الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الاودية تمثل شرايين الأرض في جبالها وتلالها وسهولها تشكل في أبها صورها الانهار وشبه دائمة الجريان ونادرة الجريان جعلها الله وسيلة لنقل مياه الأمطار والثلوج الذائبة من المناطق المرتفعة للأقل إرتفاعاً مروراً بالسطحية أو المؤدية للبحار .
كلما أمتدت هذه الشرايين عبر الارض الخصبة كلما أغدقت وأينعت وآتت أكلها. وينتج عن المياه التي تنقلها ازدهار الغابات والمراعي والنباتات الحولية والدائمة وينعكس ذلك على ازدهار الحياة النباتية والحيوانية وتشكل هذه المياه مصادر لانتاج الغذاء بكل أصنافه . قال تعالى: ﴿وَتَرَى الأَرضَ هامِدَةً فَإِذا أَنزَلنا عَلَيهَا الماءَ اهتَزَّت وَرَبَت وَأَنبَتَت مِن كُلِّ زَوجٍ بَهيجٍ﴾ [الحج: ٥]
تضيف الانهار والأودية دائمة الجريان أيضاً أبعاد سياحية وترفيهية في المناطق التي تمر بها وتكون المياه فيها أكثر استقراراً وتكون بحيرات مما يمكن من الاستفادة منها في إنشاء الجلسات والاطلالات الجميلة والمرافق السياحية والألعاب المائية الذي ايضا يحقق اهداف اجتماعية ونفسية واقتصادية .
من الملاحظ في السنوات الأخيرة كثرة الأمطار على جزيرتنا العربية ولله الحمد والمنة ومنه الفضل وحده سبحانه، فلم تعتد دول مثل عمان والإمارات ودول الخليج العربي هذا التغير في كميات الأمطار وتكون المنخفضات الجوية التي يصاحبها أمطار غزيرة ولفترات طويلة وتختفي معها أو تكاد المواسم المعهودة، هذا التغير يحتم علينا ونحن بأمس الحاجة لحفظ المياه ونكثر التحذير من عدم الإسراف فيه بل ونحد من الانشطة الزراعية الاساسية حفاظاً عليه أن نجتهد في حفظ هذه المصادر من المياه التي تتجه للبحار او تبتلعها رمال الدهناء بشتى الوسائل والطرق كلما امكن ذلك.
لا شك أن افضل وسيلة لأدارة الاودية وحصاد مياه الأمطار هي انشاء السدود المناسبة.
والسدود تنشأ لاغراض عديدة منها ما هو للشرب او الري للمناطق الزراعية ويكون أكثر كفاءة أذًا ربط معه شبكة ريّ لأيصال الماء للمزارع والاستفادة منها مباشرة ومن السدود ما يكون للتحكم لدرء مخاطر جريانها على المدن والقرى ولتغذية مخزون المياه في طبقات الأرض للاستعاضة ومنها ما يستخدم لغرض انشاء محطات تنقية وتحلية أقل كلفة من تحلية مياه البحر ومنها ما يستخدم لانتاج الكهرباء، ومنها ما يتم فيه تربية الأسماك والأحياء المائية وغير ذلك من الاغراض .
ولا شك ايضا ان بناء السدود مشاريع مكلفة ولإنشائها اسس ومعايير فنية واقتصادية لابد أن تؤخذ في الاعتبار.
من أقدم السدود الأثرية في السعودية سد البنت ويقع في وادي الغرس، بالقرب من قرية الثمد، بخيبر الأثرية ويُرجح أنه بُني في زمن مملكة سبأ، أي قبل 3,000 عام، وهو في شكله شبيه بسد مأرب في اليمن .
ويوجد بالمملكة نحو من 564 سدًا، بإجمالي طاقتها التخزينية نحو 2.6 مليار م3، وموزعة على كافة المناطق، وأكثرها شُيد فوق الدرع العربي، قبل أكثر من ثلاثين وعلى وجه التقريب في المناطق الجبلية الوعرة، وتتوزع على النحو التالي: عسير 117 سدًا، الرياض 103، مكة المكرمة 57، الباحة 48، حائل 46، المدينة المنورة 41، نجران 27، القصيم 18، تبوك 16، جازان 13، الحدود الشمالية 11، الجوف 10.
بينما أقدم سد أنشىء بالطرق الحديثة تم إنشاؤه في السعودية سد وادي عكرمة سنة 1376 في الطائف،
أما أعلى السدود أرتفاعاً في السعودية فهي كما يلي: سد وادي بيش بـ جازان 106م، سد الملك فهد بـ بيشة 103م، سد وادي حلي بمنطقة مكة المكرمة 95م، سد وادي رابغ 80.5م، سد الليث 79.5م، سد المضيق بـ نجران 73م، سد ليا بمنطقة مكة المكرمة 40م.
أما أكبر السدود من حيث السعة التخزينية: سد الملك فهد ببيشة بسعة 325000 مليون م3.
يليه سد وادي حلي بمكة المكرمة 249860 مليون م3، سد وادي رابغ 220250 مليون م3، سد وادي بيش 193644 مليون م3، سد الليث 88570 مليون م3.
سد المضيق بنجران 86000 مليون م3، سد جازان 51000 مليون م3، سد قاع حظوظا بالمدينة 40000 مليون م3.
ولا نزال نحتاج المزيد من هذه المشاريع لحفظ اكبر قدر من المياه التي تتجه للبحار او الكثبان الرملية .
وكشف وزير البيئة والمياه والزراعة عبدالرحمن الفضلي في كلمة المملكة خلال تدشين النسخة العربية من التقرير العالمي لتنمية المياه بالتزامن مع أسبوع القاهرة للمياه، ٢٠٢٤م أن السعودية شرعت في إجراء دراسات إنشاء (1000) سد إضافي في المملكة ، ولا شك أن هذا المشروع العملاق حال تنفيذه سيكون للمياه بالمملكة شأن آخر من حيث الوفرة ومنح المملكة الامكانيات المائية اللازمة للاكتفاء الذاتي من الغذاء . ويدرك الجميع أن حجم الاستثمارات والوقت اللازم لتنفيذ هذه المشاريع يكون كبير وطويل جداً ، وهناك وسائل وطرق قد تكون مثلى لادارة الاودية ايضا واقل كلفة وربما أكثر جدوى في الاودية المنحدرة بقوة من السلاسل الجبلية وهي بناء مصدات مدرجة في الاودية من مواد هذه الجبال الحجرية لا ترتفع كثيراً عن مناسيب هذه الاودية أو تعيق جريانها وتؤدي هذه المصدات لتكوين بحيرات خلفها وتفيض مياه الاودية لتتجاوزها لمصدات اخرى فتمتص سرعة التدفقات لجريان المياه وتخزن المياه في هذه الاودية في مناطق قد تمد لعشرات او مئات الكيلومترات فتستفيد منها الحياة والاحياء البرية وتكون موارد للقاطنين على ضفافها وقريب منها. ويمكن زراعة الاشجار الحرجية على ضفافها ، هذه الطريقة مطبقة منذ عدة سنوات في دول امكانياتها محدودة وفعالة جداً وأثرها على تغذية المخزون الارضي والمياه السطحية والجوفية أكثر كفاءة من بعض السدود الضخمة. كما أن السدود ايضا تحتاج لادارة وازالة الطمي والرواسب في احواض التخزين خلف السد بين الحين والآخر وإلا فقدت جدواها في تغذية طبقات الارض واصبحت بحيرات تجفيف للمياه .
أن دراسة جغرافية مجاري الاودية وتفرعاتها وامكانية تحويل جريانها لمناطق لا تؤدي للبحار او الكثبان قدر الإمكان موضوع جدير بالعناية لدينا ، أودية في تهامة أشبه ما تكون بأنهار من كثرة جريانها واتساعها وحجم هائل من المياه فيها تؤدي للأسف إلى البحر ماذا لو تم التدخل في تعديل مساراتها من خلال مشاريع تعديل مسار بطرق فنية تحقق ذلك على الاقل للتقليل من هدر مياهها، لدينا وادي ضخم (وادي الرمه) ممتد من جبال المدينة وينتهي في العراق لما يزيد عن الف كيلومتر تبتلع مياهه نفود الثويرات سنوياً بملايين الأمتار المكعبة من المياه ! وادي بيش، ووادي حلي ووادي جيزان ما يذهب إلى البحر منه أكثر مما تحجز السدود الحالية ! وغيرها ماذا لو تم تحويل بعض فروعها لمناطق زراعية ومنخفضات لتتشكل بحيرات عذبة ؟! تمكث فيها المياه وتتحول لمرافق سياحية وتغذي طبقات المياه السطحية الأكثر خصوبة لاغراض الزراعة. ومن المقترحات ايضا تبطين بعض هذه المنخفضات في الاودية بفلاتر بلاستيكيّة من مادة HDPE متعددة درجات النفاذية بحيث تصرف المياه إلى طبقات الارض تدريجياً وتساعد على تكوين بحيرات صناعيّة. لقد لفت انتباهي وادي المشقر في المجمعة والذي كون في احد منخفضاته بحيرة طبيعية استفاد منها المواطنين بالتنزه حولها بل وجلبت لها القوارب الترفيهية والدبابات المائية مما أضفى جو بحري بوسط صحراء المملكة وهذا ما نصبوا إليه في معظم اودية المملكة .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال