الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
إن التنمية المستدامة هي الهدف الأساس لكل الأنظمة السياسية إذ أن هدفها هو توفير الاحتياجات الأساسية من خدمات صحية وبرامج تعليمية متكاملة من المراحل الأولية إلى المراحل العليا وأن اكتساب وتطوير معارف ومهارات وقدرات الأفراد من أجل المساهمة الحقيقية في استدامة التنمية بكل أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.
ومع بداية القرن الحادي والعشرين، أصبحت التنمية المستدامة مؤشر رئيس لاستمرار البشرية، وتحتل أبعادها المختلفة أولوية في معظم جداول أعمال الدول التي تعمل من أجل إصلاح مجتمعاتها وتطويرها.
والتنمية المستدامة عملية مجتمعية واعية ودائمة موجهة وفق إرادة وطنية مستقلة من أجل إيجاد تحولات هيكلية وإحداث تغيرات سياسية واجتماعية واقتصادية تسمح بتحقيق نمو مطرد لقدرات المجتمع، وتحسين مستمر لنوعية الحياة فيه.
والتنمية المستدامة عملية مستمرة محورها الإنسان باعتباره الكائن الاجتماعي الذي يعيش في البيئة ويتفاعل مع مكوناتها، وإن كل ما في البيئة من موارد مسخر للإنسان؛ لذلك يجب على الإنسان استثمار هذه الموارد استثماراً أمثل مراعياً حاجة الأجيال الحالية والمستقبلية.
وأصبح الاهتمام برأس المال البشري بكل فئاته ومكوناته ضرورة لتوفير المهارات والقدرات الصحية والتعليمية للجميع، والذي يؤهلها للمشاركة في العملية الاقتصادية والاجتماعية، هذا فـــــــضلاً عن تطوير رأس المال المجتمعي عــــلى أسس حسن الإدارة والإنصاف والعدالة في التوزيع والمشاركة في اتخاذ القرار.
وتعد الإدارة هي المنطلق لهذه التنمية، حيث تستهدف إحداث تغييرات تمس الجوهر الداخلي للمنظمة وصولاً إليها، وأشار بيتر داكر بأن الإدارة الجيدة تسبق التنمية، حيث قال (يمكن القول بدون مبالغة بأنه ليست هناك منظمات مختلفة، بل هناك منظمات مختلفة إدارياً)، فالإدارة هي المحرك الأساسي، والتنمية شيء مشتق من هذا المحرك؛ لذا لابد من بناء المقدرة الإدارية في إدارة المنظمات الحكومية والذي يشكل أصعب التحديات التي تواجهها هذه المنظمات في تقديم خدماتها وهي تعيش عصراً يشهد فيه هذا العالم تغيرات سريعة ومتلاحقة في شتى مناحي الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية؛ لأن هذه العملية وبما فيها الاقتصاد مرهونة بإحداث تطوير جذري في كفاءة وفاعلية الإدارة، لذا زاد الاهتمام بمراجعة وتطوير نهج وممارسات الإدارة للمنظمات الحكومية للاستفادة من تقنيات وأدوات المتغيرات الدولية لمواكبة المستجدات الجديدة بأداء فعال لهذه المنظمات لتعمل على تحقيق التنمية الإدارية المسؤولة كونها أحد الأذرع المهمة للتنمية الشاملة والمستدامة.
ومن الصفات الأساسية التي يتصف بها علم الإدارة وتطبيقاته المختلفة في كافة ميادين الحياة هي الديناميكية والحركية وسرعة الاستجابة للتطور والتقدم العلمي وبما يتماشى مع التغيرات الحاصلة في البيئات السياسية والاجتماعية والثقافية؛ مما يتطلب تحديث الأنظمة والهياكل الإدارية وأساليبها وأدوات وتقنيات عملها؛ من أجل رفع وتحسين مستوى كفاءة الأجهزة العامة للإدارة وتدعيم قدراتها على الوفاء برسالتها الأساسية لتحقيق النهضة التنموية، والتخفيف مع التعقيدات المكتبية وتهيئة المناخ الإداري الملائم لإنجاز خطط التنمية المختلفة.
ونظرا لأهمية الإدارة في تهيئة بيئة مواتية لتعزيز النمو الاقتصادي والتماسك الاجتماعي وحماية البيئة، وهذه ركائز التنمية المستدامة الثلاثة التي تجسدها الأهداف الإنمائية للألفية، فإن إحداث تحول في الإدارة هي خطوة إيجابية وضرورية من أجل التقدم نحو الأمام.
والإدارة أداة ووسيلة فعالة ضرورية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، فهي تحتاج إلى جهود الإداريين لتحديد الاحتياجات والمشكلات، وتحتاج إلى الإداريين في وضع السياسات وتصميم البرامج والمشروعات، وتحتاج إلى الإداريين في التخطيط للتنمية، وتحتاج إلى الإداريين في تقديم الخدمات، وتحتاج إلى الإداريين في إدارة مؤسسات التنمية، فقوام التنمية المستدامة هو الإدارة الرشيدة، ونجاح الإدارة يضمن نجاح التنمية المستدامة في تحقيق أهدافها.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال