلة لفض المنازعات، ولكن توجد استثناءات تمكنها من ذلك ذكرها المنظم السعودي على سبيل الحصر وهي الحصول موافقة رئيس مجلس الوزراء أو جود نص نظامي خاص يجيز ذلك.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال